النهار
الإثنين 23 ديسمبر 2024 01:04 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

خاص| وزير الاتصالات الفلسطيني فى حوار مفتوح لـ”النهار”: خسائر قطاع الاتصالات تجاوزت 50 بالمائة ونحتاج أكثر من عام لإعادته”

محررة النهار مع إسحاق سدر وزير الاتصالات الفلسطيني
محررة النهار مع إسحاق سدر وزير الاتصالات الفلسطيني

ما زالت الحرب مشتعلة والعدوان الإسرائيل على قطاع غزة مستمر، وسط جرائم لا تنقطع تحت مرأى ومسمع العالم، ومحاولات جيش الاحتلال التعتيم على ما يحدث داخل القطاع المحاصر، عن طريق قطع شبكات الاتصالات بشكل مستمر، لعزل الشعب الفلسطيني الشقيق عن العالم، ليمارس جرائه وعدوانه بكل أريحية، ومن ثم يصدر أكاذيبه للعالم.

أجرت جريدة "النهار المصرية" حوار عبر تطبيق "زووم" مع وزير الاتصالات الفلسطيني الدكتور إسحاق سدر، والذى كشف لنا تفاصيل الهجمة الشرسة التى شنها جيش الاحتلال على قطاع الاتصالات الفلسطيني، وجهود إعادته مرة أخري للعمل.

كيف تري ما يحدث داخل قطاع غزة من تواصل عمليات قطع الاتصال؟ وردود الأفعال الدولية على ما يحدث داخل قطاع غزة؟

بداية أود أن أبدأ حديثي بالإشارة إلى رواية مزرعة الحيوان التى درسناها فى مراحلة الدراسة الثانوية، حينما قرر الحيوانات القيام بثورة على الإنسان قاد الخنازير الثورة، وكتبوا سلسلة من الأفكار والمصطلحات التى تحكمهم بعد الثورة، وكان من بين تلك الأفكار، أن كل الحيوانات متساويين، ولكن بعد نجاح ثورتهم بفترة تغير كل شيء، وهذا ما نراه الآن واقعًا حقيقًا، فالمفاهيم والشعارات والأخلاقيات التى نسمع عنها فى العالم اختفت فى التعامل مع الحرب على غزة.

ما حدث فى هذه الحرب من فظائع وجرائم إبادة جماعية، للأسف لم يحرك ضمير العالم، فكثير من المؤسسات والمسئولين فى بعض الدول؛ تغيرت مواقفهم فجاءة، حتي فى الاستفتاء الدولي لوقف إطلاق النار، شاهدنا دول العالم الحرة تعترض على القرار، شاهدنا مواقف مختلفة كثيرة، بعضها شجع على الجرائم والتطهير العرقي، وبعضها فضل الصمت، والأخر دعم بحديث شفهي.

كيف ينفذ جيش الأحتلال الإسرائيلي عملية قطع الاتصالات عن قطاع غزة؟

تتم عملية القطع عن طريق القرصنة على الخطوط التي تصل إلى قطاع غزة من خلال فلسطين التاريخية 48، والذى يتحكم فيها الاحتلال يدويًا، وكما شاهدنا القطع يتم بشكل عشوائى، وتم حتى الآن لمدة 3 مرات، ولمدد غير محددة، أما عن الأسباب، فأنا ليس من مدرسة التحليل، ولكني أتحدث بما أراه على الأرض وأثاره، هم يسألوا عن ذلك.

ما هي البدائل التى تلجئون إليها فى أوقات قطع الاتصالات؟

البدائل لدينا قليلة للغاية، ولكنها كلها كانت مطروحة على الطاولة؛ عن طريق غرفة الطوارئ المشكلة مع شركات الاتصالات ومزودي الخدمات، وكل البدائل كانت تدرس، ولكنها نتمسك دائمًا بالبدائل القابلة للتنفذ، وكان من بينها التنسيق مع مصر لفتح خدمة التجوال، أوالتنسيق مع شركة "ستارلينك"، لكن بعض الأمور تتعطل، لأننا نحتاج لإدخال بعض الأجهزة، ولإسرائيل اليد العليا فى عمليات إدخال كل هذه الأمور إلى القطاع، وليس تلك الأمور فحسب، ولكن الأكل والشرب وحتي الأدوية وما إلى ذلك، ولكننا فى الوقت الحالى، ندرس كافة الخيارت لتنفيذ المتاح منها، ولكن للأسف معظم تلك الخيارات، كان يجب أن يتم تجهيزها فى وقت غير وقت الحرب.

