الداخلية جانى ام مجنى عليها !!
يتغير اسم الوزير بين الحين والآخر، وتستبدل أسماء القطاعات من "أمن دولة" إلى "أمن وطنى"، لكن تبقى سياسة "الداخلية" وممارسات العنف والانتهاكات ضد المواطنين عقيدة لا تتغير، وعلى الرغم من عمليات التطهير المستمرة، إلا أن مدرسة "العادلى" لازالت تؤدى دروها فى تلفيق التهم للمواطنين والقبض العشوائى على الأشخاص وسرعة إغلاق القضايا وإرسالها للجهات القضائية فى ساعات معدودات لتخرج البيانات الصحفية من إعلان الوزارة، لتؤكد على يقظة الداخلية وسرعة ضبطها للجناة الذين لا يستمرون سوى ساعات معدودات داخل النيابة، حيث يتم الإفراج عنهم لعدم وجود الأدلة الدامغة والتخبط فى تحريات المباحث الملفقة.
إن قصص و"حواديت" الداخلية فى قدرتها على التلفيق وتوجيه التهم للأبرياء كثيرة منذ مبارك مرورا بالمجلس العسكرى، ووصولا إلى مرسى الذى عانى نفسه من تلفيق التهم، إلا أنه أصبح النظام فـ"عفالله عما سلف"، ومن ثم أصبح الرئيس جزءا من هذه "الحبكة" الأمنية، فلم يتردد فى الخروج عقب أحداث قصر الاتحادية ليعلن للجميع عن أنه تم القبض على المتهمين فى الأحداث المؤسفة التى جرت أمام القصر وأسفرت عن وجود العديد من القتلى، مؤكدا أن المتهمين اعترفوا بارتكابهم للوقائع وأرشدوا عن باقى المتهمين، حيث بنى الرئيس خطابه على تحريات الداخلية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، واطمئن قلبه وعقله لها، وراح يزف النبأ للشعب المصرى كعادة الداخلية فى تقديم الحلول السريعة على حساب الأبرياء، إلا أن النيابة كانت تنهى أوراق إخلاء سبيل المتهمين فى الوقت الذى كان الرئيس مرسى يلملم فيه أوراق خطابه، بعدما تبين للنيابة أن المقبوض عليهم أبرياء، وأن الجهات الأمنية ضبطتهم بصور عشوائية فى محاولة منها لإنهاء الأمر سريعا، والسيطرة على الأوضاع بأية حلول.
أحرجت كواليس براءة المتهمين داخل النيابة، الداخلية والرئيس نفسه الذى صدق لحظة ما محاضر الشرطة التى أكدت اعتراف المتهمين بارتكاب الوقائع، لتظهر الداخلية فى مشهد بطولى حيث استطاعت أن تقدم الجناة خلال ساعات من وقوع الأحداث، لكن تحقيقات النيابة كانت بمثابة الصدمة للجميع، حيث كشفت عن عمليات التلفيق والأفك فى القول الذى تنتهجه الداخلية بصفة مستمرة، بعدما تبين أنه من بين المتهمين تلميذ لا يتخطى عمره 12 سنة تم القبض عليه وسط المتهمين، وراح فى النوم أثناء التحقيق معه، وعندما سأله وكيل النيابة عن سبب نومه أكد له أنه ميعاد خلوده للسرير من أجل الاستيقاظ مبكرا للذهاب للمدرسة، لتخلى النيابة سبيل 4 متهمين نظرا لصغر سنهم، لكونهم لم يتجاوزا الخمسة عشر عاما، وتسليمهم لأهليتهم عقب الاطلاع على شهادات الميلاد الخاصة بهم، بالرغم من أن داخلية مرسى وجهت لهم تهم قتل والشروع فى قتل المتظاهرين، وإثارة الرعب بين المواطنين والتعدى على منشآت حيوية.
تلفيق التهم للمواطنين والقبض العشوائى على الأبرياء، ظهر بصورة مفزعة خلال الأيام الماضية، فى عهد وزير داخلية لم ينس وظيفته بقطاع السجون، فشغف حبا فى تحويل أقسام الشرطة إلى سجون صغيرة، عن طريق مهرجان "القبض على الجميع" حيث ألقت الأجهزة الأمنية مؤخرا القبض على العشرات من عناصر البلاك بلوك، بتهم الإرهاب، وأصبح ضباط الشرطة يؤدون دورهم فى مسلسل تلفيق القضايا للمواطنين بعدما أتقنوه جيدا، فكانوا زمن العادلى يضعون المخدرات للمواطن كحرز يوجب احتجازه داخل قسم الشرطة، فتغيرت الإدارة فى زمن محمد إبراهيم ليصبح "القناع الأسود" المشهور بارتدائه شباب "البلاك بلوك" هو أداة الجريمة التى تضعها الداخلية لأى شخص تريد احتجازه بأقسام الشرطة.
والملفت للنظر أن هشام الصيرفى مؤسس شباب البلاك بلوك نفسه الذى اتهمته الداخلية بأنه من كتائب الردع للكنيسة، وأنه ممول من رجل الأعمال نجيب ساويرس لإرضاء التيار الإسلامى، تبين أن أسرته مسلمة، وأنه ذهب برفقتهم إلى الأراضى المقدسة أكثر من مرة، وأنه يمتلك فيديوهات تدين الإخوان المسلمين أثناء إطلاق الشماريخ على المتظاهرين فراحوا يلفقون له التهم من خلال وزارة داخليتهم.
وكانت آخر حلقات الداخلية فى مسلسل "التلفيق للجميع" القبض على الزميل محمد إبراهيم صبرى محرر الفيديو بموقع "اليوم السابع" أثناء تأديته واجبه الصحفى فى تصوير المظاهرات بميدان التحرير، والذى تم القبض عليه واقتياده قسم شرطة قصر النيل، وتم تلفيق العديد من التهم له واتهامه بحيازته لأقنعة سوداء.