في اروع استقبال للرئيس السيسي في باريس
هل كسر الرئيس الفرنسي ماكرون البروتوكول على سلالم ”الإليزيه” أمام الرئيس السيسى؟..
شكلت حالة الاستقبال البالغة الود التي استقبل بها الرئيس الفرنسي ماكرون للرئيس السيسي والتي يعدها المراقبون كسرا للبرتكول الفرنسي في استقبال ضيوف الاليزية الكبار من هرولة الرئيس ماكرون نحو الرئيس السيسي تعبير صادق علي ما يجسده شخص الرئيس السيسي رمانة ميزان الشرق الاوسط بكاملة وحوض المتوسط والمعروف انه فى السياسة لا يحترم العالم إلا القوى الذي يمتلك من أدوات التأثير ما يصل بصوته وحكمته وإدارته المتزنة إلى الدوائر الفاعلة وصناع القرار الدوليين وهو ما يتماشى مع الحالة المصرية وسياستها المنفتحة على كافة دول العالم وكذلك تحركاتها على الساحات الدولية سواء فى محيطها الإقليمى فى آسيا وأفريقيا أو من خلال علاقاتها الاستراتيجية مع دول الغرب فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ومنذ انتخاب الرئيس السيسى رئيسًا للجمهورية وهو يعيد صياغة وإدارة علاقات مصر الخارجية القائمة على المصالح المشتركة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول والأخير مبدأ أرساه الرئيس السيسى وصاغه في خطاباته المتعددة فى المحافل الدولية وحتى من خلال مباحثاته مع القادة والمسئولين الدوليين، ليؤكد بذلك أن مصر تتعامل مع كافة دول العالم وفق المصالح المشتركة، مبتغية فى ذلك إرساء السلام فى ربوع العالم ونبذ المخططات المشئومة لتقسيم الدول وتهديد أمن الشعوب والعبث بمقدراتهم.
ولم يكن اللقاء الذى جمع الرئيس السيسى ونظيره الفرنسى ماكرون فى قصر الإليزيه عاديًا، فالرئيس الفرنسى أقام مأدبة عداء للرئيس السيسى ظهر الخميس الماضي وكان الرئيس السيسى الوحيد من بين القادة المشاركين فى القمة الذي أقام له ماكرون مأدبة غداء احتفاء بزيار الرئيس السيسى وتقديرًا له.
والمدهش حقا عندما وصلت سيارة الرئيس السيسى إلى داخل ساحة قصر الإليزيه، كان ماكرون يتدرج سلالم الإليزيه وهرول مسرعًا للحاق بالرئيس السيسى بالتزامن مع فتح الحراس الباب له ونزوله من السيارة فيما أوضح خبراء أن "ماكرون" بذلك قد كسر قواعد البروتوكول المتبع فى استقبال الرؤساء بقصر الإليزيه، حيث من المفترض أنه ينتظر فوق السلالم ليصعد رئيس الدولة أو المسئول الكبير، إلا أن "ماكرون" لم يفعل ذلك مع الرئيس السيسى وأصر على استقباله أمام باب سيارته واصطحابه صعودًا على سلالم القصر والدخول معًا إلى قاعة مأدبة الغداء.
ولا شك أن لهذه اللفتة دلالات عديدة أولها تقدير فرنسا الكبير لمصر باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار فى المنطقة وثانيها اعتزاز ماكرون وتقديره للرئيس السيسى الذى منذ جاء للحكم ساهم فى الارتقاء بالعلاقات بين البلدين وتعزيزها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية، وثالثها الإنجازات المحققة على أرض الواقع والمشروعات القومية الكبري التي دشنتها مصر منذ 2014 وحتى الآن، وفتح المجال للشركات الفرنسية العملاقة للاستثمار واستكشاف آفاق جديدة للتعاون مع مصر قضلًا عن توافق الرؤي في عدد كبير من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بين القاهرة وباريس.
وخلال مباحثاتهما رحب الرئيس الفرنسي بزيارة الرئيس السيسى إلى باريس وأعرب عن تقدير بلاده لمصر ومثمناً الروابط الوثيقة بين مصر وفرنسا وعمق أواصر الصداقة التي تجمع بين البلدين خاصةً في ظل الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، لاسيما على صعيد العلاقات الاقتصادية والتجارية كما أكد الرئيس الفرنسي حرص بلاده على التنسيق والتشاور المكثف مع مصر كأحد أهم شركائها الإقليميين، مثمناً دورها في إرساء دعائم الاستقرار في الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط والقارة الأفريقية، وجهودها في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والهجرة غير الشرعية.