كيف تسير الأمور داخل قطاع غزة وقت انقطاع الاتصالات؟

كل شيء يتعطل، فشبكات الانترنت والاتصالات أصبحت شيء أساسى وفى هذه الأيام، التى ينقطع فيها الاتصال لا يكون هناك أي نوع من أنواع التواصل؛ فالعالم يعتمد على الانترنت بشكل كبير، حتي قبل الانترنت كان هناك الهواتف الأرضية، ولكن كل شيء داخل القطاع يتوقف تمامًا، فقط بعض القنوات التى لديها القدرة على الاتصال عبر "القمر الصناعي" هي التى تواصل عملية البث، ولكن يكون هناك صعوبة أيضًا فى التواصل بين فريق العمل كالمراسل وغيره.

وماذا عن التنسيق مع الجانب المصري فيما هو متعلق بمجال الاتصالات؟

مع قطع الاتصالات والانترنت عن قطاع غزة، تواصلنا مع الأشقاء فى جمهورية مصر العربية، وتحديدًا مع معالى الوزير عمرو طلعت وزير الاتصالات المصري، والذى أبدى الاستعداد لتلبية الطلبات، والتى كانت من بينها تقوية بث الشبكات المصرية باتجاه الأراضي الفلسطينية، وفتح خدمة التجوال على هذه الشبكات، وهذه الحلول قد تكون جزئية، خاصة للأراضى الفلسطينية القريبة من مصر كرفح وخان يونس.

والتنسيق المصري لازال تحت الدراسات لان الموضوع ليس سهلًا، وكل الأمور التى تحدث عنها زميلي عمرو طلعت وزير الاتصالات المصري نابعة عن إرادة وانتماء قومي رائع، وهناك وقفة محترمة من جهة مصر، وهذا ليس غريب على الجانب المصري، وفى الأيام المقبلة، سنجد نتائج هذا الموضوع لأن حتي فى الأيام العادية (غير أيام الحرب)، نحن نحتاج إلى خدمة التجوال، خاصة للفلسطينين الذين يزورون الأراضى المصرية.

وإلى إين وصلت اتصالاتكم مع شركة "ستارلينك" لتقديم خدمة الانترنت لـ"قطاع غزة"؟

كان هناك اتصالات مع شركة "ستارلينك"، من أجل الحصول على خدماتها لبعض المناطق والمحافظات الشمالية من قطاع غزة، والتى لم نتمكن من إيصال خدمات الاتصال لها، خاصة للمؤسسات الحيوية كالمدارس والمستشفيات، وكثفنا التواصل يوم الجمعة، وكان هناك ردود فعل إيجابية بأنهم على استعداد لتقديمة الخدمة للقطاع، وبدأنا فى اتخاذ خطوات عملية من أجل تجهيز الأجهزة اللازمة لاستقبال لاخدمات وبدأنا نتفاوض للشراء والتنسيق لإدخالها قطاع غزة، ولكننا فوجئنا ظهر يوم السبت بإن "إيلون ماسك" غير التغريدة التى أعلن فيها استعدادها لتقديم خدماته لـ"قطاع غزة"، وقال إنه بعد التواصل مع شركته، اتفقوا على توصيل الخدمة للمؤسسات الأغاثية الدولية المعترف بها فقط، هذا التغير المفاجئ جلعنا ندركة قيمة الإزدواجية فى التعامل مع المشاكل المختلفة حول العالم، فقبل شهور شاهدنا كيفة تعاملت "ستارلينك" مع أوكرانيا نتيجة الحرب الدائرة هناك.

وفى النهاية أصبحت "ستارلينك" جاهزة لتقديم الخدمات للمؤسسات الإغاثية، وهذا يدفعنا للسؤال حول ما حقيقة المفاهيم والمصطلحات التى يتحدثون عنها ليل نهار، وأكتشفنا أن دول ومؤسسات كبيرة هي التى تقع تحت سيطرة الاحتلال المالي، وغيره وليس نحن، ولابد أن يكون هناك وقفة لكل ما حدث.

ما هو حجم الدمار الذى أصاب البنية التحتية فى قطاع الاتصالات نتيجة العدوان الإسرائيل؟

يجب أن نصف حجم الدمار إلى شقين.. الأول يصنف كدمار مباشر، كقطع الدوائر وتدمير الهوائيات والمقاسم الأرضية والفرعية والمركزية، ولكن دعونا نؤكد أن هناك عبقرية فى التقدم العلمي فى موضوع الاتصالات، ولو ما كان فى عبقررية فى عملية التصميم كان الاتصالات انقطعت بشكل تام مع أول أسبوع للعدوان، هذه العبقرية تتمثيل فى البدائل، وعلى أية حال الشبكة طالها أكثر من 50 بالمئة دمار.

