النهار
جريدة النهار المصرية

فن

مسلسل معاوية بين الجدل الديني والنقد الفني.. صراع حول تجسيد الصحابة

إسراء الحسيني -

أثار مسلسل معاوية جدلاً واسعًا في الأوساط الفنية والدينية، حيث انقسمت الآراء بين مؤيدين ومعارضين للعمل، رأى البعض أن المسلسل يقدم معالجة درامية مشروعة لشخصية تاريخية بارزة، بينما رفض آخرون الفكرة رفضًا قاطعًا بسبب مكانة الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، محذرين من تداعيات تجسيد الصحابة على العقيدة ووحدة المسلمين.

الاعتراضات الشرعية على المسلسل

قال الداعية محمد علي إن تمثيل الأنبياء والصحابة يُحرم كالخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين رضي الله عن الجميع، وينبغي تعظيمهم وتوقيرهم، وتنزيههم عن أن يقوم بمحاكاة أفعالهم ومواقفهم من هو معروف بالفسق والفجور، فيسيء إليهم رضي الله عنهم، وينتقص من أقدارهم.

ولفت في حديثه لـ "النهار" إلى أن الله عز وجل أثنى عليهم في كتابه الكريم بقوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (الفتح: 29).

كما استشهد الداعية بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ أُمَّتِي، قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) [رواه البخاري]. وكذلك (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).

وأكد أن معاوية رضي الله عنه كان صحابيًا جليلًا وكاتب وحي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز تمثيله أو تزوير تاريخه، محذرًا من أن ذلك سيؤدي إلى زعزعة مكانته في نفوس المسلمين وفتح باب التشكيك في تاريخ الأمة.

وأضاف الداعية محمد علي أن العلماء اشترطوا لتمثيل الصحابة شروطًا صارمة، منها: ألا يكون الصحابي من الخلفاء الراشدين أو أمهات المؤمنين، وأن يتحلى الممثل بالخلق والاستقامة، وألا يكون معروفًا بأدوار تحتوي على مشاهد تنافي تعاليم الإسلام، مثل التقبيل، أو مصافحة النساء، أو شرب الخمر، أو غير ذلك من المحرمات.

وبناءً على ذلك، دعا علي المسلمين إلى اجتناب مشاهدة مثل هذه المسلسلات، معتبرًا أنها تروج للتضليل وتشوه التاريخ الإسلامي، بالإضافة إلى احتوائها على مشاهد غير لائقة.

ومن الناحية الفنية يرى الناقد طارق الشناوي أن الجدل حول تجسيد الصحابة ليس جديدًا، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف لم يصدر فتوى تمنع تقديم سير الصحابة في الأعمال الفنية بشكل قاطع.

وأوضح أن هناك فرقًا بين تحريم تجسيد الأنبياء، الذي يحظى بإجماع العلماء، وتجسيد الصحابة، الذي تختلف حوله الآراء.

وأضاف الشناوي أن الاعتراض على تجسيد الصحابة في الدراما ليس بالأمر الجديد، فكلما تم تناول شخصية تاريخية إسلامية مهمة، يظهر الجدل نفسه، مشدداً على أنه يجب علينا أن نتذكر أن الزمن تغير، وما كان مرفوضًا في السابق قد يكون مقبولًا اليوم في ظل تطور الفنون ووسائل الإعلام. المهم هو كيفية تقديم الشخصية واحترام تاريخها دون تشويه أو تحريف.

وأشار إلى أن هناك الكثير من الشخصيات التاريخية التي قدمت في الدراما الإسلامية والعربية، مثل شخصيات الخلفاء والسلاطين، ولم يكن هناك اعتراض مماثل، مؤكدًا أن تقديم مسلسل عن معاوية بن أبي سفيان قد يكون فرصة للجمهور لمعرفة التاريخ الإسلامي بشكل أوسع، خاصة إذا تم تقديمه بأسلوب موضوعي وعلمي بعيدًا عن الانحياز.