التنسيق يقتل مواهب الطلاب!
مصر هى الدولة الوحيدة التى بها تنسيق جامعى.. لماذا؟
عبادة سرحان: التنسيق الجامعى «أفضل الوحشين»
نصار: لو لم يكن هناك فساد لما كان هناك تنسيق.. والمهارة هى الفيصل فى دخول الجامعة
شقرة: التنسيق هو الأسلوب العادل الوحيد لطلاب الثانوية العامة فى مصر
تعتبر مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى تعتمد إلى الآن على التنسيق الجامعى فى نظام التحاق طلاب الثانوية العامة بالجامعات، وهذا قد يكون بابًا للفساد فى التعليم وتكافؤ الفرص بين الطلاب ودخول الواسطة والمحسوبية فى التحاق الطلاب بالجامعات.
وبالمقارنة بدول العالم المتقدم نجد أن ألمانيا الدولة المصنفة من أوليات الدول فى مستوى التعليم والتى تعتبر مقصدا للطلبة من مختلف أنحاء العالم فليس بها تنسيق، وشروط دخول الطالب لديهم تعتمد على مهارة وقدرة الطالب وليس مجموع ثانوية عامة فقط يحصل عليه الطالب من حفظ وقلة فهم وخوف متكرر من الرسوب فى الامتحانات التى تحدد مستقبلة التعليمى والمهنى.
ومن ابرز الشروط فى التقدم للجامعات الألمانية:
تعلم واكتساب اللغة الألمانية كخطوة أولى كشرط للحصول على قبول للدراسة، ومن ثم اختيار التخصص والجامعة المناسبين لكل طالب بناء على مهاراته واجتياز عدد من الدورات المطلوبة لكل تخصص يرغب الطالب الالتحاق به.
"النهار" فتحت ملف التنسيق الجامعى فى مصر وأخذنا آراء الخبراء فى التعليم والتعليم الجامعى كالتالى:
قال الدكتور عبادة سرحان، رئيس جامعة المستقبل، إن التنسيق الجامعى فى مصر يعتبر (أفضل الوحشين) وهو المادة الوحيدة العادلة للطلاب فى نظام التعليم القائم، وإلغاءه يحتاج دراسة متأنية.
واضاف سرحان فى تصريح خاص لـ"النهار" أن البديل عن التنسيق الجامعى هو إجراء اختبارات فى القطاعات المختلفة لكافة الطلاب المتقدمين للجامعات.
واكد الدكتور على نصار، استاذ التعليم وقسم استشراف المستقبل بالمعهد القومى للتخطيط، أن الطلاب لديهم ذكاء مختلف عن بعضهم البعض وقدرة على التحليل وسيتم ذلك لو لم يكن هناك باب للفساد وهو ما يحرك الناس ليشتروا شهادة تعليمية بأموالهم من الجامعات الخاصة.
واضاف نصار فى تصريح خاص لـ"النهار" أن الغاء التنسيق من عدمه ليس هو الفيصل بل منعًا للفساد أن يتم إعادة الفرص لكافة الطلاب بناء على قدراتهم ومهاراتهم دون تدخل يشوه ما يتم من ابداع ويحولها الى ترجمة فى شكل تنسيق ويدخل فيه عدم الفهم لطبيعة المصريين والحياة ونظام التعليم ودون التمييز بين الذكر والأنثى.
وإذا نظرنا إلى الالمان وهى الدولة الاكثر تطورًا فى التعليم سنجد أن اعتمادها على قدرات الطلاب ومهاراتهم فقط بدون اى تنسيق جعل الشعب الالمانى من أكثر البشر انضباطًا فى الابعاد الخلقية والتعليمية والوظيفية.
وقال الدكتور حسين ربيع، رئيس قسم الصحافة والنشر الرقمى بكلية الإعلام جامعة السويس، إن التنسيق هو الحل الأنسب للحالة المصرية ولا يوجد بديل مناسب فى ظل ثقافة وفكر القطيع الذى يقوم به الطالب واسرته فى تحديد وجهته للدخول فى الجامعات.
واضاف ربيع فى تصريح خاص لـ"النهار" أن فكرة الغاء التنسيق وجعل المهارة هى الاساس فى القبول بالجامعات تزيد فى التوجه الأسرى ونظام التعليم فى مصر.
قال الدكتور جمال شقرة، مستشار جامعة عين شمس لشئون الدراسات السياسية والاستراتيجية: لا يزال التنسيق الجامعى فى مصر هو الاسلوب الوحيد العادل فى توزيع طلاب الثانوية العامة ويوفر تكافؤ الفرص بين الطلاب فى مصر.
واضاف شقرة فى تصريح خاص "النهار": اعتقد أن إلغاء التنسيق سيؤدى إلى مشاكل كثيرة ومن الممكن الاعتماد على المهارة وقدرات الطالب من خلال تحويلها إلى درجات تضاف إلى المجموع النهائى للطالب حسب تخصصه لتطبيق فكرة العدالة.
واشار نجد طالبًا مقبولًا فى كلية التربية الموسيقية مثلًا ويكون ألدغ فى حروف وليس هناك قدرات معينة فى قبوله بكلية تعتمد على الصوت والاداء فى المقام الاول، لذا فالمهارة والقدرات لابد أن تكون موجودة فى كل طالب مقدم مع التنسيق فى القبول فى الجامعات.
