في اعقاب استهداف الكاظمي سياسيا في بغداد
هل يُحاكم الكاظمي في العراق بتهمة تضخم ممتلكاته والتحفظ علي حساباته؟
اسئلة محيرة في العراق هل ان مصطفي الكاظمي رئيس الوزراء العراقي السابق مستهدف سياسيا ام انه بالفعل ضالع في قضايا فساد ادت الي تضخم ثروته خاصة بعد أن أصدر القضاء العراقي أمرا بحجز الأموال -المنقولة وغير المنقولة- لرئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي في إطار تحقيق يجريه حول تضخم ثروته، توقّع خبراء ومراقبون أن تصدر مذكرات قبض بحقه أو يُحاكم غيابيا قبل مصادرة أمواله وسبق لهيئة النزاهة المكلّفة بالتحقيق في ملفات الفساد الكبرى أن اعتقلت عددا من المسؤولين السابقين بمن فيهم مستشار بمكتب الكاظمي ومسؤولون آخرون مقربون منه.
ولم يصدر القضاء قرارا باعتقال الكاظمي ومنعه من السفر غير أن اعتقالات سابقة لعدد من المسؤولين في حكومته أعطت انطباعا بأن الخناق على الدائرة المقربة من الكاظمي بدأ يقترب منه هو شخصيا ويوم الجمعة الماضي أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني أن محاربة الفساد ومكافحة أسبابه جاءت على رأس أولويات الحكومة و"ليس هناك خط أحمر في هذا الملف الذي تسبّب بإهدار الثروات وتلكؤ المشاريع".
وبخصوص الإجراءات القانونية وقرارات القضاء الملزمة بحق الكاظمي يقول الباحث في الشأن السياسي وأستاذ الإعلام في الجامعة العراقية فاضل البدراني إنها يمكن أن تدخل في إطار المحاسبة على الأخطاء التي ارتكبها الكاظمي خلال توليه رئاسة الوزراء (2020-2022) ويرى البدراني أن الأمر يحتمل أكثر من رأي:
الأول أن حكومة الكاظمي حصل فيها انفلات خطير وتبددت أموال كثيرة للدولة وبعلمه
والثاني سياسي وهو أن قوى سياسية تخشى من عودة الكاظمي للواجهة عبر انتخابات مجالس المحافظات باعتباره مدعوما من أميركا والغرب مما حدا بتلك القوى للضغط باتجاه البحث عن الأخطاء التي رافقت حكمه وإظهارها.
وسبق أن تردد أن رئيس الوزراء السابق غادر العراق لكنه نفى تلك الأنباء بينما تستمر التحقيقات في قضية "سرقة القرن" المتعلقة باختلاس 2.5 مليار دولار من أمانات الضرائب في مصرف الرافدين الحكومي وفي أواخر فبراير الماضي فتحت هيئة النزاهة تحقيقا في كشف الذمة المالية للكاظمي وسط اتهامات بالكسب غير المشروع مؤكدة الطلب منه تزويد الهيئة بتفاصيل حول عقار في منطقة "كرادة مريم" وسط بغداد وإشكالات حول حساب مصرفي تابع له.
وفي تفسير للأسباب الموجبة لحجز أموال الكاظمي أن القانون الجزائي العراقي رقم 23 لسنة 1971 نص في المادة 183 وما بعدها على "حجز أموال أي متهم هارب المنقولة منها وغير المنقولة" فيما ألزمت المادة 184 قاضي التحقيق أو المحكمة بهذا الحجز بناء على طلب الادعاء العام أو الجهة الإدارية.
و أن هذا الحجز يبقى لحين ظهور نتائج الدعوى وصدور قرار آخر وهو حجز احتياطي ومن ثم المحاكمة التي تكون إما حضوريا في حال إلقاء القبض على المتهم أو غيابيا إذا كان المتهم هاربا وفق المادة 143.
و أن الحجز لا يشمل فقط الشخص المعنِي، بل يشمل أيضا أصوله وأقرباءه وفروعه إذا ثبت أن لهم علاقة بالموضوع وذلك بموجب كُتب رسمية ترسل من المحكمة إلى دوائر التسجيل العقاري ودائرة المرور والمصارف لوضع اليد على الأموال.
وفي مايو/أيار الماضي سلّم اللواء في جهاز المخابرات العراقي ضياء الموسوي وهو مقرّب من الكاظمي، نفسه إلى اللجنة العليا لمكافحة الفساد وقدّم معلومات عن شخصيات في مكتب الكاظمي متورطة فيما يعرف بـ"سرقة القرن"، وذلك بعد أن عاد إلى العراق الذي غادره لفترة ثم قرر تسليم نفسه للسلطات المختصة.
وفيما ألقي القبض على هيثم الجبوري المستشار المالي للكاظمي، بسبب تضخّم أمواله بطرق مجهولة وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي صدر أمر قبض وتفتيش من قبل هيئة النزاهة بحق مشرق عباس المستشار السياسي للكاظمي، بسبب امتناعه عن كشف الذمة المالية.
وجاء أمر اعتقال الجبوري الذي أخلي سبيله فيما بعد بكفالة على خلفيات اعترافات للسلطات القضائية أدلى بها نور زهير صاحب شركة الأحدب والمتهم الرئيسي في قضية "سرقة القرن"، وما تزال التحقيقات جارية لكشف متورطين آخرين بالسرقة.
وعلى خلاف ما يراه بعض الخبراء والمراقبين بأن الكاظمي ارتكب العديد من المخالفات والأخطاء وتورط في قضايا فساد يرى مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل أن محاولات معاقبة الكاظمي تدخل في إطار "التسقيط السياسي" من خلال إحالته إلى القضاء تحت تهم مختلفة ومنها الفساد المالي خاصة أن بعض القوى السياسية سبق وأن شنت حملة تهديدات ضده ووصفته بـ"الخائن" وهاجمت دار سكنه بطائرة مسيّرة في المنطقة الخضراء، منوها إلى أن ذلك يستهدف شخصية ووجود وصلاحيات الكاظمي الدستورية.
ويقول فيصل إن الكاظمي تعرّض أيضا خلال فترة ولايته إلى حملة قاسية عندما شرع بالتغيير الوزاري في حكومته، ووجّهت له تُهم لا تستند إلى وقائع وعكس ذلك عمق الخلاف السياسي والعقائدي بين تلك التنظيمات التي جاءت بالكاظمي ودعمت ترشيحه لرئاسة الحكومة، وسرعان ما انقلبت عليه لأنه رفض الخضوع لسطوتها ونفوذها لذلك يقول فيصل إن عملية حجز أمواله هي بداية نحو اعتقاله وإخضاعه للمحاكمة بتهم مختلفة.
يُذكر أن هيئة النزاهة سبق وأصدرت أيضا أوامر قبض بحق علي علاوي وزير المالية في حكومة الكاظمي وكذلك رائد جوحي مدير مكتب الكاظمي والسكرتير الخاص أحمد نجاتي استنادًا إلى أحكام المادة 316 من قانون العقوبات وحجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة.