الرسوم الجمركية تخلق نزاعا جديدا بين الصين واليابان

كشفت تقارير إعلامية عن دعوة صينية صريحة لليابان لتشكيل جبهة موحدة في مواجهة السياسات الحمائية التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعلى رأسها فرض رسوم جمركية باهظة على الواردات الصينية، ووفقًا لما نقلته وكالة «كيودو» اليابانية، فإن رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج بعث برسالة إلى نظيره الياباني شيجيرو إيشيبا يقترح فيها تعاونا اقتصاديا لمواجهة الحمائية التجارية، وخصوصا الرسوم الأمريكية البالغة 145% على الواردات الصينية.
مقترح صيني جديد
وبرغم أن المقترح الصيني قد يبدو منطقيا بالنظر إلى حجم اقتصادي البلدين وتأثرهما المباشر بسياسات ترامب، إلا أن محللين يرون أن طوكيو لن تخاطر بتحالفها الاستراتيجي مع واشنطن من أجل مكاسب تجارية مؤقتة، حسبما ذكرت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينج بوست» الصادرة عن هونج كونج، ويقول البروفيسور ريو هيناتا ياماجوتشي من جامعة طوكيو الدولية: «لا يمكن لليابان أن تصطف إلى جانب الصين في نزاعها التجاري مع الولايات المتحدة، إذ أن أي تلميح لذلك سيقابل برد فعل أمريكي عنيف وسريع».
ونقلت الصحيفة، عن «ريو» قوله: «ربما تهدف بكين من وراء هذا العرض إلى إحراج طوكيو أو خلق توتر في علاقاتها مع واشنطن، خصوصا وأن العلاقات التجارية الثنائية بين اليابان والولايات المتحدة شهدت مؤخرًا تقدمًا لافتًا»، وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه اليابان بالفعل رسوما جمركية أمريكية بنسبة 25% على صادرات السيارات وقطع الغيار إلى السوق الأمريكية، وهي خطوة تهدد إحدى أكبر ركائز الاقتصاد الياباني. كما تلوّح إدارة ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 24% على سلع أخرى، رغم تعليق القرار مؤقتا لمدة 90 يومًا.
جهود وإعفاءات
ورغم جهود طوكيو المستمرة للحصول على إعفاءات، فإن الحكومة اليابانية تخشى من أن استمرار هذه الرسوم سيؤدي إلى خسائر فادحة في قطاع السيارات، ما لم تقدم تنازلات في قطاعات أخرى مثل استيراد الأرز والسيارات الأمريكية، بحسب الصحيفة الصينية.
وفي خضم هذه التوترات، التقى إيشيبا بالسفير الأمريكي الجديد لدى اليابان جورج جلاس في طوكيو، حيث جددا التزام بلديهما بالتحالف الأمني التاريخي الذي يعود إلى عام 1951. ويُنظر إلى هذا التحالف كصمام أمان في ظل التهديدات الإقليمية المتزايدة، لا سيما من كوريا الشمالية والصين ذاتها.
ويؤكد مراقبون تحدثوا لوكالة «كيودو» أن اليابان تدرك أن الانخراط في أي محور مع الصين قد يُفسَّر كإشارة عدائية من قبل الإدارة الأمريكية، التي سبق لها أن طالبت طوكيو بدفع مبالغ إضافية مقابل بقاء القوات الأمريكية على أراضيها، من جانبه، يرى البروفيسور بن أسكيون من جامعة واسيدا اليابانية أن اليابان لن تستجيب للدعوة الصينية، لكنه يعتقد أن تشكيل تحالف دولي أوسع من الدول المؤمنة بحرية التجارة، مثل أستراليا وكوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا، قد يكون الطريقة الوحيدة لمواجهة نهج ترامب.
وأشار إلى أن ترامب يتعامل مع التجارة بطريقة مفصولة تماماً عن الواقع الاقتصادي، وقد سببت سياساته ضرراً واسعاً على المستوى الدولي، مضيفًا أن الضربة القوية التي تعرض لها الاقتصاد العالمي قد تكون الدافع الحقيقي نحو تعاون دولي أشمل.
ويشير محللون إلى مفارقة لافتة، وهي أن معظم المطالب الأمريكية الحالية بشأن فتح الأسواق اليابانية، مثل الأرز والسيارات، كانت قد أُدرجت ضمن اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ «TPP» التي انسحب منها ترامب فور توليه منصبه في يناير 2017، ما فتح الباب لسلسلة الأزمات التجارية الحالية.