التكنولوجيا المتوحشة عقول الأطفال.. خبير تكنولوجيا: لا أرشح استخدام الطفل دون 8 سنوات الموبايل.. استشارى الصحة النفسية: السوشيال ميديا إهدار للوقت والعمر وأظهرت متلازمات نفسية
"عدم الرغبة فى التواصل مع الناس.. التمسك الشديد بالموبايل.. قضاء ساعات طويلة لمشاهدة الصور ومقاطع الفيديو، والسهر خلف الشاشات”، هذا هو حال الكثير من الأطفال والقاصرين فى كافة البيوت فى المجتمع العربى، نتيجة الإفراط فى استخدام منصات التواصل الاجتماعى أو السوشيال ميديا الذى وصل إلى حد الإدمان.
ولعل منصة "التيك توك" تعد الأكثر خطرا عن غيرها، لأنها أصبحت وسيلة للتسلية والتربح والشهرة وهو ما يؤثر سلبا على الأطفال، الأمر الذى دفع العديد من الدول فى الخارج إلى إغلاقه.
وفى هذا الإطار، قالت المفوضية الأوروبية الأيام الماضية أنها فتحت تحقيقاً يستهدف شبكة التواصل الاجتماعي "تيك توك" بسبب وقوع تقصير من جانبها في حماية القاصرين.
بالطبع بات استخدام منصات التواصل الاجتماعى أمرا ضروريا، لكن الاسراف فى استخدامها يترتب عليه آثار نفسية واجتماعية وصحية جسيمة، وهنا يجب على الوالدين أن يدركوا حجم هذا المخاطر وأن يسعوا إلى تقنين استخدام أبنائهم لها، ويبحثوا عن طرق لحمايتهم حتى لا يدخلوا فى مرحلة الإدمان.
وحول هذا الأمر تقول الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها،" تعد منصة "التيك توك" من أكثر المنصات تأثيرا على الأطفال والقاصرين، فهو بالنسبة إليهم نوعا من أنواع التسلية، ووسيلة للتربح والشهرة، ومع غياب الرقابة عليهم بدأ يتجه إليه أغلب القاصرين".
وأضافت لـ"النهار": هناك مخاطر كثيرة جدا مترتبة على السوشيال ميديا، ولعل من أبرزها ظهور العديد من الممارسات على الملأ، إضافة إلى عدم الخصوصية وبيع أى شئ مقابل المادة، فضلا عن أنها تعمل نوعا من أنواع السيطرة على السلوكيات ونشر الأخبار والمشاهد ومحاولات التقليد، إلى جانب المخاطر النفسية والمتمثلة فى الإدمان لتلك المواقع".
وتابعت منصور:" يجب ألا يترك الأب والأم أولادهم فريسة للإنترنت والوصول إلى مرحلة الإدمان، فعليهم العمل على تقنين الوقت للأولاد الذى يقضوه على السوشيال ميديا، بالإضافة إلى متابعة كل مايراه الأبناء، والأهم إن يشعروا أولادهم بالقيمة بمعنى أنه ليس كل شئ مباح مقابل المال".
أشارت إلى أن هناك آباء وأمهات يستغلوا أولادهم أنفسهم كى يحققوا أرباحا، ونسب مشاهدات عالية، موضحة أن النتيجة هى وجود إسفاف وتقليل من العديد من الأمور والقيم الأسرية واستغلال الأسرة نفسها بعضهم البعض، وهو ما يؤثر على كل الأطراف اجتماعيا ونفسيا.
ونصحت أستاذ علم الاجتماع الآباء بضرورة شغل وقت الطفل وطاقته بأمور إيجابية، وذلك مع تقنين الوقت الذى سيقضيه على السوشيال ميديا، وفى الوقت ذاته أوفر له بدائل أخرى من ممارسة أى موهبة أو نشاط؛ حتى لا يصبح مدمنا للسوشيال.
وأوضحت أن هناك العديد من الدول قد أغلقت تطبيق " التيك توك" لحماية القاصرين والأطفال، مناشدة الحكومة بضرورة التوجه إلى غلق هذا التطبيق مثل باقى الدول، مضيفة" التيك توك ليس فيه أية ميزة كله دمار".
ومن جانبه، قال المهندس أحمد طارق، خبير تكنولوجيا المعلومات،" للأهل دور كبير فى أن يمسك الطفل دون الثامنة الموبايل، فالطفل عندما ينظر حوله يجدهم يحملون الهواتف بالتالى يرغب فى تقليدهم، وهذا بالطبع أمر خاطئ".
وأضاف لـ"النهار": لابد أن يشارك الأبوان أبناءهم التعليم الالكترونى للأطفال أكبر من 8 سنوات، والأغانى والفيديوهات لمن دون الثامنة على التلفزيون وذلك بدلا من أن يمسكوا الهواتف، حيث أن أغلب التلفزيونات "سمارت" ترتبط بالموبايل أو من الممكن أن نشترى قطعة" دونجول" تركب فى التلفاز حتى يصبح "سمارت".
ويتابع طارق قائلا" لا أرشح استخدام الطفل للموبايل، فبعد 8 سنوات يتم إحضار "تابلت" لهم ،وذلك للحفاظ على نظره، بالإضافة إلى أن الشاشة الكبيرة لا تجعل لهم خصوصية، ويجب أن لا يسمح للطفل الدخول إلى غرفة بمفرده ومعه "التابلت" .
وبدوره يصف الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، منصات التواصل الاجتماعى باللص الخفى الظريف، إذ أن الشخص يمكنه الاستمتاع عليها لكن فى النهاية يُسرق وقته وعمره وتُبدد طاقته وتعيق النمو الاجتماعى والتطور الحياتى لديه.
وأضاف لـ"النهار": هناك دراسات أمريكية توضح أن متوسط إهدار الوقت على الانترنت يصل إلى 4.8 ساعات وحتى 6 ساعات، أما الدراسات الحديثة فقد بينت أنه باختلاف مراحل العمر، من الممكن أن يقضى الشباب 10 ساعات على "نتفليكس" يشاهدوا صور وفيديوهات".
وتابع: " السوشيال ميديا تركت آثارا نفسية سلبية وبدنية على المواطنين فى المجتمع العربى، حيث يبلغ نسبة الذين يتم رفضهم فى الكشف الطبى للكليات العسكرية، بسبب ضعف البصر وتشوه القوام نتيجة للافراط فى استخدام السوشيال ميديا نحو 74%".
وأوضح أن هناك أعراض تظهر نتيجة لاستخدام السوشيال ميديا بكثرة منها الشعور بالأرق وشحوب الوجه وآلام فى الظهر والخمول، إضافة إلى الانشغال العقلى الدائم، مؤكدا أن تركيبة الانسان النفسية والعقلية والاجتماعية والوجدانية الآن اختلفت عن عصر ما قبل السوشيال ميديا.
وأكد استشارى الصحة النفسية أنه نتيجة للتعامل فى العالم الافتراضى من وراء الشاشات، أصبح هناك نوعا من البلادة الحسية، حيث لا أصبح الشخص لا يتفاعل مع الواقع بصورة إيجابية، وبات يخشى أن يقتحم أى موقف وهو ما يجعل الناس أقل اندماجا مع المجتمع ومع الآخرين.
وتابع: من الآثار السلبية للسوشيال ميديا أنها اغتالت النشاط الذهنى الواعى للإنسان والقائم على التفكير المنظم، وأيضا هناك شخصيات كثيرة جدا أُسقطت عوراتها الاجتماعية على مسرح السوشيال ميديا، فظهرت الشخصيات المريضة والشخصيات الهيستيرية التى تهتم بأخذ اللقطة من أجل التربح السريع، والشخصيات التى تعانى من نقص فى العاطفة ولديها شعور بالدونية، خلاصة القول أن السوشيال بينت الفراغ الروحى والنفسى لدى الفرد وضحالة الموهبة والفكر".
واستكمل هندى حديثه قائلا" ترتب على الاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعى مجموعة من المتلازمات النفسية المستحدثة، أهمها متلازمة اضطراب "الفومو" بمعنى أن يكون لدى الشخص قلق وخوف من فقدان علاقة اجتماعية، وهو ما يؤثر على نومه فنجده يستقظ من نومه ليطلع على الموبايل ويرى من تواصل معه وعمل لا يك وشير وهكذا".
وأشار إلى أن هناك نحو 89% من مستخدمى الانترنت عندهم متلازمة "الاهتزاز الوهمى" فدائما ما يُخيل إلى الفرد أنه يسمع رنة التليفون أو صوت إشعاروهكذا، لافتا إلى أن هناك متلازمة أخرى تسمى "النوموفوبيا" أى عدم القدرة على التخلى عن الموبايل لدرجة أن الشخص يأخذه معه الخلاء.
واختتم استشارى الصحة النفسية حديثه قائلا" هناك متلازمة "الأسكرولينج" أى أصبح لدي الفرد إدمان لمتابعة الأخبار السيئة، هذا بخلاف متلازمة "طالب الطب" أى يشعر الشخص بعرض من الأمراض التى يقرأ عنها نتيجة كثرة قضاء وقت طويل على السوشيال.