النهار
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 11:21 صـ 4 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
علي ياسر يكشف تفاصيل أزمة عدم قيده مع الزمالك: «مفاجأة صادمة» «غصب عن أي حد».. تعليق ناري لحازم إمام على استبعاد إمام عاشور من المنتخب نجم الأهلي السابق: الأخطاء التحكيمية في مباراة الزمالك والبنك الأهلي «فادحة» إبراهيم نور الدين: إيقاف محمد عادل غير صحيح.. والتسريب قيد التحقيق «مش حابب الشكل ده».. حازم إمام يوجه رسائل نارية إلى عبدالواحد السيد متحدث الزمالك يفاجئ الأهلي وشوبير برسالة على الهواء.. ويؤكد: لن نصمت «الزمالك أكبر قلعة رياضية».. عضو مجلس الأهلي يكشف رد فعل الخطيب بعد تصريح حسين لبيب مواعيد مباريات اليوم.. مواجهات قوية بأبطال أوروبا والنصر مع العين فى آسيا مي عبد الحميد: هدفنا توفير السكن الملائم للمواطنين منخفضي ومتوسطي الدخل شيخ الأزهر يستقبل محافظ أسيوط لبحث سبل التعاون المشترك إجراء القرعة السابعة على الأراضي التي تم توفيق أوضاعها بالعبور الجديدة الأحد المقبل..تسليم دفعة جديدة من وحدات ”سكن مصر” للفائزين بها بمدينة القاهرة الجديدة

فن

المكتشف والمعلم والزوج والابن والأستاذ 5 رجال صنعوا مجد ”فيروز”.. عصفورة الشرق

فيروز
فيروز


لم تكن تدري البنت الشلبية ذات العيون الجوزية أنها بعد عدة سنوات من نعومة أظافرها ستصبح جارة القمر، ويحلم محبوها بإطلالتها عليهم ولو كل سنة مرة فتصبح لديهم كنجمة العيد، أو حتى سؤالها قائلين، كيفِك إنت، أو أن يكون يوم مولدها يصبح ليلة عيد لمتذوقي الموسيقى من المحيط للخليج، إنها عصفورة الشرق، التي أحبت لبنان فأحبها شعبه وجيرانه إنها فيروز التي ولدت في مثل هذا اليوم 21 نوفمبر منذ 81 عاماً.

أصدرت فيروز ما يتجاوز الـ 700 أغنية وما يفوق الـ50 ألبوم غنائي، وكان للعنصر الرجالي في حياتها بالغ الأثر في صنع مجدها فمكتفشها رجل، وداعمها رجل، ومقدمها الأول رجل، كانت أسمهائهم محدده معروفة ويمكن أن نجوز ٥ رجال صنعن مجد فيروز وربما تكون لكل رجل منهم أغنية تليق عليها وعلى قصة علاقته بنجاح فيروز.


محمد فليفل.. إيه في أمل


الصدفة وحدها جمعت محمد فليفل بفتاة صغيرة تغني في إحدى المدارس اللبنانية، أثناء بحثه عن مواهب تشدو الأغاني الوطنية في الإذاعة اللبنانية هنا لعب القدر لعبته فوقعت في طريقه "نهاد حداد" التي ستعرف لاحقاً باسم "فيروز" فتطرب أذنه ليدخل "فليفل" في مفاوضات قوية مع والدها لإقناعه بالسماح لإبنته الصغرى بالغناء في الإذاعة، متقبلا لشرط أن الغناء سيكون وطنيا فقط، فتحمل كشاف المواهب نفقات دراستها في معهد الموسيقى، وجهها موسيقياً وضع لها معايير قاسية للحفاظ على الناي الذهبي أبرزها عدم تناول الطعام الذي يحتوي على البهارات أو الحمضيات أو أي شيء آخر ربما يؤثر على أحبالها الصوتية ، لا طبقات عالية ولا مقاطع مجهدة صوتياً كانت المحظورات للطفلة التي تستعد لشقّ طريقها نحو سلم المجد الموسيقي.
دراسة مستمرة لأربع سنوات، كبرت البنّوت لتدخل اختبارات الغناء في الإذاعة وتشدو بأغنيتي يا زهرة في خيالي للموسيقار فريد الأطرش، ويا ديرتي لشقيقته أسمهان لتتمكن من حصد قلوب لجنة التحكيم التي ترأّسها عاشق الورد، وبذلك يكون "فليفل" واضع الأسطورة اللبنانية علي طريقها الصحيح والمساهم الأول في تكوين صوتها الجبلي الخلاب، وليكون هو الأمل في ميلاد نجمها.


