النهار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 01:43 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
البرلمان العربي يدين تهديدات كيان الاحتلال الإسرائيلي بضرب العراق فصل التيار الكهربائي عن مناطق بحي السويس في السويس لمدة 5 ساعات.. اعرف المواعيد الزناتى: مصر وتونس قواسم وتحديات مشتركة من الدولة الفاطمية حتي الربيع العربي رد الفعل العالمي على مذكرة إيقاف نتنياهو.. من إجراءات عقابية وتشريعات ضد المحكمة الجنائية لتهديدات بالغزو! وزيرة خارجية السويد: ندعم العمل للمحكمة الجنائية على قرار اعتقال نتنياهو أخذا بالثأر.. مقتل شاب بالبحيرة بسبب مشاجرة قديمة على أولوية الري رئيس جامعة حلوان يكرم طالب لتميزه في منتدى ”صُنّاع الإعلام” بمدينة كالينينغراد الروسية رئيس حي جنوب الغردقة يقود حملة مسائية مكبرة لرفع الإشغالات وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا يفتتح منتدى بازناس الدولي 2024 بجاكرتا حقوق عين شمس تعقد محاضرة تعريفية حول «برامج الدراسات العليا» بكلية القانون جامعة «كوين ماري» وفاة الكاتبة الألمانية أورسولا.. عجوز بعمر 95 عاماً مسجونة بسبب ”جريمة رأي”! دعوات أوروبية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو وجالانت بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

حوادث

من قلب إسرائيل.. قاضٍ مصري: بن غوريون خطط للقضاء على عبد الناصر

تتعرض مصر لمؤامرت على مدار تاريخها بسبب قوتها فى منطقة الشرق الأوسط ودورها الفاعل وحضارتها التليدة وأخرها ما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى – على غير عادتها - فى 23 ديسمبر 2023 من أن إسرائيل وبريطانيا وفرنسا خططوا لأبعد من السيطرة على قناة السويس في حربهم على مصر عام 56، وأن الهجوم استهدف تدمير مصر اقتصاديا وعسكريا والتمهيد لنظام جديد بعد إسقاط نظام حكم الرئيس جمال عبد الناصر.

وكشف المفكر والمؤرخ القضائى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، فى دراسة جديدة له بعنوان "من قلب إسرائيل: وثيقة بروتوكول سيفر 1956 أشهر مؤامرة حربية موثقة في التاريخ الحديث ضد مصر"، الأبعاد الحقيقية لتلك المؤامرة من خلال المصادر التاريخية لممثلى الدول الثلاث ذاتها فى أصعب ثلاثة أيام من 22 إلى 24 أكتوبر 1956 تم فيها تدبير أكبر مؤامرة فى التاريخ الحديث ضد مصر، وأنه ليس كشفًا جديدًا لهيئة الإذاعة البريطانية تفاجئ به العالم على نحو ما تلقفه بعض الإعلاميين بالإشادة من خلال الخبر وقد فضحوها مرات عديدة وهى المعروفة بالتحريض ضد مصر منذ خمسينيات القرن الماضى حتى قبل نشر تقريرها.

وأثبت المفكر المصرى أنها معلومات مؤكدة بوثيقة بروتوكول سيفر 1956 كشف عنها مذكرات المتاَمرين أنفسهم فى نهاية حياتهم المشاركين فى المؤامرة الكبرى، بل وواصل المفكر المصرى التنقيب عن الحقائق من قلب إسرائيل ذاتها وأطروحة دكتوراة عام 1992 بعنوان (حملة سيناء 1956الجوانب العسكرية والسياسية) بالعبرية جامعة حيفا لموتي جولاني، وكتاب ديفيد تال عام 1997 وهو مؤرخ إسرائيلي نشرته جامعة أكسفورد ‏ بإنجلترا بعنوان (حرب 1956: التواطؤ والتنافس في الشرق الأوسط لندن: فرانك كاس 2001)، ونظرًا لأنه تم تدمير النسخة البريطانية بأمر رئيس وزرائها الأسبق، وفُقدت النسخة الفرنسية، فقد سُمح بتصوير البروتوكول عام 1996 من النسخة الإسرائيلية بفيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية عُرض حينما حلت الذكرى الأربعين لحرب السويس.

ونعرض للجزء الثانى من الدراسة المثيرة للقاضى المصرى بالحقائق وأدلتها التاريخية لا تقارير هيئة معلوم نيتها الدفينة تجاه مصر.

أولًا: فرنسا حاملة لواء العدوان على مصر، تكره عبد الناصر وتعتبره دكتاتورًا جديدًا خطيرًا بسبب دعمه للثوار الجزائريين

يقول الدكتور محمد خفاجى، كانت فرنسا تنادي بالمقاومة ضد ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وكانت فرنسا تنظر إلى جمال عبد الناصر باعتباره دكتاتورًا جديدًا خطيرًا، خاصة بسبب دعمه للثوار الجزائريين، وهو ما كان يقلق فرنسا، واتحد الثلاثى فرنسا وانجلترا وإسرائيل على أن العمل العسكري كان مطلوبًا بشكل عاجل بهدف الاستيلاء على قناة السويس وإسقاط الزعيم جمال عبد الناصر من منصبه الرئاسى، وكان للجيش الفرنسي ثلاث أولويات في ذلك الوقت: الجزائر، ثم الجزائر، ثم الجزائر. وكانت فرنسا تؤمن بأنه إذا أمكن الإطاحة بعبد الناصر، فسوف تنهار الثورة الجزائرية وترتاح فرنسا، لكن المتاَمرين صرح أحدهم بالمؤامرة خشية التاريخ حتى قال أحد الحاضرين: "في يوم من الأيام، سيتم بلا شك الإعلان عن مؤتمر سيفر".

ثانيًا: بن غوريون قدم خطة شاملة لإعادة تنظيم الشرق الأوسط للقضاء على جمال عبد الناصر شملت عدة دول عربية وترحيل الفلسطينيين

يذكر أن بن غوريون - دافيد بن غوريون بالعبرية (דוד בן גוריון) من 16 أكتوبر 1886 حتى ديسمبر 1973 أوّل رئيس وزراء لإسرائيل - قدم خطة شاملة لإعادة تنظيم الشرق الأوسط للقضاء على جمال عبد الناصر شملت عدة دول عربية حيث بدأت الجلسة الأولى في الساعة الرابعة مساء يوم الاثنين 22 أكتوبر 1956 و افتتح بن غوريون النقاش – بحسب تعبيره - بوضع اعتباراته العسكرية والسياسية والأخلاقية في مواجهة "الخطة الإنجليزية" فقد كان خبيثًا لا يريد أن تتصدر إسرائيل وحدها العدوان خشية من مصر

وكان اعتراضه الرئيسي هو أن يتم تصنيف إسرائيل على أنها المعتدي بينما تتظاهر بريطانيا وفرنسا بأنهما صانعتان للسلام، ما يدين إسرائيل وحدها، وكان أيضًا متخوفًا حتى الارتعاد للغاية من تعريض المدن الإسرائيلية لهجوم من قبل القوات الجوية المصرية. وبدلا من ذلك، قدم خطة شاملة، لإعادة تنظيم الشرق الأوسط.

ولاحظ بن غوريون أن الأردن غير قابلة للحياة والاستمرار كدولة مستقلة، وبالتالي ينبغي تقسيم الأردن ، وسيحصل العراق على الضفة الشرقية مقابل وعد بتوطين اللاجئين الفلسطينيين هناك وتحقيق السلام مع إسرائيل، بينما سيتم ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل كمنطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي.

أما عن لبنان فقد تلاحظ لدى بن غوريون وجود عدد كبير من السكان المسلمين الذين يتركزون في الجنوب. ومن الممكن حل المشكلة من خلال توسع إسرائيل حتى نهر الليطاني،- ونهر الليطاني هو أطول أنهار البلاد اللبنانية وأكبرها وأهمها استراتيجيًا، حتى اعتبرته اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة عام 1949 مفتاح مستقبل لبنان يفيد من مشاريع نهر الليطاني للري؛ ينبع من غرب بعلبك في سهل البقاع ويصب في البحر المتوسط شمال مدينة صور - وبالتالي ارتأى بن غوريون المساعدة في تحويل لبنان إلى دولة مسيحية أكثر إحكامًا من الإسلامية.