فيما أشاد الرئيس السيسى بالتطور الملحوظ والمتنامي في العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا على كافة الأصعدة، مؤكداً تطلع مصر لمواصلة تعزيز التنسيق السياسي وتبادل وجهات النظر مع فرنسا إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً ما يتعلق بقضايا التنمية المستدامة ودعم السلم والأمن في المنطقة فضلاً عن مواصلة العمل الوثيق من أجل الارتقاء بالتعاون الثنائي وتعظيم الاستفادة من الإمكانات والفرص المتاحة لدى البلدين الصديقين، لاسيما في القطاعات التي تتمتع فيها فرنسا بخبرات وقدرات متميزة مثل قطاع النقل، وقطاع الطاقة المتجددة في مجال الهيدروجين الأخضر بالإضافة إلى تشجيع الشركات الفرنسية على الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر.
ومن هنا فإن مشاركة الرئيس السيسى فى في قمة الميثاق التمويلي العالمي الجديد تأتى استجابة لنداء مصر المتكرر بضرورة إصلاح منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية وفى القلب منها مؤسسات التمويل وبنــــوك التنميــة الدوليـة التى ينبغى أن تكون أكثر استجابة لتحديات العالم النامى أخذا فى الاعتبار أن حالة الاستقطاب الدولى أصبحت تهدد منظومة "العولمة" التى كان العالم يحتفى بها وتستدعى للواجهة صراعا لفرض الإرادات وتكريس المعايير المزدوجة فى تطبيق القانون الدولى. فصياغة حلول حاسمة لقضايانا أصبـح واجبًا ومسـئولية.
وفي مداخلته المهمة خلال مشاركته في المائدة المستديرة "طريقة جديدة- شراكات النمو الأخضر" ضمن فعاليات القمة الدولية ميثاق التمويل العالمي الجديد قسمها الرئيس السيسى إلى شقين الأول: عبارة عن تسجيل لوجهة نظر مصر في كامل الموضوع والثاني تضمن الجهد والإجراءات وما تحقق على المستوى الوطني.
الرئيس السيسي تحدث عن أهمية استجابة المجتمع الدولي لسبل مواجهة التحديات الناتجة عن الأزمات الدولية وتغير المناخ فمصر استضافت قمة الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في شرم الشيخ واستهدفت إبراز حجم المشكلة وضرورة تدبير التمويل اللازم لمواجهتها لكي نستطيع التحرك على المستويين الوطني والدولي، لبلوغ أهداف التنمية المستدامة والواقع الجديد الذي نعيشه يفرض على الجميع التكاتف لتعزيز النظام متعدد الأطراف ليصبح أكثر استجابة لاحتياجات الدول النامية، وأكثر قدرة على الصمود أمام الأزمات لمجابهة تحديات تغير المناخ التي لم نكن المتسبب الرئيسي فيها، ولكن نحن الأكثر تضررا منها.
وقال إن مصر استضافت قمة تغير المناخ بشرم الشيخ في نوفمبر الماضي وكانت تستهدف ترجمة الطموح والتعهدات لواقع ملموس بما يدعم التحول العادل من أجل النمو الأخضر وبلوغ أهداف التنمية المستدامة وفقا للأولويات الوطنية لكل دولة متابعًا: "دائما ما نذكر حجم المشكلة والتمويل وكيف يتم تدبير هذا التمويل وبغير ذلك لن يتم أبدا التحرك في تقديرنا لحل أي مشكلة نطرحها سواء كانت على المستوى الوطني أو الدولي".
خاصة وان التجرية المصرية المبتكرة لبرنامج "نوفي"، كانت محل تقدير من مسئولين دوليين بارزين ويستهدف تعزيز الشركات وتوفير التمويل العادل والمستدام لدفع العمل المناخي بالتركيز على قطاعات المياه والغذاء والطاقة في إطار متكامل ويتضمن البرنامج منصة وطنية للمشروعات القابلة للاستثمار تم إطلاقها بمشاركة تمويل مؤسسات دولية وشركاء التنمية والقطاع الخاص، لدعم البرنامج من خلال التمويل الإنمائي الميسر والمختلط).
