هل تغيّر عمليات اختراق الحدود الروسية واحتلال بيلجرود معادلة حرب أوكرانيا؟
في اعقاب العمليات الاوكرانية المتكررة لاختراق الحدود الروسية واخرها عملية بيلجرود الروسية قال محللون عسكريون إن توغلا أوكرانيا استمر يومين داخل مناطق حدودية في غرب روسيا قد يجبر الكرملين على نقل قوات من خطوط الجبهة في الوقت الذي تستعد فيه كييف لشن هجوم مضاد كبير وتوجيه ضربة معنوية لموسكو.
وكانت أوكرانيا أوضحت أنها تخطط لشن هجوم مضاد كبير لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا لكن الأخيرة بنت تحصينات مترامية الأطراف في شرق وجنوب أوكرانيا تأهبا لذلك وحدث التوغل بعيدا عن مركز القتال في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا على بعد حوالي 160 كيلومترا من الجبهة في منطقة خاركيف شمالي البلاد.
رغم نفي كييف مشاركتها في الهجوم، فقد قال خبراء إن "أكبر هجوم عبر الحدود من أوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية قبل 15 شهرا، كان منسقا بشكل شبه مؤكد مع القوات المسلحة الأوكرانية، التي تستعد لمحاولة استعادة الأراضي".
من جانبه أعلن الجيش الروسي، الثلاثاء، أنه تصدى للمسلحين الذين هاجموا منطقة بيلغورود الغربية بمركبات مدرعة في اليوم السابق، مضيفا أن قواته قتلت أكثر من 70 "قوميا أوكرانيا" ودفعوا من تبقى منهم إلى الانسحاب إلى أوكرانيا.
لكن كييف ردت بالقول إن الهجوم "نفذه مواطنون روس"، ووصفته بأنه "صراع روسي داخلي" وقال مساعد الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك أعاد التأكيد على موقف بلاده ونفى علاقة كييف بالعملية.
وبدورها قالت الولايات المتحدة إنها "لا تساعد أو تشجع" أوكرانيا على شن هجمات على الأراضي الروسية "لكن الأمر متروك لكييف لتقرير كيفية تنفيذ العمليات العسكرية".
أعلنت جماعتان تنشطان في أوكرانيا هما "سلاح المتطوعين الروسي" و"فيلق حرية روسيا" مسؤوليتهما عن التوغل وتشكلت المجموعتان خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وجذبتا مقاتلين متطوعين من الروس الراغبين في القتال ضد بلدهم إلى جانب كييف والإطاحة بالرئيس فلاديمير بوتين وقال مارك جالوتي رئيس شركة "ماياك إنتلجنس" الاستشارية ومقرها لندن ومؤلف العديد من الكتب عن الجيش الروسي إن الجماعتين "تتألفان من الروس المناهضين للكرملين وتضمنان أطياف مختلفة تتراوح من الليبراليين ودعاة الفوضى إلى النازيين الجدد".
"يأمل هؤلاء بأن يساهموا بقدر ما في سقوط نظام بوتين لكن في الوقت نفسه علينا أن ندرك أن هذه ليست قوات مستقلة إنها خاضعة لسيطرة المخابرات العسكرية الأوكرانية"، وفق جالوتي.
المتحدث باسم الجناح السياسي لـ"فيلق حرية روسيا"، ألكسي بارانوفسكي، قال:"لا أستطيع الكشف عن عدد القوات المشاركة في عملية التوغل.. لكن الجماعة تتألف من 4 كتائب""لم تقع خسائر فادحة ونرفض التقارير الروسية عن تكبد خسائر كبيرة فهي معلومات مضللة".
"الوحدة المشاركة في التوغل كانت جزءا من الفيلق الدولي للدفاع عن أوكرانيا المؤلف من متطوعين أجانب وبالتالي فهي جزء من قواتنا المسلحة، لكن التوغل لم يحدث بالتنسيق مع السلطات الأوكرانية" "هذه هي الخطوات الأولى نحو الهدف الرئيسي وهو الإطاحة بنظام بوتين بالقوة المسلحة ليس هناك بدائل أخرى".
المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، نيل ملفين، قال:
"يحاول الأوكرانيون تشتيت الروس في اتجاهات مختلفة لفتح ثغرات الروس مجبرون على إرسال تعزيزات" وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
"سيتعين عليهم التعامل مع هذا ونشر قوات هناك، ومن ثم نشر الكثير من القوات على طول المنطقة الحدودية، حتى وإن لم يكن هذا هو السبيل الذي سيأتي منه الأوكرانيون".
"التوغل بدا وكأنه عملية أوكرانية لإعداد أرض المعركة قبل الهجوم المضاد الذي تخطط له كييف. هذه حقا فرصة لتحقيق هدفين، الأول هو إرباك الجانب الروسي وإثارة قلقه من احتمال حدوث انتفاضات بين مواطنيه، والثاني هو إجبار الروس على تشتيت قواتهم".
أدلى مسؤولون في أوكرانيا بتعليقات تهكمية تحاكي تلك التي صدرت عن الكرملين حول ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، عندما أنكر في البداية ضلوع القوات الروسية وكان مساعد الرئيس الأوكراني حمّل "جماعات سرية تضم مواطنين روس" مسؤولية التوغل في بيلغورود، وقال: "كما تعلمون، تُباع الدبابات في أي متجر عسكري روسي" وبداء التعليق محاكيا لرد بوتين في 2014 على سؤال حول وجود رجال يرتدون الزي العسكري الروسي دون شارة في شبه جزيرة القرم، ليرد آنذاك قائلا: "يمكنكم الذهاب إلى متجر وشراء أي نوع من الزي العسكري".
أوكرانيون أشاروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما أسموه بـ"جمهورية بيلغورود الشعبية" -في محاكاة أيضا إلى الأحداث التي وقعت في شرق أوكرانيا عام 2014 عندما أعلنت قوات معارضة أوكرانية مدعومة من روسيا منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا "جمهوريتين شعبيتين".
تداول أوكرانيون أيضا مقطع فيديو للرئيس فولوديمير زيلينسكي، وهو يقول كلمته الشهيرة "أنا هنا" من كييف، في بداية تعرض بلاده للهجوم الروسي في فبراير 2022. لكن بدلا من المكتب الرئاسي في كييف، ظهرت في الخلفية علامة للترحيب في مدينة بيلغورود.