في متابعة مستمرة للنهار علي اخر مجريات احداث سيول درنة الليبية
لماذا يرفض الشارع الليبي ميزانية المليارين من الدولارات لمواجهة كوراث واثار سيول درنة؟
في تجاوب سريع من الدولة الليبية لمواجهة تداعيات كارثة سيول درنة أقر مجلس النواب الليبي في جلسته الطارئة أمس الخميس القانون رقم 25 بشأن اعتماد ميزانية طوارئ متمثلة في تخصيص مبلغ وقدره 10 مليارات دينار (ملياري دولار) وذلك لمجابهة الكارثة الطبيعية الناتجة عن إعصار "دانيال" الذي تعرضت له المدن والمناطق الواقعة في شرق ليبيا.
وأوضحت عضو مجلس النواب الليبي عائشة الطبلقي في تصريحات صحفية بأن "الأزمة كبيرة جدا والمصاب جلل، ويحتاج منا جميعا الوقوف والمشاركة في البناء على ما خلفه الإعصار من دمار".
وتابعت أن "مجلس النواب الليبي أصدر قانون ميزانية طوارئ بقيمة 10 مليار دينار، وذلك لتغطية احتياجات ما خلفه الإعصار من دمار".
وواصلت أن "هذه القيمة وُزعت على عدة بنود، أهمها تكاليف مواد صحية وطبية وصيانة الكهرباء التي دمُرت، والبنية التحتية، والطرق والجسور والسدود، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ بقيمة 4 مليارات دينار من هذا المشروع لتعويضات وجبر الضرر".
واضافت انه "تم التأكيد على السماح بالمناقلة من بند إلى بند إلا بند التعويضات وجبر الضرر، والهدف من ذلك هو وصول هذه القيمة بكاملها إلى تعويض المواطن في المناطق المتضررة".
ولفتت إلى أن "مجلس النواب الليبي شكّل لجنة برلمانية لمتابعة ومراقبة آلية الصرف، وتذليل الصعاب التي تواجه الحكومة، وسوف تقدم هذه اللجنة تقارير دورية لمتابعة المشروع".
وختمت الطبلقي تصريحاتها بالثناء على كل من قدم للشعب الليبي واجب العزاء والمساعدة من كل المدن والدول الصديقة والشقيقة، والمنظمات الدولية والنقابات والروابط والاتحادات العمالية الدولية.
واضافت إنه "لا بد أن يوحد مجلس النواب الصفوف الآن قبل الحديث عن الأزمة، لأن توحيد الصفوف هو توحيد الكلمة والتعاضد وإرسال رسائل مواساة للمتضررين في درنة والمناطق المتضررة، وذلك لأن مجلس النواب ليس حكرا للمنطقة الشرقية، وهو ممثل لكل مدن ومناطق ليبيا".
وقالت ان "الدور الحقيقي الآن هو أن يرى مجلس النواب الحقيقة بأم عينه، لأن ما حدث من تكاتف الليبيين بين بعضهم البعض أمر يُثلج الصدر، بغض النظر عن تنافس الحكومات في الشرق والغرب، نحن الآن في أزمة ولا بد من المجلس أن يرى هذا التعاضد بين الليبيين بعين إيجابية وبنظرة تفاؤلية، وعلى المجلس أن يعجّل بالرحيل هو وبقية الأطراف الأخرى".
وقالت إن "مجلس النواب تأخر في عقد جلسته، ولا يُعقل أن يحدث هذا الأمر من هذا الجسم التشريعي، خصوصا بأنها جلسة طارئة، ولكنها جاءت بعد 5 أو 6 أيام لا يُعقل هذا الأمر، وربما كان هذا الاجتماع بأوامر من مؤسسات أخرى من أجل هذه الميزانية، نحن نتحدث عن 10 مليار كفيلة ببناء مدينة أخرى".
"عند الاطلاع على بنود توزيع هذه المليارات، سنرى بأنها أمر مضحك خصصت لمواد التنظيف وملابس ومصاريف أخرى بقيمة تزيد عن 700 مليون دينار ليبي".
وأكدت أن "هذه الأرقام لن تذهب إلى مدينة درنة والمدن المتضررة لأن قيمة الدعم الشعبي تجاوزت الملايين، التي جُمعت من التجار والمتطوعين من المدن الليبية".
