النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 03:34 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
نقيب الإعلاميين ينعى حماة رئيس الهيئة الوطنية للصحافة ”البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو” يحصل على تنويه خاص من ”أيام قرطاج السينمائية” «مصر »تفوز بجائزة المنظمة الأفريقية في فئة الإدارة المبتكرة عن مشروع منصة «حياة كريمة رقمية» القوات البحرية توقع عقد إتفاق مع إدارة الهيدروجرافيا البحرية الفرنسية وزير الدفاع يتفقد إحدى القواعد الجوية ويلتقى عدد من مقاتلى القوات الجوية القنوات الناقلة لمباراة تشيلسي وإيفرتون في الدوري الإنجليزي موعد مباراة مانشستر يونايتد وبورنموث في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة وزارة العدل: قافلة طبية بسوهاج يومي الأربعاء والخميس في إطار المبادرة الرئاسية ”بداية جديدة لبناء الإنسان” عن الفيلم الصومالي.. قرية قرب الجنة مصطفى الكاشف يفوز بجائزة أفضل صورة في مهرجان قرطاج تدريبات تأهيلية لمحمد السيد على هامش مران الزمالك اليوم محافظ المنوفية يعتمد جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول ” دور يناير ” 2025 بوادر التطوير تبدأ... الهئية الوطنية للإعلام: تخصص محطة إذاعية لبث قناة النيل للأخبار عبر إف إم

المحافظات

رحلة عذاب الفلاح المصري من أجل الحصول على ” 30 كيلو ردة ” بالغربية

"التموين والمطاحن والزراعة والطب البيطري "، رحلة طويلة لا تعرف أولها من آخرها ولا ظاهرها من باطنها ولا " منين بيودي علي فين " بل قل إن شئت هي "رحلة عذاب وتهذيب وإصلاح للفلاح المصري.. اللي أمه دعت عليه " وعاش وشاف إن شراء النخالة المعروفة بالردة تحتاج لمعركة وجهاد وفهم وعلم وترتيب أوراق وفايلات وصور وكارنيهات ومكاتب ومسئولين وأختام وأوجاع وصعود سلم الدور الثامن مرتين أو ثلاثة من أجل الحصول علي 30 كيلو ردة لـ" بهيمته".

نعم صدقني عزيزي القارئ 30 كيلو جرام هي حصة رأس الماشية التي أقرتها وزارة التموين علما بأن هذه الحصة لا تكفي رأس الماشية يومين فقط. ومع ذلك تعالوا سويا نبدأ الرحلة.

بعد غلاء الأسعار واتساع الفجوة بين سوق العلف والمربين لجأ معظم الفلاحين لشراء الردة من شركة المطاحن حيث إنها أقل سعر متوسط من 3 إلي 4 آلاف جنيها في الطن عن السوق المحلي ، فكانت الكارثة أن الشركة تصرف 30 كيلو في الشهر ، طيب مش مشكلة ، نبتدي منين الحكاية.

في البداية عليك أن تخوض رحلة التأمين السنوية ودفع رسوم متوسط 150 جنيها لرأس الماشية من أجل الحصول علي الحصة المقررة " 30 " كيلو ، ورحلة عذاب بين الطب البيطري والزراعة تنتهي بالمعاينة وإثبات إن الفلاح يمتلك هذه المواشي فعلا.

وبعده يظن الفلاح أن الأمر قد انتهى وأنه سوف يذهب لشركة المطاحن لصرف المستحقات ولكن هيهات.

رحلة عذاب الفلاح المصري

في البداية عليك أن تنطلق مع أول ضوء للشمس إلى مقر الإدارة الزراعية وتصعد السلم الحكومي إلي الدور الرابع لتقابلك السيدة الموظفة ببداية المشوار تعطيك ورقتين انزل صورهم وتعالي ، طيب ليه مش موجودين تحت ، أو حتي بيعهم لنا ، بدلا من النزول والصعود ، ما علينا هتعدي ، تنزل من الدور الرابع باحثا عن ماكينة تصوير ، وانت ورزقك ، وتعود أخيرا بالورقتين ظنا أنك أنهيت أمورك ولم تعلم أنها أول درجة في سلم عذاب ليس له نهاية.

اتفضلي يا افندم الورقتين ، فإذا بالموظفة توقع عليهما ثم تطلب منك النزول للدور الأرضي في المبني المجاور للتوقيع عليهما، طيب ليه حضرتك مش قاعدة جمب الموظف في الدور الأرضي أو هو حتي يجلس في مكتبك "ويبقي زيتنا في دقيقنا"، لا حرام.

ثم يطلب منك موظف الدور الأرضي الذهاب للجمعية الزراعية التابع لها قريتك ، عليك أن تعود من مدينة طنطا علي سبيل المثال إلي قريتك ، ومن ثم مشرف الجمعية للتوقيع ، ولكن المشرف يؤكد لك أن الأمر بسيط ولكن اللوائح تطالب بتوقيع الطبيب البيطري أولا ، تذهب للطبيب البيطري ، ثم تعود للجمعية ومن ثم خاتم الجمعية ، يا مسهل هانت ، عليك الرجوع سريعا لموظفة الدور الرابع في الإدارة ، ثم تقوم بالتوقيع عليها ، وتطلب منك النزول للدور الأرضي في المبني المجاور أكيد انت لسة فاكره ، فيطلب منك تصوير الورق بعد التوقيع عليه مرة أخري للاحتفاظ بالنسخة.

الطب البيطري

هل انتهي الأمر؟! كلا وألف كلا بل عليك الذهاب للإدارة البيطرية التابع لها مثلا في تل الحدادين لمركز طنطا لتوقيع مدير الإدارة والفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض ، حيث تقع الإدارة الزراعية في شارع عمر ابن عبد العزيز حي ثان طنطا اخر شارع البحر بينما الإدارة البيطرية في تل الحدادين حي أول ، وللأمانة مسئول الطب البيطري متعاون ووحد توقيعاته وأختامه في مكتبين بالدور الأول صحيح أن بينهما مسافة شاسعة لكن لا صعود فيها ولا هبوط .

مهزلة التموين

هل انتهي الأمر عند هذا الحد؟! لا والله بل هي بداية لرحلة عذاب أشق من كل ما سبق حيث عليك الصعود لإدارة اموين المركز القابعة في الدور الثامن، حقا ما قرأت وما سمعت، الدور الثامن يا جماعة، الواردون علي هذا الملف شيوخ وفلاحون وغلابة وكبار السن هل حقا الدور الثامن دون اسانسير نعم "سم الله واطلع "وقسما بالله رأيت بعيني رجال تجاوزوا سن السعبين في هذه الرحلة ، وبعد نصف ساعة صعود تشتمل علي راحة علي درجات السلم بين كل دور ، فإذا أنت بصدد كارثة وما هي نفس ما حدث في الدور الرابع خد الورقة صورها وتعالى.

علي كل رجل مسن وسيدة مسنة وعلي كل فلاح مصري أيا كان وضعه أن يأخد الورقة وينزل من الدور الثامن ثم يصورها ويعود ومعه كل أوراقه ، وأخيرا وبعد طول شقاء حصل ما نرجو، ولكن إدارة التموين تري أن استقبال الفلاحين أمر مشين، بل حرام من المحرمات، فقامت بغلق باب الإدارة باب حديد، وتركت كل الغلابة علي السلم رغم الزحام الشديد والجدع اللي يوصل للشباك يسلم ورقه، والصدمة أنك بعد تسليم ورقك وارد جدا تجده مرميا علي السلم، حيث إن الموظف يقوم باسترجاع الورق الناقص ورميه وسط الزحام.

وبالتالي من الوارد ضياع رحلة العذاب في غمضة عين .

المشوار الطويل الذي كتبته لم يروه لي مصدر صحفي، ولكني بحكم أني فلاح عشت هذا العذاب بنفسي في رحلة عذاب حقيقية ، ورأيت بأم عيني المأساة الحقيقية ، وما كان مني إلا أن تواصلت مع المحترم الخلوق الأستاذ محمد ابو هاشم وكيل وزارة التموين ونقلت له الصورة كاملة عبر الواتس اب وصورت الزحام الشديد علي باب التموين وكيف أن المواطن يصعد للدور الثامن ، ووعدني سيادته بتحديد يوم لكل قرية للقضاء علي الزحام، وهو المستحيل بعينه ، حيث إن شركة المطاحن حددت من يوم 1 الي يوم 5 كل شهر لاستلام الملفات ، وبعد استلامها تنتظر متوسط شهرين لنزول اسمك في المستحقين حيث أن المطاحن تصرف حاليا مستحقات شهر 5 الماضي ودمتم بخير.

الأزمة الحقيقية أن تجار الردة في السوق المحلي يحصلون علي حصصهم كاملة وهي عشرات الأطنان وهم جالسون في المكاتب المكيفة يتناولون القهوة والمياه الباردة ، بينما الفلاح يعيش رحلة الشقاء من أجل الحصول علي 30 كيلو ردة.

القصة كاملة مهداة إلى الدكتور طارق رحمي محافظ الغربية والسيد محمد أبو هاشم وكيل وزارة التموين، والسيد خالد أبو شادي، وكيل وزارة الزراعة، والسيد حاتم أنور، وكيل وزارة الطب البيطري، والسيد مدير شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا.

يا كل مسئول في هذا الملف هذا ما يحدث خارج مكتبك، وهذه المأساة يعيشها الفلاح البسيط من أجل 30 كيلو ردة في الشهر.

يذكر أنه تم تحديد سعر النخالة وخليط الزوائد بأرض المطحن ‏بمبلغ 8 آلاف جنية للطن، شاملا قيمة الفوارغ والتعبئة والتحميل ‏لكافة الجهات المستفيدة وألزم القرار جميع المطاحن التموينية العاملة ‏في إنتاج دقيق استخراج 87.5% والمطاحن المنتجة للدقيق الفاخر ‏‏72% مقابل كميات الأقماح التي تقوم بالحصول عليها من خلال ‏البورصة السلعية المصرية بتسلم المزارعين والتجار موردي القمح ‏كأولوية أولى كميات النخالة ـ خليط الزوائد المحددة طبقا لإذن صرف ‏النخالة المتعمد من إدارة التموين فورا وبالسعر المحدد بالقرار ‏ويحظر إضافة أي مبالغ مالية تحت أي مسمى.