داعيا دمشق للالتزام بمخرجات اجتماع عمان.. شكري: لا حل عسكري للأزمة السورية ولا غالب ولا مغلوب في هذا الصراع
انطلقت بمقر الجامعة العربية اليوم اعمال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب، برئاسة وزير الخارجية سامح شكري، وحضور الامين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ومشاركة وزراء الخارجية العرب.
ويناقش الاجتماع تطورات الازمة السورية وعودة دمشق للجامعة العربية .
ودعا سامح شكري وزير الخارجية ورئيس الدورة 159 لمجلس جامعة الدول العربية إلى مواصلة اتخاذ الخطوات التنفيذية للتطبيق الكامل لمخرجات اجتماع
عمان، الخاص بسوريا ودعم المجتمع الدولي لها.
واكد شكري اهمية الاجتماع الوزاري بما يتيح المجال للتشاور والتنسيق حول تطورات الأوضاع في الجمهورية العربية السورية، وتجديد الدعم للاشقاء في سوريا في سبيل سعيهم للخروج من أزمتهم المستمرة في أقرب الآجال ، هذه الأزمة التي امتدت تبعاتها السلبية من إرهاب، ودمار، ونزوح، ولجوء، إلى سائر دول المنطقة والعالم، وصولاً إلى فقدان شعب شقيق له اسهامات تاريخية في الحضارة العربية لمفهوم الوطن الآمن.
وقال شكري في كلمته امام الوزاري انه وبكل أسف .. فقد استمرت معاناة أشقائنا السوريين عاماً تلو الآخر، بل وتفاقمت نتيجة تعثر التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة، وتعدد التدخلات الخارجية فيها، وانصراف انتباه المجتمع الدولي إلى قضايا أخرى، مما أنتج حالة من الجمود التام طالت لسنوات، وهو أمر كان لا يمكن لنا كدول عربية السكوت عنه، بعدما بات مصير الشعب السوري بكافة أطيافه مرتبطاً بالمواءمات على الساحة الدولية، والتي تشهد حالة من الاستقطاب غير المسبوق، وأصبح رهينة للجماعات الإرهابية التي زجت إلى الساحة السورية بواسطة دول وتنظيمات لتحقيق أغراض سياسية بحيث كرست وجودها على الأراضي
السورية، وبقى الشعب السوري بمفرده في مواجهة تحديات عديدة ومتراكمة أثقلت كاهله، وصار التساؤل المشروع في هذا السياق عما حققته نتائج تدويل أزمة دولة عربية شقيقة، وعن حقوق ومستقبل أبناء شعبها.
واضاف شكري ان الدول العربية تولي أولوية كبيرة لأن يكون لها إسهاماتها الملموسة والمباشرة في صياغة حلول أزماتنا، وهو الأمر الذي يحظى باهتمام خاص في مصر انطلاقًا من إيماننا بمبدأ الحلول العربية للقضايا العربية، وبضرورة تكاتف وتضامن الأشقاء في تجاوز التحديات، وبأهمية تفعيل الدور العربي القيادي لتسوية قضايانا بأنفسنا، والنأي بها عن التعقيدات الدولية والاقليمية الأخرى حفاظاً على مصالحنا المشتركة، وأوطاننا، وأمنها، واستقرارها، ومقدرات شعوبنا.
وتابع شكري : لقد أثبتت جميع مراحل الأزمة السورية أنه لا حل عسكرياً لها، وأنه لا غالب ولا مغلوب في هذا الصراع، بل حذرت مصر على مدار السنوات الماضية ومنذ بداية الأزمة من تداعيات الصراع المسلح في سوريا ومحاولة الحسم العسكري، ولم تلق هذه التحذيرات اذانا صاغية. من ثم، فإننا علي اقتناع تام بأن السبيل الوحيد للتسوية هو الحل السياسي بملكية سورية خالصة دون إملاءات خارجية، واستيفاء الإجراءات المرتبطة بتحقيق التوافق الوطني بين الأشقاء السوريين، وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية، على نحو يتماشى مع المرجعيات الدولية وقرار مجلس الأمن رقم 2254،
وبما يلبي تطلعات الشعب السوري ويحقق آماله المشروعة في غد أفضل، ويضمن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامتها الإقليمية وعروبتها، وينهي كل مظاهر التدخلات الخارجية في شئونها بما في ذلك الاعتداءات على أراضيها، ويفضي إلى القضاء على جميع صور الإرهاب وتنظيماته والفكر المتطرف دون استثناء، ويوفر البيئة المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين والنازحين، ويفتح المجال أمام البناء
والتنمية مما سيعزز من عناصر الاستقرار في الوطن العربي والمنطقة.
ومن هذا المنطلق، واصلت مصر جهودها، بالتعاون مع أشقائها العرب، والدول الصديقة، والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، من أجل الإسهام في تحقيق هذه الأهداف. وجاءت الاجتماعات العربية الأخيرة التي استضافتها كل من المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، في إطار تفعيل الدور العربي في حل الأزمة السورية من خلال مقاربة تنفيذية وفق منهجية "خطوة مقابل خطوة" وبما يهدف
لمعالجة جميع تبعات الأزمة السياسية والأمنية والانسانية.
ومما لا شك فيه أن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى البيان الختامي لاجتماع عمان يوم الأول من مايو الجاري هو تطور إيجابي وخطوة هامة على صعيد إثبات حسن النوايا وتنفيذ التعهدات وتعزيز التعاون العربي / العربي لحل الأزمة السورية. ونتطلع في هذا السياق إلى مواصلة اتخاذ الخطوات التنفيذية للتطبيق الكامل لمخرجات اجتماع عمان، ودعم المجتمع الدولي لها.
وبهذه المناسبة، ففي الوقت الذي تضطلع به الدول العربية بمسئولياتها في دفع الحل السياسي للأزمة في سياق الجمود الدولي الحالي، فإننا نشدد أن على الحكومة السورية المسئولية الرئيسية في الوصول لهذا الحل، وتنفيذ الالتزامات ذات الصلة، ونجدد كذلك التأكيد على ضرورة وفاء الدول المعنية بالأزمة والمجتمع الدولي بالتزاماتهم تجاه الشعب السوري.
واعاد شكري التأكيد على ضرورة إعلاء مفهوم الوطن الجامع الآمن، ووفاء كل من الحكومة السورية، والقوى الوطنية والمكونات السورية، والمجتمع الدولي، والدول المعنية بالأزمة، بالتزاماتها كل تجاه الآخر، لكي تعود سوريا إلى السوريين موحدة، ومستقرة، ومستقلة، كما نحب أن نراها، فلا يستقيم أن يكون من بين أبناء أمتنا العربية من هو لاجئ أو نازح أو متضرر من ويلات الإرهاب والاختطاف والحروب والكوارث.
واعرب شكري عن تطلعه إلى المزيد من النقاش وتبادل وجهات النظر بين الدول أعضاء الجامعة حول الجهود في الشأن السوري، ومسارات تفعيل آليات العمل العربي المشترك من أجل رفع معاناة الشعب السوري العزيز، إذ أن علينا جميعاً مسئولية تاريخية لنقف إلى جواره، ومساعدته على طي صفحة حزينة وطويلة من تاريخه وتاريخ الشعوب.