النهار
جريدة النهار المصرية

ثقافة

دفتر أحوال عيد الفطر.. العيد في المستشفيات على سرير المرض

صورة تعبيرية
أحمد سليم المطيري -

بينما تعمّ أجواء الفرح والاحتفالات البيوت والشوارع، هناك من يقضون العيد على أسرة المرض في المستشفيات، تحيط بهم الأجهزة الطبية بدلاً من الأهل، ويرافقهم الألم بدلاً من أصوات التهاني والضحكات. ورغم كل هذا، فإن بعضهم يحاول التمسك بروح العيد ولو بأبسط الطرق، بينما يجد البعض الآخر في زيارات الأحبة لمسة أمل تخفف من معاناتهم.

يأتي العيد ليذكر المرضى بما يفتقدونه في حياتهم خارج المستشفى، حيث لا صوت للأطفال يلعبون، ولا تجمعات عائلية حول مائدة الإفطار، بل جدران بيضاء، وأطباء وممرضون يحاولون التخفيف عنهم بقدر استطاعتهم.

يقول أحمد، 35 عامًا، مريض في أحد المستشفيات:

“كنت أتمنى أن أقضي العيد مع عائلتي، أن أستيقظ على صوت أطفالي وهم يركضون إليّ ليقولوا لي كل عام وأنت بخير. لكني هنا، بين الفحوصات والعلاجات، أحاول أن أكون صبورًا. العيد هنا ليس كأي عيد آخر، لكنه يبقى يومًا نحاول أن نعيشه بأمل.”

أما الحاجة أم خالد، 70 عامًا، مريضة بالسكري، فتقول:

“أشعر بالحزن لأنني بعيدة عن أولادي وأحفادي في هذا اليوم، لكنني ممتنة لأن الممرضات هنا يعاملنني بحب ويزينّ الغرفة ببعض الورود. ربما لا أستطيع تناول حلويات العيد، لكن دفء الزيارات يعوضني عن ذلك.”

مستشفى

كيف يحاول المرضى الاحتفال بالعيد رغم الألم؟

رغم صعوبة الأوضاع الصحية، يحاول بعض المرضى الاحتفال بالعيد بطرق بسيطة، مثل توزيع الحلوى على الطاقم الطبي، أو إجراء مكالمات فيديو مع عائلاتهم، أو حتى تبادل التهاني مع المرضى الآخرين في الغرف المجاورة.

يقول عبدالله، 22 عامًا، الذي تعرض لحادث سير:

“كنت أتوقع أن أقضي العيد مع أصدقائي في نزهة، لكنني الآن على السرير أتعافى من جراحة. حاولت والدتي أن تجعل العيد أكثر بهجة لي، فأحضرت لي ثيابًا جديدة وسمحت لي بالخروج إلى ساحة المستشفى لبعض الوقت. هذا العيد مختلف لكنه يعلمني الصبر.”

مستشفى

دور الطواقم الطبية: أبطال يخففون ألم الغياب

لا يقتصر العمل في المستشفى على تقديم العلاج فقط، بل يحاول الأطباء والممرضون إدخال السرور إلى قلوب المرضى، خاصة في العيد. بعض المستشفيات تزين الأقسام، وتوزع الهدايا الصغيرة، وتنظم زيارات تطوعية للأطفال المرضى.

تقول الممرضة سمية، التي تعمل في قسم الأطفال بأحد المستشفيات:

“نعلم أن العيد بالنسبة للأطفال يعني فرحًا وألعابًا، لذلك نحاول قدر الإمكان أن نعوضهم عن ذلك. نحضر لهم البالونات، ونرتدي ملابس ملونة، ونساعدهم على الشعور بأنهم ليسوا وحدهم.”

لقاء الأحبّة عيد

أكثر ما ينتظره المرضى في العيد هو زيارة عائلاتهم وأصدقائهم، فالوقت الذي يقضونه معهم هو العيد الحقيقي. بعض العائلات تحضر الهدايا والأطعمة المفضلة لمرضاهم، وأخرى تكتفي بكلمات الدعم والدعوات الصادقة، لكن في الحالتين، تبقى الزيارة أغلى هدية يمكن أن يحصل عليها المريض.

يقول حسن، والد طفل مصاب بالسرطان:

“ابني ذو الخمس سنوات كان ينتظر العيد ليحصل على هديته ويلعب مع أصدقائه. حاولنا أن نحضر له العيد إلى غرفته، جلبنا له لعبته المفضلة، وارتدى ملابس جديدة. ابتسم عندما رآنا، وقال إنه سعيد رغم كل شيء. تلك اللحظة جعلتني أدرك أن الفرح ليس بالمكان، بل بمن نحب.”

مستشفى

العيد في المستشفى.. فرحة مؤجلة وأمل في الغد

يمر العيد ثقيلًا على من يقضونه في المستشفى، لكنه أيضًا يحمل معهم أملًا بأن العيد القادم سيكون أجمل، وأن صحتهم ستتحسن ليحتفلوا مع أحبائهم كما اعتادوا. وبين زيارات العائلة، وابتسامات الأطباء، وتضحيات الطواقم الطبية، يبقى العيد حاضرًا، ولو بروحه المختلفة.

للمرضى عيد، لكنه عيد مؤجل حتى يأتي الشفاء، وحتى ذلك الحين، تبقى القلوب مليئة بالأمل، والابتسامات قادرة على صناعة الفرح حتى في أصعب الظروف.