النهار
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 03:33 صـ 19 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
إنتحار ناجية إسرائيلية من أحداث السابع من اكتوبر في عيد ميلادها الـ 22 مصير حكام نهائي السوبر المصري بين الأهلي والزمالك.. مصريين أم أجانب؟ بشرى: إحنا متأخرين سينمائيًا ومحتاجين وقفة هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ عضو الرابطة يكشف هل سيبحث بوتين مع جوتيرش جهود احلال السلام في اوكرانيا علي هامش البريكس تجديد عضوية وزارة التربية والتعليم في مركز ”اليونسكو – يونيفوك” حتى عام 2027 إيقاد شعلة النصر بمناسبة الذكري (51) لإنتصارات شعب السويس في 24 أكتوبر1973 فريق ميت غراب المصري يحصد المركز الثاني في البطولة العربية للأندية أبطال الدوري للميني فوتبول بليبيا فريق مهرجان البحر الاحمر السينمائي يقوم بزيارة جامعة عفت لتوعية الطلاب بدور الفن في المملكة قطع التيار الكهربائي لمدة 4ساعات بمناطق بحي الجناين بسبب أعمال الصيانة المنتج طارق الجنايني يكشف دور عمرو دياب في مسلسل ”حالة خاصة” تريزيجيه يشارك في خسارة الريان أمام أهلي جدة بدوري أبطال آسيا للنخبة

ثقافة

الأقصى في الثقافة الفلسطينية.. إدورد سعيد رؤية مغايرة وحلول

إدورد سعيد
إدورد سعيد

حتى عندما يهاجر الفلسطيني من وطنه الا انه يحمله بداخله، همومه وطموحاته، تتحول ذاكرته لتأريخ رصده عياناً بياناً، ما يعبر عنه بمصطلح "سيكولوجية المكان"، وبيان حضوره وطغيانه على الشخصية الفلسطينية، حتى وان كان يحمل صفه المهاجر وراثياً من جهه عائلته.

المفكر الفلسطيني حتى وان غابت قضية وطنه كلفظ يصرح به دوماً، لكنه قد يتخذ مسارات اكثر دقة في تبني قضيته من خلال رؤيته والتي تتسم بالأصالة لمحاولة إيجاد او خلق حلول جديدة ومبتكرة تمكنه خدمة قضيته بالشكل الذي يراه مناسب. إدورد سعيد الفكر الفلسطيني الذي حظى بأهتمام عالمي ومازال تأثيره حتى الأن ولم ندركه الا منذ فترة قريبة حيث تعددت القراءات والدراسات بخصوص أفكاره، والتي تميزت بقدرتها على الإتساق وفهمها من المجتمع الغربي بلغته وأساليبه حيث كانت قادرة على النفاذ للعقل الغربي لتغيير وتصحيح صورة نمطية أُسست من قِبل مشروع أخذ جل إهتمامه

إدورد سعيد

الجذور والأصل

لا يمكن لأي مفكر الأنفصال عن أزمته، أي ان كانت داخلية ام خارجية، بل يحاول بقدر الإمكان وصف الأزمة بكل ما تعنيه الكلمة بالنسبة له ومحاولة وضع حلول لها من جذورها، ولكن حالة سعيد اختلفت لأنه اصبح معاصر لأزمته من بدايتها وحتى إتخاذها طور كبير من التقدم، فلم يمنعه التفكير في محاولة فض الأشتباك ومحاولة حل الأزمة من خلال مستحدثات الأمور؛ فقد أخذ بالأحداث المعاصرة حتى وهو أكاديمي واستاذ في الأداب بأكبر جامعات العالم ليطور تفكيره نتيجة لتطور الأزمة.

على الرغم من تعليمه في الغرب الا انه لم يترك نفسه فريسة للسلطة الأعلامية هناك، انتقدها بأسلوب علمي بحت بناء على منهج تاريخي قائم على تجارب المفكرين في العصر الحديث، فهو يخاطب عقلية الغربي قبل الشرقي، لذا فيستلزم التحدث بلغته والعمل بادواته. ولم يغفل الدراسات الأدبية التي تحوي في ثناياها الجانب السياسي والأفكار المؤسسة والمترابطة مع قضية الوطن، بل تعامل معها بسهولة من خلال تعمقه في فهم تلك الأيدولوجيات – حنا أرندت وشوبنهاور وفيكو وغيرهم – وبناء نسق مترابط في السعي لطرح حل قادر على إجتذاب كل أطراف الصراع والحيلولة دون حصول صدام يتوقع حدوثه في أي وقت.

إدورد سعيد ومحمود درويش

مغترب ومستشرق

على الرغم من أصول إدورد العربية المشرقية الا انه يحاول تعريف الأستشراق من خلال رؤية أوروبية خالصة، فهو يبتعد عن التفسير الأنثروبيولوجي ويُعرفه أكثر كظاهرة أوروبية، فالأستشراق كخطاب غربي النسب؛ يُشكل ويكون الأيدولوجية الغربية عن الشرق، لذا فلابد من فهمه أولاً قبل نقده، لذا يسلك إدورد مسلك جديد لم يسبقه اقرانه، وهو تحليل الخطاب الغربي القائم بهدف فهمه وتحليله وتجاوزه بشكل ما، يوضح ايضاً ان الخطاب الأستشراقي ما هو الا مشروع، هدفه الأساسي السيطرة على الشرق، من خلال ادوات تحدث عنها في كتابه "المثقف والسلطة".

اعتمد إدورد على المنهج التحليلي لبيان مدى إتساق الخطاب في تصويره للشرق، مستخدماً بعض أراء فيكو، متجاوزاً فكرة ان المشروع مجرب خطاب ايدولوجي، بل هو خطاب سياسي اقتصادي تاريخي يتسم بأتساق مشبوه معتمد على نظرة متعالية تضع الشرق في موقف التابع دائماً، في ظل عدم وجود مقاومة لذلك المشروع منذ عصر النهضة حتى العصر الحالي بحد قول إدورد نفسه.

