”نزيف على الرصيف”.. من يحمي دماء المصريين من المخاطر والاتجار؟
تنتشر حملات التبرع بالدم في مختلف إنحاء الجمهورية، وتجوب السيارات الخاصة بتلك الحملات الميادين العامة، من أجل إقناع المارة بالتبرع بالدم، ونقله إلى الأماكن المختصة؛ لتوزيعه على المستشفيات، وإلى جانب ذلك هناك سوق أخر مجهول استغل فيه بعض تجار الدم الضعفاء والباعة الجائلين وأطفال الشوارع من أجل إقناعهم بالتبرع بالدم.. واستغلال حاجتهم المادية من أجل تحقيق الثراء من وراء دمائهم.
تفتح جريدة "النهار المصرية" ملف "التبرع بالدم".. وتسلط الضوء على عمليات التبرع العشوائى بالدماء، والقوانين المنظمة لتلك العملية، لحماية دماء المصريين من الاتجار والاستغلال، والإجراءات اللازمة لضمان سلامة المتبرع ومن يُنقل له الدم بعد ذلك، من خلال السيارات المنتشرة بمختلف أنحاء الجمهورية.
الصحة: الإجراءات آمنة
وزارة الصحة كشفت عبر منشور أصدرته أسباب عدم احتمالية انتقال العدوى أثناء التبرع، وكان من بينها استخدام أدوات التبرع مرة واحدة فقط لكل متبرع، وثانيها تعقيم وتنظيف الأماكن الخاصة بكل متبرع، وثالثها إتمام تعقيم الإبر التى يتم استخدامها للمتبرعين.
وقالت وزارة الصحة والسكان، إنه لا توجد احتمالية للإصابة بأى عدوى أثناء التبرع بالدم في السيارات المتنقلة التابعة للوزارة أو مراكز التبرع، مبررة ذلك بانه يتم تطبيق جميع معايير مكافحة العدوى في السيارات المتنقلة وكذلك المراكز بما في ذلك الإجراءات الاحترازية والوقائية لكورونا.
أمراض قاتلة
تقول الدكتورة آمال البشلاوي، رغم تأكيدات وزارة الصحة بإن الإجراءات المتبعة في عملية نقل الدم داخل السيارات آمنة؛ إلا أن التساهل من قبل بعض عاملي القطاع الصحي تقول عكس ذلك؛ وهناك نسبة خطأ ليست بقليلة في هذه العملية؛ رغم أن الخطأ غير مسموح به، والعاملين لا يقومون بتطبيق الإجراءات اللازمة الخاصة بالكشف الطبي الكامل على المتبرع قبل قيامه بعملية التبرع؛ وهو ما يعرضه لمخاطر ويعرض أيضًا بعد ذلك الشخص المنقول له الدم إلى الخطر.
وتتابع "البشلاوي" في تصريحات خاصة لـ"النهار"، التبرع بالدم إذا لم يتم سحبه من شخص سليم ومعافى، من الممكن أن تنقل كافة الأمراض المنقولة عبر الدم، كالإيدز، والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض، فضلًا عن الميكروبات التي تعمل على تسمم في الدم، كما أنها تقوم بعمل تفاعل غير سليم إذا كان الدم المنقول من شخص لشخص غير مطابق لنفس وظائف الدم بين الشخصين، وقد يؤدي ذلك إلى أعراض خطيرة.
وتابعت، أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم بكلية الطب بالقصر العيني، أنه لابد من الكشف على المتبرع قبل قيامه بالتبرع بالدم، فمن المخاطر أيضًا أن ينقل الدم بطريقة غير صحيحة، بمعني أن المتبرع لم يخضع لفحوصات طبية لازمة قبل عملية التبرع بالدم، ومن بين تلك الإجراءات اللازمة قبل عملية التبرع، هو إجراء فحوصات أمراض الدم، وأن يكون سن المتبرع أقل من 60 عامًا، وأن يكون معافى، وأوردته سليمة، ويتم تحديد فصيلة الدم، والتأكد من عدم معاناته من أمراض الضغط أو السكر أو الفشل الكلوي، والفشل الكبدي، أو أي أمراض تخل بصحته.
دماء منخفضة الثمن
الأمر لم يتوقف فقط عند سيارات التبرع بالدم المنتشرة في مختلف أنحاء الجمهورية، فقد كشفت أجهزة الأمن بالقاهرة عن واحدة من أخطر عصابات الاتجار بالدم، والتي مصت دماء أطفال الشوارع من أجل استغلال تلك الدماء في بيعها والتربح من ورائها، وكشفت التحقيقات في تلك القضية أن المتهمين استدرجوا أطفال الشوارع من منطقة السيدة زينب بحجة إنهم يجرون لهم تحاليل دورية، ويحصلا على تلك الدماء من الأطفال مقابل مبلغ زهيد من المال، وبيعها لشخص أخر يعمل في أحد المستشفيات بمحافظة الغربية مقابل مبلغ مالي مرتفع.
التحقيقات كشفت أيضًا أن المتهم الرئيسي في تلك الواقعة عاطل يدعى "م.أ" 30 سنة، والذى تلخص دوره في تجميع أطفال الشوارع واصطحابهم لشقة سكنية تابعة لقسم شرطة السيدة زينب، ليستقبلهم صديقه الذى أدعي أنه متخصص وخبير في التحاليل؛ ليقوم بسحب كمية من الدم منهم، بعدها يجمعوا تلك الأكياس (أكياس الدماء)، ويبيعوها لشخص يعمل في مستشفى بمحافظة الغربية.
التبرع عن إرادة حرة
يقول المحامي والخبير القانوني أحمد بركة قضية التبرع بالدماء قضية أمن قومي؛ فأكياس الدم يحتاجها الآلاف من المرضى؛ ويتطوع للتبرع بها آلاف أخرين، ولكن للأسف يستغل بعض السماسرة هذا الأمر من أجل تحقيق أرباح مادية، رغم كون أكياس الدم غير قابلة للبيع والشراء، وهناك جهات مجهولة تقوم بجمع الدماء من المواطنين، بل ظهرت دعوات على "فيس بوك" لهذا الغرض، والحجة المعلنة توصيلها إلى المرضى.
وتابع، نص القـانون رقـم 8 لسنـة 2021 بإصدار قانون تنظيم عمليات الدم وتجميع البلازما لتصنيع مشتقاتها وتصديرها، عدم قبول ترع الأطفال أو فاقدي الأهلية بالدم أو بلازما الدم، كما عرف "عمليات الدم" بأنها جمع الدم ومركباته ومشتقاته، أو فحصه أو تخزينه أو توزيعه أو نقله عدا البلازما لغرض التصنيع، أما "البلازما" فهي إحدي مشتقات الدم ، وتشمل البلازما العلاجية والبلازما المجمعة لغـرض التصنيـع.
و"أضاف" جاءت المادة 15 لتقضي بأنه مع مراعاة حكم المادة (11) من هذا القانون، يجب أن يكون التبرع بالدم أو بلازما الدم تطوعًا وبغير مقابل، وفي جميع الأحوال يكون التبرع صادراً عن إرادة حرة خالية من عيوب الرضا على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وأختتم، وفقا للمادة القانونية، فأنه لا يقبل التبرع من الطفل ولا يعتد بموافقة أبويه أو من له الولاية أو الوصاية عليه ، كما لا يقبل التبرع من عديم الأهلية أو ناقصها ، ولا يعتد بموافقة من ينوب عنه أو من يمثله قانونا ويكون استبعاد المتبرع لأسباب طبية رها من أسباب التمييز الأخرى ، وذلك بعد إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية.