النهار
الإثنين 23 ديسمبر 2024 05:24 صـ 22 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوادث

خاص| ينتهي بهن الأمر بدور الرعاية.. ماذا قال الخبراء عن استغلال القاصرات؟

أرشيفية
أرشيفية

داخل محكمة الطفل، تجد أطفال على وجوههم تعبيرات الحزن والأسى على ما آلت إليه حياتهم، فهذا قتل صديقه وذاك سرق هاتف بالإكراه من أحد المارة في الشارع، ورغم الاختلاف إلا أن العامل المشترك بين الجريمتين هو مرتكبي تلك الجرايم اللذان يقفان داخل قاعة المحكمة.

في إحدى زوايا المحكمة، تقبع طفلة لا يتجاوز عمرها 14 عامًا ترتدي ملابس فضفاضة وتحدق بعيناها الزجاجيتان في وجوه الحاضرين، لتتذكر حياتها قبل أن يتم استغلالها وإجبارها للعمل في مجال الدعارة مقابل الحصول على مأكل ومأوى.

واستطلعت "النهار"، رأي عدد من الخبراء في المجالات المختلفة، لتحليل ظاهرة استغلال القاصرات ومعرفة كيف يتم التعامل معن بشكل قانوني.

الاستغلال الجنسي

يؤكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية، أن القاصرات اللاتي يتم استغلالهن جنسيًا من أخطر الظواهر على المجتمع ولابد من التصدي لها بشكل حازم وسريع، موضحًا أن ضبط الفتيات من قبل الشرطة ووضعها بدار رعاية يضمن لها مستقبل أفضل من استغلالهن في الأعمال الجنسية واستغلال ضعفهن وقلة حيلتهن.

ويقول "فرويز"، إن الفتيات اللاتي يتم استغلالهن جنسيًا من القاصرات يخرجن شخصيات غير سوية في المجتمع ويعانن من أزمات نفسية لا يمكن التعامل معاها فيما بعد، مؤكدًا أن غالبية تلك الفتيات بينتهي بهن المسار إلى السجن أو إنجاب أطفال سفاح.

وقدم "فرويز" مقترحًا بضرورة تأهل تلك الفتيات عن ضبطهن وإعدادهن لشخصيات جديدة قادرة على التعامل مع المجتمع بعد وضعهن في دار رعاية، مشيرًا لضرورة إخبراهن بأن ما مررن به ظرف استثنائي لم يكن سبب فيه بل ضحية.

ونص ميثاق الأمم المتحدة على أنه تلك الفتيات لهن حق الحصول على أفضل ما هو متاح من الرعاية التي تشكل جزءا من نظام الرعاية الصحية والاجتماعية/ كما يعاملن معاملة إنسانية مع احترام ما للإنسان من كرامة أصيلة، كما لهن الحق في الحماية من الاستغلال الاقتصادي والجنسي وغيرهما من أشكال الاستغلال، ومن الإيذاء الجسدي أو غير الجسدي أو المعاملة المهينة.

ونص الميثاق أيضًا على أنه لا يجوز أن يكون هناك أي تمييز بدعوى فتيات دار رعاية ويعني "التمييز" أي تفريق أو استبعاد أو تفضيل يؤدي إلي إبطال أو إضعاف المساواة في التمتع بالحقوق، ولا تعتبر التدابير الخاصة التي تتخذ لمجرد حماية حقوق تلك الفتيات أو ضمان النهوض بهم تمييزا.

وعلق "فرويز": " لكل فتاة من القاصرات المستغلات جنسيًا وتم إدراجها في المجتمع وإعدادها مجددًا الحق في أن تعيش وأن تعمل قدر الإمكان، في المجتمع المحلي، كذلك يحترم الحق في سرية المعلومات فيما يتعلق بهن"، موضحًا أن لهن الحق في أن يعالجن وأن يعتنى بهن قدر الإمكان في المجتمع الذي يعيشن فيه.

غياب الأهل

اعتبرت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن استغلال القاصرات في أعمال منافية للآداب سببه في الأساس غياب الأهل وهذا أمر ليس من ذنب الفتيات "مالهمش ذنب أنهم اتولدوا مالقوش أهل يوجهوهم للصح".

وقالت "خضر"، إن لابد من ضبط الفتيات ووضعهن في دار رعاية لإعداد تأهلهن من جديد والتعامل معاهن كضحايا وليس كمذنبات، وعليه لابد من تكثيف ضبط مثل هذه الحالات لنجدتهن من مصير بائس مستقبليًا.

وأضافت، أنه على دار الرعاية العمل على تدريبهن على تقدير الذات وكيفية التفاعل مع الآخرين بطرق إيجابية من خلال مهارات تواصل وإدارة عدة، كما يجب منع انتكاس الحالة من خلال تحديد المواقف عالية الخطورة وكيفية تعطيل السوابق السلوكية ولعل الأهم هو نظم مراقبة الحالة ومتابعتها.

وتحدثت عن أن أغلب الدراسات ذكرت أن ما يتعرض لهن القاصرات يعرضهن فيما بعد بمشاكل فى الإنجاب وإجهاد وضعف فى صحة الأم والأطفال، ومن الممكن أن ينمو عند مثل هذه الفتيات شعور بالخيانة وعدم رغبتن في ممارسة حياتهن كأي فتاة عادية ويصعبن تأقلها من جديد في الحياة الطبيعية.

وعن إعادة تأهلن للحياة دون أي أمراض نفسية علقت: "تأهيل القاصرات بعد استغلالهن جنسيًا ليس مستحيلًا، ممكنًا بعد اتباع برامج معتمدة عالميًا هذا سيجعلهن قادرين على استكمال الحياة.

الإتجار بالبشر

ومن جانبه، يقول عبد الرازق مصطفى المحامي والباحث والخبير الحقوقي، إن استخدام الأطفال لتحقيق منفعة مادية أو جنسية خاصة ممن يتولى رعايتهم هي من جرائم الإتجار بالبشر، متابعًا أن قانون العقوبات وضع جزاءً عقابيًا رادعًا لتلك الجرائم، تصل إلى السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.

وأكد "عبد الرازق"، أن قانون العقوبات وضع جزاءً عقابيا في أي من الحالات الآتية: إذا كان الجاني أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر، أو تولى قيادة فيها، أو كان أحد أعضائها أو منضمًا إليها، أو كانت الجريمة ذات طابع عبر وطني، أو إذا اُرتكب الفعل بطريق التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو التعذيب البدني أو النفسي، أو ارتكب الفعل شخص يحمل سلاحًا، أو إذا كان الجاني زوجًا للمجني عليه أو من أحد أصوله أو فروعه، أو ممن له الولاية أو الوصاية عليه، أو كان مسؤولاً عن ملاحظته أو تربيته أو ممن له سلطة عليه.

وأضاف المحامي، أن من ضمن الحالات التي يعاقب عليها القانون، هي إذا كان الجاني موظفًا عامًا أو مُكلفًا بخدمة عامة وارتكب جريمته باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة، أو إذا نتج عن الجريمة وفاة المجني عليه، أو إصابته بعاهة مستديمة، أو بمرض لا يُرجى الشفاء منه، أو إذا كان المجني عليه طفلًا، أو من عديمي الأهلية، أو من ذوى الإعاقة، أو إذا اُرتكبت الجريمة بواسطة جماعة إجرامية منظمة.

وأورد الباحث القانوني، أنه في حالة حدوث انتهاك جنسي لطفل يتم على الفور عرضه على الطب الشرعي، ثم عرضه على عدد من الخبراء النفسيين والاجتماعيين من خلال جلسات خاصة لإعداد تقارير فنية مختصة بحالة الأطفال وتقديمها للنيابة العامة لإرفاقها بالتحقيقات، متابعًا أنه يتم بعد ذلك إجراء التحقيق بشكل رسمي مع المشتبه بهم في الواقعة.

هتك العرض

وقال أحمد بركة المحامي، إن القانون يعاقب على جريمة هتك عرض الأطفال وفقا لنصوص المادتين ٢٦٨ و٢٦٩ من الباب الرابع من قانون العقوبات، والتي تنص على أن: "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالسجن المشدد؛ واذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ١٨ سنة أو كان مرتكبها أو احد مرتكبيها ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة ٢٦٧ وهى أن يكون الفاعل من أصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادما بالأجر عنده أو عند من تقدم ذكرهم، أو تعدد الفاعلون للجريمة، تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن ٧ سنوات وإذا اجتمع هذان الظرفان معا يحكم بالسجن المؤبد".

وأورد "بركة"، أن المادة ٢٦٩ من قانون العقوبات نصت على أن: "كل من هتك عرض صبى أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن واذا كان سنه لم يجاوز اثنتى عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة ٢٦٧ تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات"، مؤكدا أن في تلك الجرائم لا ينظر لشرط الرضا أنه مخفف للعقوبة لأن الطفل لا يكون ناضج بدنيًا أو عقليًا".