النهار
الإثنين 23 ديسمبر 2024 12:44 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

خبراء الاقتصاد يحذرون من ان : خسائر السودان تجاوزت 100 مليار دولار.. وآلاف الموظفين بلا رواتب

احوال الشعب السوداني البائس جراء الحرب
احوال الشعب السوداني البائس جراء الحرب

وما تزال طاحونة الحرب المدمرة مشتعلة في السودان دون اكتراث لأحد أو إعطاء أدنى اهتمام لنبش أكوام القمامة داخل مستشفى مدني العام وقفت سيدة في رابعة النهار تنقب بدأب شديد عمّا يسد رمقها وسط ركام القمامة رغم أن بعضها مخلفات طبية شديدة الخطورة المشهد المذل والمروع لتلك السيدة الخمسينية الغائصة بكلتا قدميها لنبش القمامة وغيرها من المشاهد المماثلة هنا وهناك بدت كافية لتخليص المشهد برمته للحال الذي وصل إليه بعض السودانيين من المسغبة والعوز وشظف العيش وإذا كانت تلك حالة مواطنة واحدة فقط، فكيف تبدو حال ملايين المواطنين وحال البلاد بعد مضي ثلاثة أشهر- تقريبًا- على احتدام المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالخرطوم ودارفور؟
ليبقى السؤال المؤرق: ماذا حلّ بالاقتصاد السوداني بعد اندلاع الحرب الطاحنة؟ وكم بلغت خسائر المؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة؟ وسط تساؤلات عن اختفاء وزير المالية جبريل إبراهيم من المشهد تماما.

يتحدث خبراء الاقتصاد عن ان "حساب الخسائر الاقتصادية لا ينحصر فقط في عمليات النهب الواسعة لممتلكات الدولة والمواطنين والمصانع والسيارات والبنية التحتية، لكنها أيضا تأتي في تكاليف النزوح عن البلاد أو داخلها، وتكلفة الفرصة الاقتصادية البديلة ونهب البنوك بصورة بشعة وكاملة هذا بالإضافة إلى التكلفة العسكرية وخراب المنشآت العامة وانقطاع سبل التجارة والتبادل الاقتصادي الداخلي والخارجي كل هذا لم يتوقف منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب وما زال مستمرا إلى يومنا هذا" و(في الحقيقة أنا اجتهدت في عمل مصفوفة تقديرية لهذا واستنتجت أن الخسارة الاقتصادية في الفترة الماضية تجاوزت 100 مليار دولار أميركي ومازال عداد الخسائر في الارتفاع".
كان ينبغي على رئيس مجلس السيادة باعتباره رئيس الدولة تشكيل وزارة حرب منذ اليوم الأول لكي تستطيع تولي كل سلطة تنفيذية متوفرة لإنقاذ البلاد"والوزير في هذه الوزارة كان لا بد من وجوده داخل القيادة وعلى اتصال دائم بإداراته، هذا هو الأسلوب الناجع للإدارة، وليس الإدارة عن بعد (remote control) هذه ألف باء الإدارة، وتنطبق على الإدارة الاقتصادية.

و أن الاقتصاد السوداني ظل قابعا داخل نفق مظلم طوال العقود الماضية وبالتحديد منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي ثم شهد انتعاشا نسبيا بعد استخراج البترول إلا أنه سرعان ما تدحرج إلى ذات النفق بعد انفصال جنوب السودان بالعام 2011 فبعد الانفصال تراجعت عجلة الاقتصاد تراجعا ملاحظا خاصة القطاعات الرئيسة المتمثلة في الزراعة والصناعة حيث تدهور الإنتاج الزراعي بالتالي انخفضت إنتاجية القطاع الزراعي باعتبار السودان يعتمد اقتصاديا على الزراعة.
وأن الحرب الدائرة حاليا تسببت في تدمير القطاع العام والقطاع الخاص، وتوقف التحصيل الضريبي والجمركي بنسبه كبيرة تصل إلى 80% من حجم الإيرادات المعتادة، وتسببت في تدمير القطاع الخاص كالمصانع والشركات الكبرى والصغرى، الأمر الذي أدى إلى عجز الحكومة عن صرف الرواتب لموظفي الدولة منذ أبريل الماضي، كما أعلنت كبريات الشركات الاستغناء عن موظفيها وتصفية أعمالها التجارية، فيما منحت شركات أخريات موظفيها إجازة دون مرتب، وبعضها منح موظفيه إجازة سنوية.

وكل تلك التحولات المفصلية أسهمت في ارتفاع معدلات التضخم والبطالة بصورة كارثية وسط ارتفاع جنوني لأسعار الخدمات والمواد الغذائية وانهيار قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الصعبة، ووقوع الغالبية العظمى من السودانيين فريسة لتوحش السوق والفقر المسغبة.