هل تستطيع الحكومة تحقيق المعادلة الصعبة في محصول القمح المحلي هذا العام؟
التموين تجمع كميات أقل هذا الموسم رغم زيادة أسعار التوريد
وانتصف شهر يونية وأوشك موسم حصاد القمح في البلاد على الانتهاءوسط توقعات بعدم جمع الحكومة ذات الكمية التي جمعتها العام الماضي رغم الحديث عن موسم الحصاد الوفير واتشاح الأرض باللون الذهبي.
ولم تلزم الحكومة الفلاحين بتوريد كميات محددة من القمح على غرار الموسم السابق ورفعت أسعار توريد أردب القمح إلى 1500 جنيه بدلا من ألف جنيه وتعول البلاد التي تعتبر أكبر مستورد للقمح في العالم على الإنتاج المحلي لشراء أكبر كمية من أجل تقليل فاتورة الاستيراد في ظل أزمة تدبير العملة الصعبة التي تعاني منها البلاد.
واعلن مسؤول حكومي كبير قوله إن مصر لن تحقق المستوى المستهدف من مشتريات القمح المحلية وهو 4 ملايين طن خلال الموسم الحالي الذي يوشك على الانتهاء وأظهرت وثائق وزارة التموين أن الحكومة اشترت 3.15 ملايين طن حتى السابع من يونيةانخفاضا من 3.58 ملايين اليوم نفسه من العام الماضي.
وقال وزير التموين علي مصيلحي إن المخزون الإستراتيجي من القمح يكفي 5.9 أشهر مشيرا إلى أن الحكومة اشترت 3.44 ملايين طن من القمح المحلي ونجحت الحكومة نهاية الموسم الماضي في شراء نحو 4.2 ملايين طن من القمح المحلي أقل من الكمية المستهدفة وهي 6 ملايين.
وأصدرت وزارة التموين قرارا يحظر استخدام القمح علفا للأسماك أو دخوله بالعلف الحيواني وتوعدت باتخاذ إجراءات قانونية حال مخالفة التعليمات كما حظرت نقل القمح المحلي لموسم حصاد 2023 من مكان إلى آخر إلا بموافقة من مديرية التموين واقتصار تسويقه على الشركات الحكومية والبنك الزراعي كما وجه القرار أصحاب مطاحن القطاع الخاص والمنتجة للدقيق الحرّ تدبير احتياجاتهم من القمح المستورد وحظر عليهم استخدام المحلي موسم التسويق إلا بتصريح من وزارة التموين والتجارة الداخلية.
وقال الدكتور حسين شاهين استاذ الحبوب بكلية الزراعة جامعة الفيوم أن الكمية التي تتوقع التموين استلامها هذا العام ستنخفض من تلك التي جمعتها العام الماضي "على الرغم من زيادة مساحة الأراضي المنزرعة بالقمح وارتفاع إنتاجية فدان الأرض إلى 20 إردبا مما يعني إنتاج حوالي 10 ملايين طن"وبعد أن كانت جميع المؤشرات تؤكد أن الحكومة ستجمع أكبر كمية ممكنة- قفزت أسعار جميع أنواع الحبوب بشكل كبير مما دفع بعض الفلاحين إلى توريد كميات أقل تحسبا لاستمرار ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن سعر كيلو القمح أصبح أقل من سعر كيلو الردة المشتقة من القمح وأصبح من أرخص أسعار الحبوب في البلاد وحتى من كيلو الشعير ومن هنا قرر الفلاح أن يحتفظ بالقمح لإنتاج الخبز أو استخدامه علفا حيوانيا رخيصا إلا إذا قررت الحكومة زيادة سعر التوريد مجددا.
وقال المستشار سامح الشريف الخبير الاقتصادي اننا نستورد نحو 50% من احتياجاتنا من القمح من الخارج خاصة روسيا وأوكرانيا ونستهلك نحو 20 مليون طن سنويا ونستخدم نحو 9 ملايين طن لإنتاج الخبز المدعم على بطاقات التموين لنحو 71 مليون مواطن وبشأن بدائل الحكومة لتعويض هذه الكميات أوضح أن الحكومة ستلجأ للشراء من الخارج وستسعى لترشيد الاستهلاك من خلال إنتاج كميات أقل من الخبز بعد استبعاد غير المستحقين للدعم وحذف بطاقاتهم التموينية.
وقد بلغت مخصصات شراء القمح المحلي 45 مليار جنيه (نحو 1.5 مليار دولار) بزيادة أكثر من 19 مليار جنيه عن العام الماضي، بينما بلغت فاتورة واردات القمح من الخارج 4.2 مليارات دولار العام الماضي وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.
و اضاف الشريف ألقت أزمة نقص النقد الأجنبي بظلالها على واردات القمح من الخارج وأدت -في تحرك نادر- إلى تأجيل الهيئة العامة للسلع التموينية فتح خطابات اعتماد لسداد واردات القمح بحسب تصريحات وزير التموين وقد اقترضنا السبت الماضي 700 مليون دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة لشراء واردات حبوب في إطار اتفاق تمويل يعود إلى عام 2018 بين الطرفين وتم تجديده العام الماضي 5 أعوام إضافية مع تعديل حد الائتمان من 3 مليارات إلى 6 مليارات دولار.
وكان وزير التموين قد كشف -في وقت سابق- عن مباحثات مع الهند وروسيا والصين فيما يتعلق بسداد أموال الواردات باستخدام عملات أخرى غير الدولار الأميركي.
وبخصوص استمرار عدم جمع الكميات المطلوبة من القمح الأعوام الأخيرة يقول الشريف ان الحافز الذي أعلنته الحكومة للفلاحين والبالغ 1500 جنيه للأردب لزيادة معدلات توريد القمح هذا الموسم غير كاف" وأن السعر الحالي 1500 جنيه (مقوما بالدولار) يعادل نحو 48 دولارا وهو أقل من سعر العام الماضي البالغ 865 جنيها وكان يعادل نحو 56.5 دولارا وتحدث عن تراجع القدرة الشرائية للجنيه بأكثر من 90% مقارنة بالعام الماضي إضافة إلى زيادة أسعار الوقود والأسمدة.
ودعا الشريف الحكومة إلى تغيير نهجها في تحديد أسعار المحاصيل الإستراتيجية من أجل زيادة المساحات المزروعة منها من جهة وحث الفلاحين على زراعتها وزيادة كميات التوريد من جهة أخرى وتحرص مصر على تأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية من الخارج في بلد يكتظ بأكثر من 105 ملايين نسمة ويرزح نحو 30% منهم تحت خط الفقر.