"هذا المجلس الذي قال بأنه سوف يكافح الفساد، بأنه "الفساد بأم عينه" لأنهم يتاجرون بهذه الأزمة" لافتا إلى أنه "من الغريب أن تخصص هذه القيمة لمواد التنظيف والمفروشات ونحن نتحدث عن أزمة مياه شرب في المناطق المنكوبة".
ومن ناحية اخري قال الدكتور مسعود البرجي المحلل السياسي الليبي إن "مجلس النواب الليبي تأخر في التعاطي مع هذه الكارثة، وعقد جلسة وصفها بالطارئة بعد عدة أيام من الكارثة"، واصفا الجلسة البرلمانية بـ"الهزيلة" وبأنها "أقرب لمهرجان خطابي منها إلى جلسة فاعلة تحمل إجراءات ومضامين عملية، يمكن إحالتها لبرنامج عمل يتعاطى مع شكل هذه الكارثة".
و"تخصيص 10 مليار دينار ليبي أي ما يعادل ملياري دولار ليست باب فساد فقط، بل هي شبهة فساد ثابتة، لأن مثل هذه المبالغ وأكثر منها تم صرفها مسبقا، ولكن لا أثر لها على الحياة العامة للمواطن، ولا على مشاريع البنية التحتية، ولا أثر لها على أي مشروع آخر".
وأشار إلى أن "سدي درنة اللذين تسببا في هذه الكارثة قد خُصصت لهما أرقام كبيرة للصيانة"، وتساءل: "لماذا لم تتم صيانتهما، وهل تم محاسبة من قصروا في صيانة هذه السدود، هل تم تحديد أين ذهبت الأموال التي خصصت لصيانة هذه السدود؟" على حد قوله.
وأضاف أن "الميزانيات التي تُصرف بالمليارات هي أبواب فساد عامة، ولا يستثنى من المسؤولية أي طرف من الأطراف السياسية من دون استثناء، وبأنها تتحمل مسؤولية الفساد والكارثة والتقصير في التعاطي مع هذه الكارثة".
وأكد البرجي أن "التقصير كان موجود ولا يزال مستمر" ووصف المدينة بأنها "منكوبة" وتعد مصدر للأوبئة، هناك مواطنون تحت الأنقاض، وهناك الكثير من المباني المنهارة لم يتم الوصول اليها، وبأن كل هذا محل فساد إلى جانب تخصيص هذا المبلغ، لا ضامن على الإطلاق لوصوله إلى مستحقيها ولصرفة بأوجه الصرف القانونية له"، وفق قوله.
واعتبر أن "تأخر مجلس النواب الليبي في عقد جلسته لم تحمل أي مسؤوليات حقيقية بالرغم من أن الجلسة كانت لمناقشة كارثة بعينها حدثت في مدينة درنة، والمناطق المتضررة في الجبل الأخضر".
وشدد مفتاح على:
"ضرورة الاستعانة بشخصيات علمية متخصصة وأكاديميين ومحللين أو من الدول الأخرى، لكن وقوف مجموعة من مجلس النواب للحديث عن كلام مبتذل والدعوة للوطنية، تلك الأساليب تجاوزها الزمن، والمواطن الليبي لا يثق في أي من الشخصيات السياسية الحالية، بالإضافة إلى ضعف التعاطي مع القضايا اليومية للمواطن الليبي، مع حرضهم على البقاء في مقاعدهم والاستمرار فيها، كل الأطراف الليبية في حالة صراع وتبادل للاتهامات".
ولفت إلى أن "مجلس النواب جسم تشريعي وليس تنفيذي، ولكنه يحمل صفة الرقابة، كيف سيتم ممارس الرقابة على الأجسام التنفيذية، وكيف سيحاسب الأجسام التنفيذية الحالية؟".
وقال: "كان من المفترض أن يعجّل البرلمان بعقد جلسته، ويجب أن يعيد النظر في مسألة الحكومتين، وبأن الأجسام العسكرية تجاوزت خلافاتها واندمجت مع بعضها بالرغم من حالة الاقتتال التي كانت بينها، فلماذا لم يضغط مجلس النواب من أجل الوحدة بعد هذه الكارثة؟ ولكن مجلس النواب يسعى للبقاء في السلطة والمحافظة على مصالحه، والاستفادة من مثل هذه الكوارث الطبيعية والمصطنعة".
وشهدت مناطق الشرق الليبي منذ يوم الأحد الماضي سيولا عارمة تسببت في مصرع وفقدان آلاف المواطنين وغرق آلاف المنازل وانهيار البنية التحتية جراء العاصفة "دانيال" التي وصلت المنطقة قادمة من البحر المتوسط.