المفكر السياسي فراج اسماعيل يكشف للنهار : ان عملية اغتيال نصر الله وقادته لا يعني القضاء علي ميليشيات الحزب وقدراته العسكرية
قال المفكرالسياسي فراج اسماعيل الخبير في شؤون الشرق الاوسط في تصريحاته للنهارانه رغم اغتيال رمز الحزب وقائده السياسي والديني " السيد" حسن نصر الله مع معظم قيادات الجيلين الأول والثاني.. إلا أن ذلك لا يعني القضاء على ميليشياته وقدراته العسكرية.. وعملية اغتيال القادة التي تنفذها إسرائيل بتعاون استخباراتي دولي وحققت إنجازات كبيرة فيها لن تنهي المقاومة.. فهي لم تصل حتى الآن إلى القادة الميدانيين ولا عناصر الجهاز الأمني للحزب الذين يستخدمون أسلوب المقاومة في غزة في التواصل، ونالوا تدريبات جيدة في إيران وتشبعوا ايديولوجياً في معسكرات الحرس الثوري، ويجيدون الحديث بالفارسية.
وكشف اسماعيل النقاب عن ان هؤلاء القادة من العناصر الشابة ويمثلون تيار الصقور المتشدد الذي وجه انتقادات كثيرة لقيادة الحزب السياسية والإدارية في الأيام التي شهدت اغتيال القيادات بسبب الخطوط الحمر التي تضعها لحجم الرد ونوعية الصواريخ المستخدمة ولا يعني اغتيال قادة وحدات الصواريخ والمسيرات والاستخبارات.. بالإضافة إلى أعلى السلم السياسي ممثلا في السيد.. أن الحزب قد انهار. على العكس ستكون إسرائيل أمام جيل غير معلوم لا تدركه شبكات التجسس الممتدة ولا المخابرات الدولية المنتشرة في بيروت وفي الضاحية الجنوبية خصوصا.
واشار اسماعيل الي ان جيل القادة والمؤسسين كان مخترقا منذ تدخله في الحرب الأهلية السورية.. ومن خلال أجهزة الإتصال التي يستخدمونها، وحتى شبكة التليفونات الأرضية التي تسلم فريق التحقيق الدولي في مقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء الأسبق الداتا الخاصة بها.. وقد وقعت في يد الاستخبارات الإسرائيلية والدولية، ولا شك أنها تضم خطوط قيادات الحزب التي كشفت عن منازلهم ومقراتهم.
والمح اسماعيل ان الأكثرغرابة أن مقر قيادة الحزب الذي جرى نسفه بـ80 قنبلة فراغية مخترقة للتحصينات، كان معلوماً لإسرائيل.. واستغرق رصده وفق المعلومات التي بثها الإعلام الإسرائيلي وقتاً طويلاً.. وكان من السهل اغتيال السيد فيه. تحركاته معروفة من خلال الحراس الذين يظهرون وراءه خلال خطبه. من السذاجة ظهورهم بوجوه مكشوفة جعلت التعرف عليهم سهلاً في الضاحية ومعرفة تحركاتهم التي لابد أنها ترافق تحركات السيد.
واضاف اسماعيل ومنذ يوم الأربعاء الماضي، قبل مغادرة نتنياهو إلى نيويورك.. توصلوا إلى وجوده بالتحديد داخل المقر المحصن تحت إحدى البنايات التي تم تدميرها.. لكنهم كانوا يريدون صيدا أثمن، اغتيالاً جماعيا لكل القادة الذين وصلت معلومة بأنهم سيجتمعون بالسيد.. وبالتالي أبلغ نتنياهو في نيويورك بأن اللحظة مهيأة لتنفيذ الهجوم، فأعطى الأمر.. وتحقق الاصطياد الجماعي الذي شمل أيضا "زينب" ابنة السيد التي كانت حاضرة ونعم الضربة موجعة لكنها ليست قاصمة.. ولا تعني طي صفحة الحزب.
وان التهلهل الأمني الذي يؤدي إلى اغتيال فيادات الصف الأول.. لا ينطبق على القادة الميدانيين ولا على مواقع الصواريخ التي يتضح أن إسرائيل لم تتوصل إليها.. يترجم ذلك أنها بدأت تدميراً جماعيا للبيوت والقصور اعنقاداً بأنها تضم مخازن الأسلحة وامس أرسل الحزب صاروخا تجاوز مداه 150 كم ووصل شرق القدس.. وهذه المسافة تعني أن القادة الميدانيين بدأوا يتحللون من الخطوط الحمر التي وضعتها القيادة التي تم إبادتها.. وهو ما حذرت واشنطن تل أبيب منه. إذ إن غياب القيادات الكبرى قد يحول ترسانة الصواريخ الضخمة التي تتجاوز 200 ألف صاروخ إلى جماعات قتالية عديدة تتصرف بقرارات مستقلة على طريقة أمراء الحرب في الصومال إبان حربها الأهلية، وعلى طريقة الجماعات الافغانية أيضا، وهذه لم تستطع الولايات المتحدة مواجهتها وانسحبت أمامها.
وحذر اسماعيل سياسة الاغتيالات ستجعل المنطقة على حافة الهاوية ولن تنجح أي جهود دبلوماسية في وقفها حيث تقول CNN إن إسرائيل تخاطر بتحويل أسبوعين من الضربات الوحشية إلى خسارة أخرى طويلة المدى لهيبتها وتتابع: أمام نتنياهو خيار حاسم يتعين عليه أن يتخذه. فهل ينقذ الأسبوعان الماضيان سمعته المحلية فيما يتعلق بالأمن ويتركانه في وضع أفضل لمواجهة القضايا المرفوعة ضده؟ أم أنه يرى مرة أخرى أن الحرب المستمرة دون توجيه استراتيجي واضح هي أفضل وسيلة للمضي قدمًا؟..
في نهاية المطاف، يجب أن ينتصر مجال الرؤية الأوسع. يحتاج الوضع إلى تسوية سياسية ووقف لإطلاق النار الآن، بغض النظر عما يعنيه ذلك بالنسبة لمصير النخبة السياسية الحالية في إسرائيل.
أوقع اغتيال (السيد) الرئيس جو بايدن في مأزق: بينما لم يذرف أحد في البيت الأبيض أي دموع عليه، فإن الضربة التي أطاحت به أدت إلى تفاقم المخاوف من تصاعد الصراع وتوسعه.
جنون العظمة الذي يجتاح نتنياهو ونخبته حاليا سيجره إلى صراع مع عناصر لا يعلم عنها شيئا، ولا تحيط أجهزته التجسسية ومراكز التنصت والمسيرات باتصالاتها وقراراتها.. ولو قرر الدخول البري فهو يجهل حجم المقاومة على الأرض التي ستقابله.
يثير قلق واشنطن المعلومات التي وصلتها بأن قيادات الظل في المقاومة رفضت اقتراحا من طهران بارسال مستشارين لإعادة هيكلة القيادة الجديدة.. كأنها ستتخلى عن خطوط طهران الحمر بعد تخليها عنهم وتقول شبكة CNN: السؤال الأكبر والقلق بالنسبة لإدارة بايدن هو ما هي التداعيات التي ستترتب على وفاة السيد في الأيام والأسابيع المقبلة في المنطقة.
لذلك قال بايدن اليوم "لقد حان الوقت لوقف النار في ظل المخاوف من التصعيد".
ستدرك إسرائيل أنها كانت تواجه دولة ممثلة في "الحزب" ذات قيادات معروفة يمكن التحاور معها، وأن (السيد)كان بمثابة رئيس جمهورية يمكن أن يجلس على طاولة مفاوضات.. الآن بات عليها أن تقاتل كائنات مجهولة وصواريخ فشلت في شل قدراتها أو تعطيلها.
واختتم اسماعيل حديثه للنهارلا يهم من السيد الجديد.. هاشم صفي الدين أم نعيم قاسم.. الأهم من هؤلاء الذين يقودون الميدان.. قد تغتال إسرائيل أي سيد جديد.. لكن كيف ستصل إلى القوة الحقيقية التي يمكن معادلتها بسنوار غزة؟!