أما الجزء الثاني من الدمار يتمثل فى عدم وجود تيار كهربائى، فغزة محاصرة منذ 15 سنة ونعاني من نقص فى إمدادات الكهرباء منذ زمن، وكان هناك سيناريوهات لتزويد المحطات والهوائيات والمقاسم بالكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية ومولدات الوقود، ولكن الآن هناك تدمير فى خلايا الطاقة الشمسية، مع فقدانة الوقود، والخدمة لا تتجاوز الـ30 بالمائة، مما نستطيع الحصول عليه.

وماذا عن حجم الخسائر المالية؟

لتحديد حجم الحسائر يجب أن تهدأ الأمور وتنتهي الحرب، أما الأن فالتقييمات أولية، ونحن لم ننتهي بعد من عملية حسر الخسائر، لكن التقدير الأولي، يشير إلى أن الخسائر هائلة والأصعب من الخسائر الحالية، هي عملية إدخال المعدات، لأن الموضوع فى يد الاحتلال، فخلال الأيام العادية، نعاني من إدخال أي شيء، "بينشف ريقنا لإدخال التجهيزات اللازمة"، فضلًا عن أن عملية الحصر والشروع فى إعادة البنية التحتية فى حد ذاته أمور صعبة، ونحتاج لمدة لا تقل عن سنة لاستعادة قطاع الاتصالات عافيته.

كيف تري الموقف المصري تجاه ما يحدث فى قطاع غزة؟ خاصة فى قضية قطع الاتصالات؟

أري أن الدور المصري مهم في هذه الحرب، وفيما يجري علي الأرض من دعوات الوقف الفوري وإقامة هدنة وفتح المعابر والممرات الإنسانية، فمصر لعبت دور هام ومحوري وأساسي ونتمني أن يكون القادم أفضل لنا ولمصر الحبيبة.

طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدنة إنسانية فورية في غزة... كيف ترى أهمية تلك الهدنة؟

الهدنة مهمة ولكن القرار كان منذ فترة كبيرة ونحن الأن نعيش واقع غير معقول، حتي القرار الذي تم إتخاذة في الأمم المتحدة عارضته بعض الدول، ودول أخرى أمتنعت عن التصويت، الهدنة مهمة لإيقاف الجرائم التى تحدث فى حق الشعب الفلسطيني.

ظهرت المخططات الإسرائيلية واضحة حول تهجير الفلسطينين من أراضيهم.. ما تعليقك؟

فشلت المخططات الإسرائيلية في فكرة تهجير الفلسطنينين من أراضيهم فالشعب الفلسطيني متمسك بأرضه، وكل فلسطيني متواجد علي هذه الأرض، مرابط فنحن قوم مرابطون وهذا جزء من عقيدتنا، والجزء الأخر هو أننا لن نكرر ما حدث في نكبه 67و48، فالناس تركت منازلها وأرضها علي أساس أسبوع ويعودوا مرة أخري ولكن ظل الأمر 55 سنة، لذلك نحن مستعدون أن نستشهد ولا نترك أرضينا.

أخيرًا.. ما هو المخرج من هذه الأزمة.. وفق ما تراه القيادة السياسية الفلسطينية؟

أن القيادة الفلسطنية طوال الوقت تقول أن المخرج من هذه الأزمة هو تطبيق الشرعية الدولية، وهو ما يعني تطبيق حل الدولتين بما يتضمن ذلك عودة اللاجئين، وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس، الحل الذي نتحدث عنه حتي أمام دولة الإحتلال هو ليست حل أمني بل سياسي أي نحصل علي حقوقنا وننهي هذا الاحتلال الذي استمر لفتره طويلة،الذي يضيق علينا وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية، ويحصار قطاع غزة، فهو احتلال غبي، ونحن نوجة له رسالة "لابد أن يصحصحوا ونصل لحل سياسي مناسب فلابد أن ندور علي مستقبل مشرق لاولادنا حسب المبادرة العربية"، ولكن لا يوجد حل أمني، وأن لم يكن الأمر كذلك لن يكون هناك سلام، ولا انتهاء للحرب فلابد من عودة اللاجئين وإقامة دولة فلسطين ففلسطين تستحق.

كلمة أخيرة..

أنا بشكر كل إعلامي حر غطي بشرف وبمهنية وداف ناتج عن الانتماء الديني والوطني وجعل الموضوع فضح لعملية الاحتلال، ولكل الشعوب الحرة، التي تحركت لمساعدة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني فى الحرب غير المتكافئة، وأوجه رسالة إلي الإعلام الذي يضخم القدرات العسكرية الفلسطينية أقول لهم كفى، فنحن نعرف قدراتنا جيدا، ولابد أن نكون موضوعين فهناك قنوات ليست موضوعية، وتلعب علي التضخيم والاستهزاء من قدراتنا، وأوجه رسالة لشعبنا الشعب الفلسطيني وهو "هنعمرها.. والنصر قريب".

موضوعات متعلقة