النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

رئيس قطاع الصحة بالقاهرة: مليون حالة تستقبلهم مستشفيات المحافظة.. ونسعى لثورة صحية تواكب المستقبل|خاص

صحفي النهار مع رئيس قطاع الصحة بالقاهرة
حوار عربي عيسى -

في سباقٍ متسارع نحو التقدم، تشهد المنظومة الصحية في القاهرة طفرة غير مسبوقة تضع صحة المواطنين في مقدمة الأولويات من إصلاحات إدارية شاملة إلى مشروعات طموحة تعيد رسم خارطة الخدمات الطبية، تخطو مديرية الصحة بالعاصمة بخطوات واثقة نحو مستقبل صحي أكثر تطورًا وكفاءة.
بالأرقام.. الإنجازات تتحدث:
833.350 حالة طوارئ استقبلتها مستشفيات القاهرة خلال ثمانية أشهر.
• 19.420 عملية جراحية ناجحة بمستشفيات التابعة للمديرية.
• 198.370 قرار علاج على نفقة الدولة لدعم غير القادرين.
• 795.150 مستفيدًا من المبادرات الرئاسية للكشف المبكر عن الأمراض.
• 17.5 مليون خدمة طبية قُدمت للمواطنين، في نقلة نوعية غير مسبوقة.

من إنشاء بنك للقيادات لتأهيل الكوادر الطبية، إلى ميكنة 150 منشأة صحية، تتوالى الإنجازات في مسيرة تطويرية تعيد صياغة مفهوم الرعاية الصحية. كيف تمكنت المديرية من تقليص مدة انتظار المرضى من 7 أيام إلى أقل من 24 ساعة؟ وما سر إصلاح أكثر من 330 أجهزة طبية وخفض نسبة الأعطال من 14.9% إلى 4.4%؟
في هذا الحوار الحصري مع الدكتور حمودة الجزار رئيس قطاع الصحة بمحافظة القاهرة، نكشف أسرار التحولات الكبرى، التحديات التي واجهها القطاع، والخطط المستقبلية لضمان استدامة هذا النجاح هل نحن أمام نموذج صحي جديد يُحتذى به؟.. وإلى نص الحوار..

- كيف بدأتم التفكير في تطوير القطاع الصحي بالقاهرة؟ وما رؤيتكم؟
في البداية، أوجّه الشكر والتقدير لمن سبقوني، وعلى رأسهم الدكتور محمد شوقي، لما قدّمه من جهد، ولما تركه من بصمة واضحة وإرثٍ محترم في المديرية. وأعتبره بمثابة الأستاذ والوالد الفاضل. وأؤكد أن تولّي المسؤولية بعد شخصية بحجمه يُعد مسؤولية كبيرة وشرفًا عظيمًا في آنٍ واحد.


أما عن كيفية بداية التفكير، أود أن أقول إننا بدأنا في تقييم الوضع من الداخل والخارج بشكل متوازن، فوضعت خطة شاملة ترتكز على تطوير الهيكل الإداري الداخلي، إلى جانب إعادة رسم الخريطة الصحية للقاهرة بما يتماشى مع توجهات الدولة. اعتمدت على ثلاثة محاور أساسية: المنشآت، العنصر البشري، والمعدات، وحرصت على العمل المتوازي عليها جميعًا.


- كيف تعاملتم مع التحديات الإدارية داخل ديوان المديرية؟
اكتشفت تداخلات واضحة بين الإدارات ربما تُعطّل سير العمل، مثل التضارب بين إدارة التخطيط والإدارة الهندسية، أو بين التعاقدات وإدارة الشؤون القانونية. عقدت اجتماعات تشاركية، وحددت اختصاصات كل إدارة بدقة، مما أدى إلى تقليل الاحتكاك وتحسين كفاءة الأداء داخل المديرية، مع إرضاء العاملين كلٌّ في إدارته.


- كيف واجهتم تحدي غياب المعرفة المسبقة بكوادر المديرية؟
أطلقت مبادرة "بنك القيادات"، وفتحت باب الترشح داخليًا للوظائف الإشرافية، بهدف تكوين قاعدة بيانات دقيقة للكفاءات. أجرينا مقابلات شخصية. كما أعددت خطة تدريبية شاملة بالتعاون مع الوزارة لتأهيل الصفين الأول والثاني من القيادات، لضمان جاهزية الكوادر وتفعيل مفهوم القيادة المؤهلة.


- ما اول إنجازاتكم منذ تولي المنصب؟
رغم التحديات، نجحنا في إضافة 12 سرير عناية مركزة بمستشفى المنيرة، وتشغيل مركز أسنان مدينة نصر، وتم تسليمه لأمانة المراكز الطبية، ما ساهم في تحسين الخدمة المقدمة للمواطنين. وكان ذلك خلال أول شهر من تولّي عملي.