وبالنسبة إلى مصر ارتأى بن غوريون أنه ينبغي منح منطقة قناة السويس وضعًا دوليًا، في حين ينبغي وضع مضيق تيران في خليج العقبة تحت السيطرة الإسرائيلية لضمان حرية الملاحة، و كان الشرط المسبق لتحقيق هذه الخطة هو القضاء على جمال عبد الناصر واستبدال نظامه بحكومة موالية للغرب تكون مستعدة لصنع السلام مع إسرائيل.

ثالثًا: بن غوريون ارتأى أن تدمير عبد الناصر للقضاء على قوى القومية العربية يحقق مصالح إسرائيل ومصالح القوى الغربية للاستيلاء على نفط الشرق الأوسط

يؤكد الدكتور خفاجى أن بن غوريون ارتأى أن تدمير جمال عبد الناصر ضروريًا للقضاء على قوى القومية العربية ويحقق مصالح إسرائيل وجميع القوى الغربية، وكان يحلم بأن تكون قناة السويس ممرًا مائيًا دوليًا، وستعمل بريطانيا على استعادة هيمنتها في العراق والأردن وتأمين وصولها إلى نفط منطقة الشرق الأوسط بأكمله خاصة الخليج العربى للاستيلاء عليه، وأن العقبة فى تحقيق هذا الحلم بقاء ناصر فى سدة الحكم، وستعزز فرنسا نفوذها في الشرق الأوسط من خلال لبنان وإسرائيل، بينما تنتهي مشاكلها في الجزائر بسقوط عبد الناصر.

وحتى أمريكا يتم إقناعها بدعم الخطة لأنها ستعزز الأنظمة المستقرة الموالية للغرب وتساعد في وقف التقدم السوفييتي في الشرق الأوسط. وقبل الاندفاع إلى شن حملة عسكرية ضد مصر، حث بن غوريون المصريين على أخذ الوقت للنظر في الاحتمالات السياسية الأوسع ، ورحب القادة الفرنسيون بعرض بن جوريون، في شن حملة عسكرية ضد مصر بمشاركة بريطانية.

رابعًا: بريطانيا كانت تريد الاستيلاء على منطقة القناة وتدمير عبد الناصر

ويذكر أن سيلوين لويد - الذى شغل منصب وزير الخارجية في عهد رئيس الوزراء أنطونى إيدن من أبريل 1955وتزامنت فترة ولايته مع أزمة السويس فى العدوان الثلاثى – شارك فى الاجتماع لمناقشة العمل العسكري، لكنه تظاهر فى البداية أنه يمكنه مع وزير الخارجية المصري محمود فوزي، التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع حول القناة في خلال أسبوع، وهذا يعنى أن إسرائيل ستضطر إلى بدء الحرب والبقاء بمفردها في الحرب لمدة 72 ساعة تقريبًا، في حين تصدر بريطانيا وفرنسا إنذارًا نهائيًا لإسرائيل يشير ضمنًا إلى أنها كانت المعتدية، وهو ما يكشف دور المعتدي الذي لم يرغب بن غوريون في لعبه على مسرح علميات الحرب ، بينما تتظاهر بريطانيا بأنها صانعة السلام.

والشئ المهم فيما قاله لويد هو الاعتراف بأن حكومته تريد تدمير نظام عبد الناصر. وأشار إلى أن العيب الوحيد المهم في التسوية مع مصر هو بقاء عبد الناصر في السلطة وأعلن أن الهدف من أي عمليات عسكرية للحلفاء بأنه "الاستيلاء على منطقة القناة وتدمير عبد الناصر".

