ابنة السائق أحد ضحايا كفور نجم: أبويا وصاحبة عمري ماتوا وأختي بين الحياة والموت وأطفالهم اتيتموا
آهات وصرخات مدوّية وبكاء ونحيب في منزل العم عاطف سائق سيارة ربع نقل ركاب، الذي سالت دمائه مختلطة بدماء سيدات قريته كفور نجم على الطريق في حادث التصادم بين سيارته والآخرى النقل، إذ خرج رفقة عدد من النساء للبحث عن لقمة العيش الحلال، متجهين جميعا إلى مدينة السويس كي تبيع النساء بضاعتهن من الفطير المشلتت للسائقين، سعيا وراء الرزق، فلكل واحدة منهن قصة شقاء، رحلوا ضحايا وتركوا الشقاء لأطفالهن واليتم.
نساء القرية ملتفون حول ابنة العم عاطف يوسف محمد الرجل الخمسيني ووالدته وأبنائه في منزلهم بسيط الحال الذي تؤكد ملامح جدرانه أنه رجل متواضع الحال، جلسن جميعا يواسين أسرته، يرددن أنه يعمل سائق منذ سنوات وهي مهنته التي يحقق منها دخلا لأسرته ويوفر قوت يومهم، خاصة أنه عائل أمه وأبنائه وكبير عائلته.
تقول والدته السيدة السبعينية في حديث ل"النهار المصرية": ابني شغال سواق من زمن وبيأكلنا من شغلانته دي وطول عمره بيسافر ويرجع بالسلامة لنا إلا المرة دي راح ورجع جثة حبيب أمه، وتسترجع قائلة: بيخرج من البيت نص الليل ويوم الحادثة خرج مع سيدات البلد هو بيسترزق من المشوار بيوصلهم، وهما يبيعوا بضاعتهم والكل ربنا براضيه ويرجعوا بالسلامة.
وتوضح: بيفضي نفسه يومي الأحد والثلاثاء كل أسبوع لمشوار السويس لتوصيل سيدات القرية بيبيعوا الفطير لأن كل واحدة فيهم لها قصة شقاء ووراها عيال محتاجين مصاريف، منهم المطلقة والأرملة وفيهم زوجها مريض وآخرى زوجها أرزقي وكلهم بيساعدوا عشان مركب الحياة تمشي..حسب قولها، معلقة: كلهم راحو واتيتم عيالهم وقلوبنا وجعتنا عشانهم الله يصبرنا.
عرفت أم السائق خبر الحادثة في التليفون إذ كانت على تواصل مستمر مع ابنها ظلت تطمئن عليه كعادتها إلى أن اتصلت به في احد المرات فلم يجيبها، دب الخوف في قلبها وسيطر القلق عليها، وعندما عاودت الاتصال على أرقام السيدات الاخريات فكلهن على اهل وجيران، تفاجأت بصوت رجل غريب، أخبرها أنه الظابط الذي تلقى اخطار بالحادث، وأن كل من في السيارة انتقلوا للمستشفى و7 فارقوا الحياة، معلقة: طلعنا نجري مش داريين بنفسنا عالمستشفى ولدلوقتي مش مصدقة أن ابني مات.
تلتقط ابنه الهم عاطف الحديث بنبرة ألم وصوت متقطع: أبويا مات وسابني، وأختي الكبيرة كانت معاه في الحادثة بين الحياة والموت في العناية المركزة، وصاحبة عمري كمان ماتت مع أبويا، كانت نور عيني وأعز من أختي، مسترجعة أنها استقبلت الخبر من حماتها التي أوقظتها من النوم لتتفاجيء على صرخات تأتي من شوارع كفور نجم وشقت الصمت في الحادية عشر مساء.
خرجت ابنة العم عاطف من منزل زوجها هائمة على وجهها فكان والدها صديقها وسندها استرجعت كل شريط حياتها وهي تهرول متجهة نحو بيته دون هدف وكأنها في طريقها لتجده وشعور داخلها يكذب وفاته، لتتفاجيء بأطفال صديقتها في شوارع القرية يبكون حزنا على خبر وفاة أمهم، فاحتضنتهم في ذهول وحسرة مصطحبة إياهم لبيت والدها لتتفاجيء بأطفال شقيقتها الكبرى يصرخون من الهلع فوردهم مصرع والدتهم وجدهم.
وتختتم إبنة العم عاطف سائق السيارة الركاب الربع نقل في حديثها" أنا بتمنى يكون حلم أو كابوس واصحى منه، مش قادرة أصدق إن أبويا مات والسند راح، وكمان أختي في العناية بين الحياة والموت، وماتت صديقة عمري، وغير كل الستات اللي ماتوا وسابو ولادهم اتيتموا، وكلهم غلابة وعلى قد حالهم، كانوا طالعين يشتغلوا عشان يساعدوا أسرهم مين هيساعد الصغار والناس العاجزة، ربنا يرحمهم والسائق اللي تسبب في موتهم يتحاسب