عاشق الورد.. حليم الرومي


التقى "الرومي" بالطفلة الصغيرة نهاد حداد خلال اختبارات الإذاعة اللبنانية في مارس عام 1950 أعجب بصوتها وجذبته عذوبتها حتى وقع في غرام طبقاتها ليطلق عليها اسم"فيروز"، ويمنحها عدة ألحان تخرجها من عباءة مكتشفها وأناشيده "فليفل" فتغني من ألحان الرومي، في شهر أبريل من العام ذاته أغنية "تركت قلبي" التي غنتها على هوا الإذاعة، ثم "في جو سحر و جمال" وتكون انطلاقتها الحقيقة بتقديم دويتو مع "الرومي" لأغنية عاشق الورد لحنها هو، وألفها محمد السباع في العام ذاته.

https://www.youtube.com/watch?v=hYnipa7Bv70

ظلت "فيروز" تغني من ألحان "الرومي" حتى عام 1951، حين أشار على سيد الهوى بالتلحين للنجمة المستقبلية، في خطوة كانت محلّ تحليل طويل أوردها المؤلف سعد الله آغا، في كتابه"كتاب الأغاني الثاني" حيث قال إن هناك عدة فرضيات لتسليم "الرومي" لجوهرته "فيروز" إلى يد شخص أخر، أبزرها أن الرومي أراد التلحين لنجوم أكثر شهرة من فيروز، أو لأنه رأى أن طريقة ألحانه لن تكون مناسبة لها بصورة أكبر فقدمها إلى من يوجهها في الطريق الصحيح، وفي الحالتين فترشيح "فيروز" لملحن أخر كانت خطوة موفقة فملحنها الجديد سيكمل حياتها الفنية الناجحة ويصنع منها القاعدة العريضة للأسطورة الموسيقية.


سيد الهوى.. عاصي الرحباني


أحبته، عشقته، تمردت عليه، تركته، بكته غنت له ولأجله صمتت في أغنية سألوني الناس لتبكيه عقب وفاته، فقالت "الإنسان لما بيشوف حلم عم يتحقق وفجأةً بينكسر هالحلم، بيحزن، وشي بداخله بينزف، وما بيوقف.. عاصي هو اللي كان، وبعدو ما راح يكون.. عيلتنا متل التراجيديا الإغريقية، الفرح فيها شي مؤقت ، والحزن والألم هو الأساس، وفرحنا المؤقت كان الحلم. والحزن كان الحقيقة. بس ما كنت أعرف هالشي.. ما كنت أعرف إنه الإنسان إذا ضحك، راح يبكي ألف دمعة مقابل هالضحكة".
وكيف لا تبكيه فقد تسلم "عاصي" بمعاونة شقيقه رايات "فيروز" في أولى عتبات الفن وعمرها لم يكن يتجاوز الـ15 عاماً ، وتركها نجمة يشار إليها بأصابع البنان، عملا معاً منذ 1951 فقدّما أول تعاون بينها وبين الرحبانه بأغنية "غروب" التي ألفها "قبلان مكرزل".

https://www.youtube.com/watch?v=M3C2vhYdQHI

ثم تبعت تلك الأغنية عدة أغاني ناجحة أبرزها "عتاب" التي غنتها "فيروز" عام 1952، قبل أن تتزوج من عاصي عام 1955 وعمرها 20 عاماً وأنجبت بعدها بعامين ابنهما الأكبر زياد، وخلال تلك الفترة قدما أهم أعمالها "راجعون" لصالح إذاعة صوت العرب.

https://www.youtube.com/watch?v=68OfRWWUkZY


أستمر نجاح الرحبانه وفيروز حتى السبعينات، فيروز أصبحت نجمة كبيرة ترفض الولاية والسمع والطاعة لـ"عاصي" صارت أكثر تمردًا لها أرائها الفنية والنقدية، وهو ما لم يكن ملائم لعلاقتها مع "عاصي" فانفصلا نهاية السبعنيات، لتبدأ عهداً جديداً مع أول من قال لها أمي، إلا أن وفاة "عاصي" عام 1986 كانت قاسمة لظهرها، وأثناء أدائها لمقطع "بيعز عليِّ غني يا حبيبي، ولأول مرّة ما بنكون سوا" بكت فيروز فقد رحلت روحها المتمثلة في سيد هواها عاصي الرحباني.