خامسًا: بن غوريون طالب بالقضاء على القوات الجوية المصرية قبل أن تتحرك القوات البرية الإسرائيلية خشية قام مصر بمحو المدن الإسرائيلية

ويضيف الدكتور خفاجى أن بن غوريون كان يعلم بضراوة القوات الجوية المصرية لذا طالب بن غوريون بالتوصل إلى اتفاق بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل يقضي بضرورة قيام الدول الثلاث بمهاجمة مصر، وأن تقوم القوات الجوية الملكية البريطانية بالقضاء على القوات الجوية المصرية قبل أن تتحرك القوات البرية الإسرائيلية للأمام لأنه بخلاف ذلك يمكن للقوات الجوية المصرية محو المدن الإسرائيلية من الوجود فى لحظات مثل تل أبيب. وأكد سيلوين لويد على الاقتراح الفرنسي القائل بأنه إذا هاجمت إسرائيل مصر، فإن بريطانيا وفرنسا ستتدخلان لحماية القناة، ولن تبدأ الحرب لكن بن غوريون رفض هذا الاقتراح بشكل قاطع.

سادسًا: الجنرال دايان كان يضغط من أجل شن "حرب وقائية" ضد مصر لإعلان عبد الناصر عن صفقة الأسلحة التشيكية في سبتمبر 1955

ويشير قدم بن غوريون اقتراحًا جديدًا لتوفير الذريعة لتدخل الحلفاء، جاء الاقتراح من الجنرال دايان الذي كان يضغط باستمرار من أجل شن "حرب وقائية" ضد مصر منذ أن أعلن عبد الناصر عن صفقة الأسلحة التشيكية في سبتمبر 1955، بشن غارة انتقامية إسرائيلية بالقرب من القناة، بإنذار إنجليزي فرنسي إلى مصر لإجلاء قواتها العسكرية من منطقة القناة، ومناشدة إسرائيل بعدم الاقتراب من القناة، والقصف الجوي للمطارات المصرية في أعقاب الرفض المتوقع للإنذار النهائى، وأيقنت فرنسا وإسرائيل أن سلاح الجو الملكي البريطاني هو الوحيد الذي يمتلك القاذفات الثقيلة، كانبيراس، بالقرب من مسرح العمليات بدرجة كافية، وكانوا بحاجة إلى سلاح الجو الملكي البريطاني لشن هجوم على المطارات المصرية من قواعدها في قبرص. وهو ما ظل موقع نقاش.

سابعًا: خطة ديان الخطيرة فى سيناء

ويضيف أن ديان توصل إلى اقتراح إنزال قوات مظلية تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي على ممر متلا الاستراتيجي، في عمق سيناء وعلى بعد حوالي ثلاثين ميلًا من قناة السويس - وممر متلا هو ممر طويل متعرج طوله 32 كم في سيناء يقع بين سلاسل جبال شمال وجنوب سيناء وهو مشهور كموقع لمعارك كبرى مع إسرائيل – ثم التوجه غربًا للواء ميكانيكي والذي سيشكل معًا "عملًا حربيًا حقيقيًا" وبالتالي توفير الذريعة لتدخل بريطانيا وفرنسا بعد 36 ساعة من البداية.

وذكر خفاجى: “مضى ديان فى خطته الخطيرة نحو سيناء بقوله أن تعلن إسرائيل عزمها الاحتفاظ بقواتها بغرض الضم الدائم لكامل المنطقة الواقعة فى كل من: شرق العريش- وأبو عجيلة - ونخل (عاصمة سيناء القديمة) سميت نخل لنعومة رمالها التي تبدو وكأنها نُخلت بمنخل، - وشرم الشيخ، ونعتزم الاستيلاء على مضيق تيران ونعتزم البقاء هناك وبالتالي ضمان حرية الملاحة إلى إيلات وتضمن إسرائيل حرية الملاحة على المدى الطويل والمرور لإيلات - أو المرشرش أو أيلة أو أم الرشراش بالعبرية: (אֵילַת) مدينة وميناء تحت الإحتلال الإسرائيلي على ساحل خليج العقبة في البحر الأحمر، بنيت عام 1953 وتقع أقصى جنوب إسرائيل بين مدينة العقبة الأردنية من الشرق ومدينة طابا المصرية من الغرب وتحتوي المدينة على ميناء يصل إسرائيل بموانئ الشرق الأقصى، بهدف تحرير نفسها من ويلات المتسللين، ومن الخطر الذي تمثله قواعد الجيش المصري العتديد في سيناء".