- ما سبب اعتمادك الكبير على الجولات الميدانية في أول شهرين؟
كنت مؤمنًا أن الإصلاح لا يمكن أن يتم من المكتب فقط، بل يجب أن يبدأ من الميدان. أجريت 49 زيارة ميدانية صباحية ومسائية وليلية خلال أول شهرين، بهدف فهم حقيقي لأداء المنظومة. استمعت خلالها للفرق الطبية والمرضى على حد سواء، ما ساعدني على بناء تصور دقيق ووضع خطة تطوير واقعية مبنية على حقائق. وأود أن أذكر أنني ما زلت على نفس المبدأ في المرور الميداني.


- كيف تعاملتم مع مشكلة تأخر صرف بعض المستحقات لبعض العاملين في بعض الإدارات؟
لاحظت تأخرًا – وإن كان بسيطًا – في صرف بعض المستحقات لبعض العاملين في بعض الإدارات، كالحوافز وبدلات الانتقال واعتبرتُ ذلك عائقًا كبيرًا أمام رفع كفاءة الأداء بدأت مراجعة دقيقة وشاملة، وتم صرف معظم المستحقات المتأخرة دعمًا لحقوق العاملين وتحفيزًا لهم.


- ما أبرز إجراءاتكم لتحسين الكفاءة الإدارية وتسريع الأداء في مديرية الشؤون الصحية بالقاهرة؟
اعتمدت على تفويض الصلاحيات لوكلاء المديرية ورؤساء المناطق الطبية، مما خفّض البيروقراطية وسرّع الأداء منحنا المسؤولين حرية اتخاذ القرار في قطاعاتهم، مما عزز المسؤولية وسهّل الاستجابة الفورية، وتحولت المديرية من منظومة جامدة إلى ديناميكية تشجع على الابتكار والمبادرة.


- كيف طورتم نظام مؤشرات الأداء؟ وما أثره في تحسين الخدمات؟
أنشأنا نظامًا شهريًا ثابتًا لمؤشرات الأداء لقياس أداء المستشفيات والمراكز الطبية. حولنا الاجتماعات لمراجعة الإنجازات ومعالجة القصور، وشجّعنا التميز من خلال التقييم الدوري والتحليل الدقيق، مما عزز من تطوير الخدمات واستدامة التحسين.


- كيف تضمنون أن المرور الميداني لا يبقى حبيس التقارير؟ وهل هناك آلية للمتابعة الفعالة؟
فعّلت المكتب الفني كمركز تحليلي لصياغة توصيات واقعية، وأنشأت مكتب متابعة مستقل يتابع تنفيذ التوصيات ويحوّل التقارير إلى خطوات عملية. هذه المنظومة ضمنت استدامة الرقابة والتحسين، وجعلت المرور الميداني أداة فعالة لا إجراءً شكليًا.


- ما إجراءاتكم لتقليص قوائم الانتظار في الرعايات المركزة، وما نتائجها؟
أضفنا 53 سرير رعاية مركزة بدعم من الوزارة، متضمنًا أقسامًا جديدة لرعاية الأطفال بمشاركة مجتمعية، فقلّت الحالات المنتظرة من 200 إلى 40–50 حالة، وانخفض وقت الانتظار لأقل من 24 ساعة، وتم إيفاد ممثلين للمديرية إلى غرفة الرعاية الحرجة لتحسين التنسيق والتوزيع، مما رفع كفاءة الاستجابة لحالات الطوارئ.


- كيف تعاملتم مع المديونية في الأمن والنظافة والأغذية؟
وجدت مديونية كبيرة شعرت أنها ربما تؤثر على سير العمل، لكن بدعم من الوزارة بدأنا في جدولة المبالغ المتراكمة وتقسيمها على فترات سداد معقولة. ركزنا أولًا على سداد المستحقات الحالية، ثم تدريجيًا بدأنا تسوية المديونيات المتأخرة.


- كيف تم حل مشكلة تأخر الترقيات منذ 2023؟
تشرفت بزيارة السيدة الفاضلة، مديرة مديرية التنظيم والإدارة، وفريق عملها الموقر إلى مكتبي، وذلك لتقديم التهنئة لي ومن ثم أجريت مع سيادتها وفريق عملي مناقشة حول آلية إتمام حل تلك المشكلة، وبفضل الله تم الانتهاء منها.

- كيف تعاملتم مع صيانة وتشغيل الأجهزة بالمستشفيات؟
أنشأنا لجنة بالمديرية لمتابعه الكهروميكانكية لمتابعة وصيانة المعدات الحيوية كالمصاعد والمولدات. تمكنّا من تشغيل وصيانة 15 مصعدًا، و5 مولدات، و11 لوحة كهربائية لضمان استمرار الخدمة وتحسين بيئة العمل داخل المستشفيات.