أمي.. زياد الرحباني


لوالدين فنانين ولد، تربى على الكلمات الموزونة والألحان الرنانة حتى سنحت له فرصة، وعمره لم يتجاوز السابعة عشر ربيعا، التلحين لوالدته "فيروز" أغنية تعد واحدة من أبزر أغانيها ، التي تعاون فيها مع عمه منصور بكلماته، التي جاء في صدرها "سألوني الناس عنك يا حبيبي كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا، بيعز علي غني يا حبيبي لأول مرة ما بنكون سوا" عام 1973 عقب مرض والده "عاصي".
https://www.youtube.com/watch?v=151IbT6ucO4


حققت الأغنية نجاحاً منقطع النظير شجعه على استكمال مسيرته وتكوين أسلوبه الخاص النابع من الموسيقى اللبنانية والموسيقى العربية والموسيقى الشرقية والموسيقى العالمية، فقدم مع والدته عدة أغاني ناجحة أبرزها قديش كان في ناس، حبيتك تنسيت النوم، صباح ومسا، كيفك أنت، كما قدما سويا عدد كبير من الأعمال الفنية سواء الأغاني الفردية أو الألبومات أو حتى الأعمال المسرحية، حتى عام 2010 حيث قدما سويا أخر أعمالها في ألبوم "إيه في أمل" قبل سنوات القطيعة التي بدأت بينهم بسبب إفصاح "زياد" عن هوية والدته السياسة فقال فيروز تحب حسن نصر الله، ومعجبة بأدولف هتلر، والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، بالإضافة إلي جوزيف ستالين، مما أغضب والدته ومنذ 2014 لا زالت القطيعة مستمرة، وقدمت فيروز ألبومها الأخير "ببالي" دون إبنها، فصار "زياد" العاق الذي أنجب والدته "فنيا".


محمد عبد الوهاب.. سكن الليل


ربما لم يعملا سوياً في عدة أعمال فنية إلا أنه بلا شك تظل قيمة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بلا منازع في الوطن العربي، ما يجعل تعاونه مع أي فنان كبير كانة أم صغير مميز للغاية، وهو ما حدث مع فيروز، حيث التقيا للمرة الأولى عام 1961 وأبدى إعجابه الشديد بصوتها، فتعاونا في أول أعمالها أغنية سهار بعد سهار، في تحدٍّ واضح للهجة المصرية فكلمات الأغنية التي كتبها الاخوين الرحباني تقول "سهار بعد سهار..ت يحرز المشوار" وحرف التاء يوزاي للمصريين كلمة "علشان" وبذلك كان عبد الوهاب على موعد مع تحدٍّ كبير يقوم به ملحن مصر وربما لم يكررها سواه، إلا أن الأغنية لم تكن بالقوة المطلوبة.

https://www.youtube.com/watch?v=PfRo9UPwg5g

فتعاونا مرة أخرى عام 1967 ولكن هذه المرة في أغنية سكن الليل التي تعد أقوى تعاون بين القطبين الكبيرين، وفي عام 1986 تعاونا مرة أخرى، في أغنية مرّ بي، ويا جارة الوادي و خايف أقول اللي في قلبي، ولم يتعاونا بعدها حتى وفاة عبد الوهاب عام 1991.

https://www.youtube.com/watch?v=Dr6NlLL5Cl4

هناك بعد رجال آخرين أمثال فلمون وهبة وزكي ناصيف و سعيد عقل وغيرهم الذين ساهموا في إنجاح مسيرة النجمة الفيروزية إلا أن الخمس رجال السالف ذكرهم كان لهم بالغ الأثر في تربّعها على عرش قلوب العرب وها هي تكسر حاجز الـ86 عامًا ولا زال صوتها ينبض أملاً وحبًا وفناً محفوراً على صخرة التاريخ الموسيقي العربي.