وتبرز محورية التمويل باعتباره العامل المحوري في تحقيق التنمية المستدامة بما فيها مواجهة تغير المناخ وتحقيق أهداف اتفاقية باريس فضلاً عن معالجة الاختلالات الهيكلية للنظام المالي العالمي، الذي تحد من قدرته على الاستجابة السريعة والفعالة للأزمات وفى هذا الإطاروشدد الرئيس السيسى على الحاجة لتبني منظور شامل يضع تمويل التنمية في قلب أجندة العمل متعدد الأطراف ويضمن عدالته واستدامته، إضافة إلى معالجة التحديات ذات الصلة.
و شدد الرئيس السيسى كذلك خلال هذه المداخلة المهمة على أن أحد أهم تحديات الأثر التراكمي للأزمات الدولية المتعاقبة هو إطلاق مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016 والذي حقق مع صندوق النقد الدولي كل الأهداف المرجوة منه ووصل إلى معدل نمو 6%، وكانت كل الأمور مبشرة جدا مشيرًا إلى أنه في حالة الاستمرار بهذه الوتيرة سيتم تحقيق الهدف الذي تم تنفيذ برنامج الإصلاح من أجله كما أنه لسوء الحظ، أثرت أزمة كورونا (كوفيد-19) والأزمة الروسية- الأوكرانية تأثيرا سلبيا كبيرا جدا على المسارات التي تحقق فيها نجاحات مختلفة وتراجع بشكل ملحوظ النجاح الذي حققته مصر وهنا أشار الرئيس السيسى إلى أن من بين هذه التأثيرات السلبية: ارتفاع التضخم العالمي لمستويات قياسية وتنامي إشكالية الديون بشكل خطير وامتدادها للدول النامية متوسطة الدخل بالإضافة إلى تضاؤل جدوى المعونات التنموية وتعاظم المشروطيات المقترنة بها.
كما كان لدى مصر -وفقًا لرئيس السيسى- خطة لإدارة ديون خطة التنمية المستدامة وهذا الأمر نتيجة للظروف التي مرت خلال السنوات الماضية ألقى بصعوبات كبيرة جدا أمام استمرار النجاح الفعال في خطة الديون، ولكن الحكومة المصرية تبذل قصارى جهدها وتصر على إدارة الأمر بما يحقق الأهداف الوطنية وعبر الرئيس السيسى عن تطلع مصر لإسهام قمة "ميثاق التمويل العالمي الجديد" في دفع المناقشات بمختلف المحافل الدولية، من خلال عدد من الرسائل على رأسها ضرورة تكاتف الجميع لا سيما مؤسسات التمويل الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول النامية، بالتركيز على تنفيذ توصيات مٌحفز أهداف التنمية المستدامة الذي أطلقه سكرتير عام الأمم المتحدة بالتعاون مع شركاء التنمية وبما يتسق مع الأولويات الوطنية.
اللافت للنظر أيضًا هو نداء الرئيس السيسي وتأكيده على أهمية اتخاذ قرارات دولية سريعة تحول دون اندلاع أزمة ديون كبرى مع استحداث آليات شاملة ومستدامة لمعالجة ديون الدول المنخفضة ومتوسطة الدخل فضلا عن التوسع في مبادلة الديون من أجل الطبيعة مشددًا على ضرورة إصلاح الهيكل المالي العالمي لتعزيز تمويل التنمية المستدامة، بما يتضمن إعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي وتعليق أو إلغاء الرسوم الإضافية لصندوق وقت الأزمات.
وإضافة إلى ذلك فقد تضمنت مداخلة الرئيس السيسى ضرورة تطوير سياسات وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف لتعظيم قدرتها على الإقراض وتيسير نفاذ الدول النامية لها وكذلك تعزيز الحوار بينها وبين وكالات التصنيف الانتمائي لزيادة قدرتها على الإقراض دون المساس بتصنيفها علما بأن المجتمع الدولي توافق خلال قمة شرم الشيخ على المطالبة بالكثير من تلك الإصلاحات.