- كيف استغللتم الموارد المتاحة لتطوير المستشفيات والمراكز؟
تم تشكيل لجنة لمراجعة كافة الرواكد، التي أسفرت عن وجود عدد من الأجهزة كرواكد في المنشآت الصحية، تتجاوز قيمتها 2 مليون جنيه. بدأنا الاستفادة منها في استكمال تجهيز 4 مراكز طبية، ووسعنا الخدمات داخل المستشفيات حسب الاحتياجات، مما أدى إلى رفع كفاءة الأداء وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.


- ما جهودكم في القضاء على قوائم انتظار عمليات القسطرة والعظام؟
واجهنا قوائم انتظار طويلة في تخصصات حرجة، وبتنسيق بين القطاعات الصحية تمكنا من إجراء 65 عملية عظام و532 قسطرة، مما قلل من فترات الانتظار ورفع مستوى الرعاية الصحية في مستشفيات مثل شبرا ومنشية البكري. وأود أن أوجه شكرًا خاصًا للسيد الأستاذ الدكتور/ بيتر وجيه رئيس قطاع الطب العلاجي على دعمه اللامتناهي في هذا الأمر.


- ما أهمية خدمة "الاستشارات عن بُعد" في تحسين الخدمة الصحية؟
خدمة الاستشارات عن بُعد ساعدت مستشفيات مثل المنيرة والحوض المرصود في دعم مستشفيات أخرى تعاني من نقص التخصصات أتاحت اتخاذ قرارات طبية دقيقة بسرعة، وساهمت في تخفيف الضغط وتعزيز كفاءة التشغيل دون الحاجة لنقل المرضى.


- ما هي البروتوكولات التي عقدتموها مع الجهات الخارجية، وكيف أثرت على الخدمات الصحية؟
أبرمنا بروتوكولات تعاون مع هيئة المستشفيات التعليمية لتقديم خدمات صحية متقدمة عبر فرق متخصصة، بدعم من معالي الوزير كما تعاونّا مع جامعة الأزهر للاستفادة من كوادرها التعليمية والتدريبية، وكذلك مع العديد من الجامعات الأخرى، ما ساهم في رفع كفاءة العاملين وتعزيز جودة الرعاية الصحية.


- ما رؤيتكم لتطوير المستشفيات في القاهرة؟
لدينا خطة شاملة لتطوير المستشفيات تشمل البنية التحتية وتوسيع الخدمات. تجاوزنا توقف مشروع مستشفى صدر العباسية وسرّعنا وتيرة العمل. وطورنا قسم المسالك بمستشفى حلوان، ومبنى الطوارئ بدعم المجتمع المدني، إلى جانب تطوير يعض اقسام التغذية والعناية المركزة في بعض المستشفيات، بهدف تحسين بيئة العلاج وتقديم خدمات أفضل.


في بداية شهر فبراير، تلقيت اتصالاً من السيد الدكتور محمد الطيب نائب وزير الصحة، الذي أوضح لي أنه تم تحقيق انفراجة في تطوير المنشآت الصحية داخل محافظة القاهرة. وقد تم إدراج جميع مستشفيات وزاره الصحة، سواء التابعة للمديرية أو غير التابعة لها، إلى جانب المراكز الطبية، ضمن خطة تطوير شاملة.

- حدثنا عن خطة تطوير 150 مركزًا طبيًا وجميع مستشفيات وزاره الصحة، سواء التابعة للمديرية أو غير التابعة لها وكيف يتم تنفيذها؟
تم إطلاق خطة شاملة لرفع كفاءة المراكز الطبية والمستشفيات بالقاهرة، بدأت بتطوير 150 مركزًا طبيًا لتحسين البنية التحتية وتوفير بيئة صحية ملائمة. الهيئة العامة للأبنية التعليمية تولت تطوير المرافق الأساسية، مع تنفيذ العمل على مراحل متوازية دون التأثير على تقديم الخدمة. بعد الانتهاء من المراكز، ننتقل إلى رفع كفاءة جميع مستشفيات وزاره الصحة خلال 9 أشهر، وهي مرحلة أكثر تعقيدًا نظرًا لحجم المستشفيات وتخصصها.


- كيف يتم تحسين الخدمات الطبية بالمراكز الصحية؟ وهل هناك برامج جديدة؟
تم أطلاق برامج دعم للصحة النفسية داخل المراكز الطبية لعلاج مشكلات مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة الى برامج لعلاج السمنة والنحافة تشمل استشارات غذائية ودعم نفسي، مما يسهم في تحسين الصحة العامة وتعزيز نمط حياة صحي للمواطنين.

