النهار
جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: سؤال‭ ‬إلى‭ ‬الوزير‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬الغيط»:‬ من‭ ‬يجمد‭ ‬عضوية‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة؟‭!‬

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
-

إن‭ ‬أخطر‭ ‬رسالة‭ ‬وجهها‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬أثناء‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالرياض‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين،‭ ‬هى‭ ‬إعلان‭ ‬سموتريتش‭ ‬ضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل (سرقتها في تحدٍّ سافر) ‬وافق‭ ‬من‭ ‬وافق،‭ ‬ورفض‭ ‬من‭ ‬رفض‭. ‬
وهى‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬ترامب‭ ‬بضرورة‭ ‬ضم‭ ‬أراضٍ‭ ‬جديدة‭ ‬لتوسيع (إسرائيل الصغيرة) ‬حسب‭ ‬مقولة‭ ‬ترامب‭ ‬الفائز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والعائد‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬والذى‭ ‬نادى‭ ‬بضرورة‭ ‬ضم‭ ‬أراضٍ‭ ‬جديدة‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬توسيع‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭. ‬
والشىء‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذى‭ ‬نادت‭ ‬به‭ ‬58‭ ‬دولة‭ ‬فى‭ ‬الرياض،‭ ‬أصبح‭ ‬دربًا‭ ‬من‭ ‬الخيال‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬فالاعتراف‭ ‬بالكينونة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬سيحتاج‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬عام‭ ‬أخرى،‭ ‬والبقاء‭ ‬للدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يُسمَّى‭ ‬بالفصل‭ ‬العنصرى‭. ‬
وما‭ ‬لفت‭ ‬نظرى‭- ‬وأنا‭ ‬حزين‭- ‬أثناء‭ ‬متابعتى‭ ‬للمؤتمر‭ ‬الصحفى‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الرفض‭ ‬والغضب‭ ‬فقط،‭ ‬كانا‭ ‬هما‭ ‬مضمون‭ ‬اللقاء،‭ ‬والأخطر‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الوزير‭ ‬أحمد‭ ‬أبو‭ ‬الغيط،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬36‭ ‬فقرة‭ ‬تمثل‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬جديدة‭.. ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لمن؟‭ ‬وأين؟‭ ‬ومتى؟‭ ‬لقد‭ ‬كنا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬للرأى‭ ‬العام‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭ ‬فورًا‭. ‬
وأخطر‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إن‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الطارئة‭ ‬ستقوم‭ ‬بتجميد‭ ‬عضوية‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فلقد‭ ‬شعرت‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬الخطير‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬افتراضى،‭ ‬وأننا‭ ‬نعمل‭ ‬خارج‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬وأمام‭ ‬العالم،‭ ‬وأقول‭ ‬له‭ ‬بمنتهى‭ ‬الأدب‭ ‬والاحترام‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬حل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تجميد‭ ‬عضوية‭ ‬إسرائيل‭ ‬بها،‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬جدًّا‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬هى‭ ‬التى‭ ‬تحكم‭ ‬العالم،‭ ‬واستمرار‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فى‭ ‬منصبه‭ ‬بيدها،‭ ‬وأعلنتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بوجوده،‭ ‬ولن‭ ‬تطبق‭ ‬أى‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬قراراته،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مع «الأونروا»‬‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬
إسرائيل،‭ ‬سيادة‭ ‬الأمين‭ ‬العام،‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬وفوق‭ ‬الدول‭ ‬وفوق‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬وما‭ ‬تقوله‭ ‬هو‭ ‬درب‭ ‬من‭ ‬دروب‭ ‬الخيال‭ ‬الدبلوماسى‭ ‬والسياسى،‭ ‬ولن‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬
فإذا‭ ‬كان‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الأدوات‭ ‬الدولية‭ ‬ومنها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬فأعتقد‭ ‬أننا‭ ‬رأينا‭ ‬أن‭ ‬قراراتها‭ ‬هى‭ ‬والعدم‭ ‬سواء،‭ ‬فالذى‭ ‬فشل‭ ‬فى‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الإنسانى‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬ولا‭ ‬وجود‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬الأممية،‭ ‬بينما‭ ‬نحن‭ ‬أصبحنا‭ ‬نغرد‭ ‬خارج‭ ‬السرب،‭ ‬ففى‭ ‬اللحظة‭ ‬التى‭ ‬تنعقد‭ ‬فيها‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬يُباد‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬وتقوم‭ ‬الطائرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بدك‭ ‬الجنوب‭ ‬اللبنانى‭ ‬ونرى‭ ‬عشرات‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬ونحن‭ ‬صامتون‭. ‬