وفى ذات السياق، قالت داليا الحزاوى مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، آن الأوان بالتفكير الجاد فى نسف بعبع الثانوية العامة الذى يستنزف الأسر المصرية ماليًا ونفسيًا، فلا يعقل أن مستقبل طالب يقضى ١٢ سنة دراسة يحدده امتحان مدته ٣ ساعات هذا النظام غير العادل قد يساهم بشكل كبير فى هدم أحلام أولادنا وطموحاتهم ويلتحقون بجامعات لا تناسب ميولهم ولا قدراتهم.
وأضافت أنه لابد من وجود آليات جديدة لدخول الجامعات بعيدا عن مكتب التنسيق بالشكل التقليدى ويتم التركيز خلالها على ميول وقدرات الطالب.
واستكملت: فى ظل ظاهرة الغش الإلكترونى أصبح الاعتماد على المجموع فقط لدخول الكلية أمرًا يحتاج لإعادة نظر خصوصا أن الوزارة متمسكة بأن يكون الامتحان بنظام أسئلة الاختيارات المتعددة سهلة الغش وبشكل لا يمكن اكتشافه.
واختتمت: فكرة إلغاء مكتب التنسيق وتطبيق نظام القدرات كمعيار دخول الجامعات يحتاج إلى عمل آليات تضمن عدم وجود محسوبية ووسائط حتى لا تكون وسيلة دخول الجامعات من يملك المقدرة المالية والنفوذ فقط ويكون ذلك شهادة وفاة لتكافؤ الفرص بين الطلاب.
فيما أشار شريف سامى، طالب ثانوية عامة علمى رياضة، إلى أن التنسيق يلعب دورا كبيرا فى شعورهم الدائم بالضغط النفسى، فهو سبب رئيسى لانتشار مقولة بعبع الثانوية العامة أزمة بشكل عام، مضيفًا: "شايف أن الامتحانات لم تكن بالصعوبة التى نشرها البعض ولكن التفكير فى التنسيق هيودينى فين وهدخل كلية إيه بالمجموع بتاعى بتخلى الأهالى قبل الطلاب مش راضين عن أى امتحان وبيطلعولوا مشكلة".
وأضاف أن التوتر القائم فى المنزل طوال العام وخاصة أيام الامتحانات وطموح الأهالى بدخول كليات القمة، يجعلنا نذاكر مع الشعور باللافائدة، متابعًا: "لو عاوز أدخل هندسة حقيقى هبقى عشان بحبها لكن لو مجموعى مجبهاش عشان التنسيق عاوز كده، ممكن أقدم على منحة برة وأسافر".
ووافقته هدى على، طالبة علمى علوم، رأيها مؤكدة أن نظرة الأهالى الدائمة لأولادهم بأنهم دكاترة ومهندسين بس سببها الأساسى التنسيق اللى فرق بين المجاميع وأصبحت أعلى كلية هى الطب والهندسة، مشيرة إلى أن القاعدة فى حد ذاتها مؤذية نفسيًا "تخيل بتداكر عشان تجيب مجموع وفى الآخر مش عارف التنسيق هيلعب معاك وحظك يبقى حلو وتدخل كلية حتى لو مبتحبهاش بس مجموعك جابها وخلاص".
واستكملت: "ليه لم يتم تفعيل نظام القدرات فى جميع الكليات ويكون فى تنسيق لكن مفتوح كل اللى جاب تسعينات له كليات محددة يختار بينهم غير مجبر ويدخل امتحان قدرات ويفشل أو ينجح ويبقى ده الفيصل".
وكشفت سماح منير، ولى أمر طالبة بعلمى علوم، أن التنسيق فى مصر ظالم بكل أشكاله، تخيل أن تضع مستقبل الطالب الجامعى على مجموعه فقط، مؤكدة أنه سبب من أسباب الغش فى الثانوية العامة، وكثرة المشاكل التى تواجه الأسرة بأكملها وضغطهم المستمر على ابنائهم للحصول على مجموع كبير والالتحاق بكليات القمة فقط.
واستطردت أن الفجوة بين تنسيق الجامعات الحكومية والمعاهد والكليات الخاصة تضر الطلاب والأسرة ايضًا، وهى كارثة فى حد ذاتها وتضع على كاهل الأسرة تحديا كبيرا، مضيفة: "بنتى الكبيرة جابت ٩٢٪ ولحقت كلية حاسبات ومعلومات فى حين زميلتها مجموعها أقل بنسبة كبيرة والتحقت بهندسة خاص لأن والدها أراد ذلك، وماديًا لم يكن لدينا القدرة المادية لاتخاذ هذا القرار، شعرت ابنتى حينها باليأس والحزن وبعد مرور أعوام وانتهاء الدراسة اصبحت تعمل ولها شأن فى شركة كبيرة وابنتى تمكث بالمنزل ويمكن نفس التجربة تتكرر مع بنتى التانية بعد امتحانات الثانوية هذا العام ولكن أعلم أنها قادرة ايضًا على النجاح مهما كانت الكلية التى ستلتحق بها".