- ما أبرز الخدمات الطبية الجديدة التي استحدثتموها؟
أدخلنا خدمات نوعية شملت:
• تركيب جهاز ماموجرام للكشف عن سرطان الثدي في مستشفى الشروق المركزي وأشعة مقطعية متقدمة في مستشفى عين شمس العام
• تشغيل مجمعات رعاية مركزه و4 مراكز طبية جديدة.
• افتتاح عيادات المرأة الآمنة وزيادتها إلى 5.
• إعادة تشغيل غرف عمليات الزاوية.
• استحداث جراحات كبرى مثل تغيير المفاصل والمناظير المختلفة.
• افتتاح عيادات متخصصة جديدة داخل المستشفيات.
• تقديم خدمات مثل حقن البلازما ورسم العصب، وإنشاء معمل Oral Pathology.

- ما أبرز الأجهزة الطبية التي تم إدخالها مؤخرًا، وكيف ساهمت في تحسين الخدمات الصحية؟
تم توريد أكثر من 650 جهازًا طبيًا جديدًا لتسريع التشخيص وتحسين الرعاية، كما قمنا بإصلاح اكثر من 330 جهازًا طبيًا استراتيجيًا في أقسام مثل العناية المركزة والطوارئ، مما خفّض نسبة الأعطال من 14.9% إلى 4.4%، وساهم في تحسين جاهزية المستشفيات مما انعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.


- كيف تم تطوير المرحلة الأولى من المراكز الطبية؟ وما أبرز نتائجها؟
عند استلامي المهمة، كانت 9 مراكز فقط من أصل 41 تعمل بكفاءة في أطال المبادرة. تمكّنا بدعم الوزارة من تطوير جميع المراكز في المرحلة الأولى خلال وقت قياسي، مع إضافة تخصصات مهمة مثل النساء والباطنة والرمد. قدمنا أكثر من 18 ألف خدمة طبية في عيادات الأخصائي، مما خفف الضغط عن المستشفيات ورفع كفاءة الخدمات في المناطق المستهدفة. وأود أن أوجه شكرًا خاصًا للدكتورة رشا خضر رئيس قطاع الرعاية الصحية الأولية وتنمية الأسرة على دعمها اللامتناهي في هذا الأمر.


- حدثنا عن مشروع ميكنة المراكز الطبية وكيف تحقق هذا الإنجاز؟
بدأ مشروع الميكنة في فبراير بدعم لا متناهى من معالي الوزير، وواجهنا تحديات في البنية التحتية، لكن بالتعاون مع الوزارة والمحافظة بدأنا في تسليم الأجهزة وتفعيل النظام. في أقل من شهرين، وصلت نسبة الميكنة إلى 75-80%، وهو إنجاز كبير. أصبح لدينا "داشبورد" لمتابعة الأداء لحظيًا، ونتطلع لتوسيع التجربة لتشمل المستشفيات قريبًا.


- ما هو وضع اعتماد المراكز الطبية من الهيئة؟
اعتمدنا أول مركز طبي بالقاهرة، وهو مركز "الهناجر"، ونسعى لاعتماد المزيد من المراكز. تم تسجيل 5 مراكز إضافية، وجارٍ استكمال إجراءات اعتماد مركزين آخرين. وبذلك، وسوف يصل إجمالي عدد المراكز الطبية المعتمدة إلى 10 مراكز قبل 30/6 من العام الحالي، مما يعزز جودة الخدمات وثقة المواطنين في المراكز الصحية.

- ما دوركم في ملفات "العلاج الحر"، "شكاوى المواطنين"، و"مراقبة الأغذية"؟
في العلاج الحر، عملنا على تقنين أوضاع المستشفيات الخاصة، فقلّصنا مدة استخراج التراخيص من أكثر من شهر إلى 7 أيام، وأصدرنا 842 رخصة جديدة. هدفنا ليس الإغلاق بل تقنين وتطوير القطاع لضمان أمان الخدمات.
في شكاوى المواطنين، حسّنا آلية التعامل مع الشكاوى وخفّضنا متوسط زمن الرد من 36 إلى اقل من 24 ساعة، ما عزز ثقة المواطن.


أما في مراقبة الأغذية، أطلقنا حملات واسعة زُرت خلالها 10,175 منشأة غذائية، وأُعدِمَت 28 طنًا من الأغذية الفاسدة، مع استخراج 52,235 شهادة صحية للعاملين، لضمان سلامة الغذاء وصحة المواطن.

ما هي استراتيجيات المديرية لتحسين الخدمات الصحية؟
نركز على تعزيز الأداء من خلال تطوير الكوادر البشرية، وتحديث البنية التحتية، والتعاون مع المؤسسات الأكاديمية لتحقيق أعلى مستويات الجودة في الرعاية الصحية.