فلذلك‭ ‬فإن‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الممنهجة‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬سواء‭ ‬الحالية‭ ‬أو‭ ‬القادمة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نتعامل‭ ‬معها‭ ‬بمنطق‭ ‬الواقعية‭ ‬السياسية‭ ‬وجغرافية‭ ‬المكان‭ ‬والزمان‭ ‬والمتغيرات‭ ‬الجيوسياسية‭.‬
واليوم‭ ‬ستقوم‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بتصدير‭ ‬أزمة‭ ‬ومشكلة‭ ‬جديدة‭ ‬لإدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬وهى‭ ‬مطالبتها‭ ‬بضرورة‭ ‬إغلاق‭ ‬مكتب‭ ‬حماس‭ ‬فى‭ ‬قطر‭ ‬وتسليم‭ ‬خليل‭ ‬الحية‭ ‬وخالد‭ ‬مشعل‭ ‬إلى‭ ‬السلطات‭ ‬بحجة‭ ‬مسئوليتهما‭ ‬عن‭ ‬احتجاز‭ ‬الرهائن‭ ‬الأمريكيين‭.. ‬وهذه‭ ‬القنبلة‭ ‬السياسية‭ ‬التى‭ ‬ألقاها‭ ‬بايدن‭ ‬الصهيونى‭ ‬هى‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬نكرر‭ ‬التحذير‭ ‬منه‭ ‬بأن (وعد‭ ‬بايدن‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬وعد‭ ‬بلفور)،‭ ‬فاليوم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قدمت‭ ‬قطر‭ ‬والأمير‭ ‬تميم‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوساطة‭ ‬وإحلال‭ ‬السلام‭ ‬فى‭ ‬المنطقة،‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬مكتب‭ ‬لحماس‭ ‬فى‭ ‬الدوحة‭ ‬يمثل‭ ‬الحركة‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬مفاوضات‭ ‬سياسية،‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬اتصالات‭ ‬مباشرة‭ ‬معها،‭ ‬مثلما‭ ‬فعلت‭ ‬قطر‭ ‬ولعبت‭ ‬دورًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬شهد‭ ‬به‭ ‬الأعداء‭ ‬قبل‭ ‬الأصدقاء‭ ‬فى‭ ‬الصفقة‭ ‬التى‭ ‬تمت‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وحركة‭ ‬طالبان‭ ‬برعاية‭ ‬قطرية‭ ‬100‭%‬،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬ما‭ ‬كررته‭ ‬إمارة‭ ‬قطر‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬التى‭ ‬تقدرها‭ ‬وتحترمها‭ ‬إمارة‭ ‬قطر‭ ‬بشدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬للدعم‭ ‬اللوجستى‭ ‬والمادى‭ ‬والإنسانى،‭ ‬بمبلغ‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬شهريًا‭ ‬للشعب‭ ‬الغزاوى‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬واشنطن‭ ‬وتل‭ ‬أبيب،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذى‭ ‬لعبه‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬آل‭ ‬ثان‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬قطر،‭ ‬ولكن‭ ‬ها‭ ‬هم‭ ‬اليوم‭ ‬ينقلبون‭ ‬على‭ ‬قطر،‭ ‬وهذه‭ ‬أزمة‭ ‬جديدة‭ ‬يصدّرها‭ ‬بايدن‭ ‬خدمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬رئيسًا‭ ‬لأمريكا‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬لليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الذى‭ ‬زوده‭ ‬بكل‭ ‬شىء‭. ‬
ونحن‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭- ‬الإسلامية‭ ‬نطلب‭ ‬تجميد‭ ‬عضوية‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬
صدقونى‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬قرار‭ ‬عملى‭ ‬باستخدام‭ ‬إحدى‭ ‬أدوات‭ ‬الضغط‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى،‭ ‬والتلويح‭ ‬بورقة‭ ‬الغاز‭ ‬والنفط،‭ ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬تجميد‭ ‬عضوية‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يتم‭ ‬تجميد‭ ‬علاقات‭ ‬إسرائيل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬ووقف‭ ‬كافة‭ ‬أنواع‭ ‬الاتصالات‭. ‬
وأمام‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيونى‭ ‬الاستيطانى‭ ‬التوسعى،‭ ‬ألا‭ ‬يوجد‭ ‬مشروع‭ ‬عربى‭ ‬حقيقى‭ ‬يواجه‭ ‬هذا‭ ‬المجهول‭ ‬الذى‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭ ‬ويعيش‭ ‬فينا؟‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الانقسامات‭ ‬والخلافات‭ ‬التى‭ ‬أضاعت‭ ‬غزة‭ ‬وغدًا‭ ‬بيروت‭ ‬وبعدها‭ ‬دمشق‭ ‬وبغداد‭ ‬الحبيبة‭.. ‬
أنقذوا‭ ‬أنفسكم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنقذونا
هل‭ ‬نكذب‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬أم‭ ‬على‭ ‬الآخرين؟‭! ‬
وهل‭ ‬نصدق‭ ‬أنفسنا‭ ‬أم‭ ‬الآخرين؟
كلها‭ ‬تساؤلات‭ ‬مشروعة‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬اللا‭ ‬عودة‭ ‬واللا‭ ‬وعى‭ ‬فى‭ ‬الملف‭ ‬الفلسطينى،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬إلا‭ ‬كلمة‭ ‬مصر–‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭- ‬التى‭ ‬رفضت‭ ‬رفضًا‭ ‬قاطعًا‭ ‬أى‭ ‬تصفية‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تحت‭ ‬أى‭ ‬مسمى‭ ‬وبأى‭ ‬حجة‭.‬
اتقوا‭ ‬الله‭ ‬يا‭ ‬عرب‭ ‬ويا‭ ‬مسلمون
فى‭ ‬شعوبكم‭ ‬وأوطانكم
وادخلوا‭ ‬مصر‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬آمنين‭.‬