الظواهر الجوية المتطرفة تهدد القارة الأفريقية بأزمة إنسانية غير مسبوقة
فى ظل التغيرات المناخية التي تواجه العالم كشف تقرير دولي يُسلط الضوء على تداعيات الجفاف، الناتج عن تغير المناخ، في شرق إفريقيا، أنّ ظروف الجفاف على مدى العامين الماضيين، خلفّت أكثر من 43 ألف قتيل وتًعرض قرابة 20 مليون شخص لخطر المجاعة.
وبحسب التقرير، فإنّه من المتوقع أنّ تشهد منطقة القرن الإفريقي تأثيرات سلبية ضخمة، نتيجة المزيج بين درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض هطول الأمطار، الذي أثّر على الملايين في تلك المنطقة وفقا لوكالة بلومبرج .
ووفقًا لدراسة أجراها علماء في مجموعة تحليل أسباب أحداث الطقس العالمي والتي تسعى إلى تحديد دور تغير المناخ في الظواهر الجوية المتطرفة، فإنّ الاحتباس الحراري يُؤدي إلى تغيير أنماط هطول الأمطار وزيادة الحرارة في جنوب الصومال وشرق كينيا وجنوب إثيوبيا.
قال "شيخ كين"، مستشار سياسة التكيف مع تغير المناخ في مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر، إنّ مدة الجفاف أرهقت الأشخاص بمنطقة القرن الإفريقي بما يفوق قدرتهم على التأقلم. مُضيفًا أنّ حدوث خمسة مواسم متتالية من هطول الأمطار أقل من المعتاد، إلى جانب الصراعات، تسببت في كارثة إنسانية.
وأفاد التقرير أنّ ما لا يقل عن 43 ألف شخص توفى في الصومال وحدها العام الماضي، نتيجة أسوأ موجة جفاف تشهدها المنطقة منذ أربعة عقود. ووفقًا للأمم المتحدة، من المتوقع أن يواجه حوالي 6.5 مليون صومالي مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتسعى الأمم المتحدة للحصول على 2.6 مليار دولار كمساعدات للصومال، فيما أنّه تم جمع 15٪ فقط.
وأبرز التقرير أنّ الوضع في القرن الأفريقي يُعتبر مثالًا حيويًا على كيفية معاناة الدول النامية من تداعيات تغير المناخ، رُغم مساهمتها بقدر بسيط في إطلاق غازات الاحتباس الحراري التي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.
ومن جانبه، قال "أنطونيو جوتيريش"، الأمين العام للأمم المتحدة، خلال زيارة استغرقت يومين إلى الصومال في وقت سابق من أبريل الجاري، إنّه يتعين على المجتمع الدولي تكثيف وزيادة حجم الأموال لدعم الصومال. وأشار التقرير إلى أنّه خلال زيارة "جوتيريش" في الصومال، ظهرت علامات الجفاف في كل مكان في مدينة "بيدوا". الأمر الذي أُجبر العائلات على النزوح على أمل العثور على الطعام والمأوى.
ولمعرفة دور تغير المناخ في تلك الأزمة بمنطقة القرن الإفريقي، قام الباحثون في مجموعة تحليل أسباب أحداث الطقس العالمي، بتتبع أنماط هطول الأمطار من يناير 2021 إلى ديسمبر 2022، كما أنّهم حللوا مواسم الأمطار التقليدية العام الماضي، من مارس 2022 إلى مايو 2022 ومن أكتوبر 2022 إلى ديسمبر 2022؛ حيث قاموا بفحص البيانات باستخدام طريقتين، الأولى، تحاكي الظروف الجوية في مناخ اليوم، والتي ارتفعت درجة حرارته بمقدار 1.2 درجة مئوية منذ عصور ما قبل الصناعة، والثانية، بدون أي ارتفاع في درجات الحرارة.
وخلص الباحثون إلى أنّ المزيج غير المعتاد من قلة هطول الأمطار وتبخر المياه في التربة والنباتات، لم تكن لتؤدي إلى الجفاف على الإطلاق؛ حيث ظل ارتفاع درجات الحرارة أقل من 1.2 درجة مئوية، مُوضحين أنّ احتمال هطول الأمطار الأقل من المتوسط الذي شوهد بين شهري مارس 2022 ومايو 2022، كان بسبب تغير المناخ.
من ناحية أخرى، صرّح "جمال حسن"، مدير مركز التميز للتكيف مع المناخ بالهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيجاد" وهي منظمة حكومية دولية تكافح الجفاف في المنطقة منذ عقود، أنّه في الأسابيع الأخيرة، أدت الأمطار المفاجئة إلى حدوث فيضانات في بعض المناطق، ما أدى إلى تفاقم الوضع بالنسبة لمئات الأشخاص.
وأضاف "حسن" أنّ الناس في وضع هش، مُشيرًا إلى وجود أزمة في إدارة المياه وضعف البنية التحتية للتعامل مع الفيضانات والمجتمعات التي تضررت من تدمير المحاصيل والماشية.
وقال "حسن" إنّ السبيل الوحيد للمُضي قدمًا هو استجابة منسقة عبر الحكومات الإفريقية وعبر القطاعات المختلفة. مُبرزًا أنّ الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة أدت إلى تحسين قدرات الحكومات على الاستجابة لحالات الطوارئ المناخية في بعض المدن، ومُؤكدًا أنّ الأموال لا تزال غير كافية للتعامل مع حالات الطوارئ في كل مكان.