وكنتيجة لأعتماده على ايدولوجيات غربية في مسعاه ربما يتم إعتباره مغترب – بمفهوم حسن حنفي – اكثر منه مستشرق، وهذا يؤكد بأن قضية وطنه كانت حاضره في خاطره دائماً.

أعمال إدورد سعيد

الأزمة الفلسطينية وتشابكاتها

يرى إدوارد القضية من عدة أوجه، أهمها السياق الداخلي ودوره إقتصادياً وثقافياً وسياسياً، فيعتبر البيروقراطية هي احدى سلبيات نصره القضية، فكتبه وإن كانت محظورة بفلسطين الا انها تتداول بسرية على عكس دولة الاحتلال. ويرى ان تفاقم الأزمة نتيجة للأندماج الديموغرافي بين فصيلين كلهما يطالب بأحقية الأرض، على الرغم من ان ذلك الأندماج طبيعي وان كان يتسم بالكره من الجانبين، فلابد من إقرار التسوية بشكل او باخر، فلا سبيل للحل الا بأقرار الندية والمساواة التي ستمكن الشعبين من العيش معاً في سلام.

كما لم يغفل عن تسمية جيش الأحتلال بـ "جيش الدفاع" والذي ينطوي على مغالطة كبيرة، فكافة الصدامات تمت على أرض فلسطينية فكيف يتم وصفه بالدفاع! وإذا قامت اي مقاومة فلسطينية صغيرة فأنه يتم تضخيمها على كافة المستويات وتصوير أنفسهم بانهم ضحايا لتسويغ الرد على الرغم من كونهم الطرف الذي يمارس الإضطهاد في تلك القضية. اما عن الوسيط الأمريكي فهو وسيط غير نزية في المعادلة، فهي تدعم ترتيبات دولة الأحتلال بالسياسة والأقتصاد وحق النقض الفيتو في اغلب الوقت وكانه أمر طبيعي.

يوضح إدورد في كتابه الأستشراق ان المشروع الأستشراقي عبارة عن فروع عديدة، ليست مجرد خطاب مذهبي او فرع في علوم اللسانيات فقط، بل تجاوزه في الأدب والأقتصاد والسياسة، لذا فأعمال الأدباء والمفكرين والأقتصاديين حول الشرق هي مجرد واجهه للمشروع الأستشراقي تتسم بالسياسية.

لذا فأن الحوار هو الحل الأمثل بين طرفي الصراع، وهو ما يقام فعلياً ولكن ليس على مستوى رسمي حكومي ولكن من خلال مستوى ثقافي يستمع ويتقبل الأخر ولكن لا يرى إدورارد بأن تلك الدعوات ستستمر نظراً لاهتمام الاعلام بعملية السلام المتداعية اكثر من إلقائه الضوء على مثل تلك الدعوات الجادة من اكاديمين ومثقفين بعيدين تماماً عن العمل السياسي.

إدورد سعيد

أحيقة الوطن دينية!

انتقد إدورد الدراسات الأستشراقية الأوروبية بما فيها من محاولة وصف الشرق بإعتماد مغالطات للأستهلاك داخلياً في الغرب، وعلى الرغم من ان اغلب المستشرقين من غير المسلمين – رينان وجولدتسهير ونولدكه نموذجاً - يتوافق معهم إدوارد في المذهب الا انه لم يتطرق لهذا الموضوع، بل اعتمد البحث الاكاديمي في بيان مدى عدم صحة انطباعاتهم وتصوراتهم ومشاريعهم الايدولوجية لتسريب صورة في وعي الأوروبيين والغرب بصفة عامة.

وأحال مشروعاتهم إلى الدعم السياسي والأقتصادي الكبير لهذا المشروع، الذي أخذ في التطور لدرجة انتماء بعض الشرقيين لتلك المشاريع بصورة غير مباشرة.

على الرغم من ان ادورد يدمج كافة الأطراف بداخل مشروعه ولكنه يرى ايضاً ان التعصب الفكري من كل طرف بطرح يوتوبيا خاصة به في ظل إقصاء الطرف الأخر لن يؤدي لحلول بس سيؤدي إلى تفاقم الصراع في مرحلة من المراحل، وكأنه ينظر إلينا الأن من خلال البُعد التاريخي، بل ويؤكد أيضاً حتمية الصدام من خلال الأستشهاد بمفكرين سابقين له بفترات قصيرة، فالدين مجرد اداة في المشروع الأكبر بما انه الجزء المتأصل في ثقافة الفريقين، لن يمكننا من فضه الا من خلال فهم وتحليل الجزور أولاً.

إدورد سعيد

إدورد المثقف الفلسطيني

هناك دعوات وان كانت غير معلنة او ضمنية بأن إدورد هو نتاج للثقافة الاوروبية في محاولة لتغريبه على خلاف الواقع، والذي يتضح من خلال اعمال إدورد نفسه؛ بأنه شرقي يتألم ويحس بأوجاع وطنه، ويحاول جاهداً لإيجاد حل من خلال ادواته، والتي انتهج فيها اقتحام الثقافة الغربية من خلال تشريح المفاهيم للوقوف على ماهيتها وبيان مدى عوارها في الأيدولوجيات الشرقية والغربية، فلا هناك حل الا بوجود ارض ثابتة يقف عليها كافة الأطراف وايجاد لغة تفاهم مشتركة، ولعل هذا أقوى مشروع فكري من وجهه نظري في القرن الحادي والعشرون.

موضوعات متعلقة