حامد محمود يكتب: الإعلام الوطنى وبناء الوعى
الإعلام شريك أساسى فى بناء الوعى، والدفاع عن الدولة الوطنية وهويتها وثوابتها، ونجاحه فى مهمته مرهون بالحفاظ على الدولة والحريات العامة، فلا يضيِّق نطاقها ولا يفرض قيودًا، وإنما يوسع أطر الحوار على قاعدة أن أخطاء الديمقراطية يتم علاجها بمزيد من الديمقراطية بما يتناسب مع الدستور والقانون وحرية الصحافة والإعلام، فى ضوء محددات واضحة لرؤية استراتيجية يتم العمل بمقتضاها.
والمتابع للمشهد حولنا فى العقد الأخير سيجد أن الدول المنهارة سقطت يوم سقطت جيوشها الوطنية، والإعلام الوطنى هو الذى يقف فى ظهرها ويدعم قوتها, ولن يستقيم الأمر الا بتفعيل استراتيجية إعلامية متكاملة، تقوم على مراعاة القواعد المهنية والوطنية التى تحترم مؤسسات الدولة، وهذا ليس كلامًا نظريًا لأن تشكيل الوعى عملية تراكمية يساهم فيها إعلام مستنير.
الإعلام الوطنى هو الذى يرسخ قيم المواطنة الكاملة، بنشر ثقافة المساواة التامة بين الجميع فى الحقوق والواجبات، فلا يميز ولا يفرق ويعمل على إعلاء قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر واحترام الأديان والمعتقدات لكافة الفئات.
لو نقل الإعلام حقيقة ما يجرى الآن فى مصر بمهنية وموضوعية، فلن تحتاج من يدافع عنها، لأن إنجازاتها أفضل من أى كلام منمق، ومصر تتحدث عن نفسها بما يحدث فى أراضيها.
الدول المتعافية يحميها شعب مستنير ولديه درجات عالية من الوعى، شعب يبنى ولا يهدم، يحافظ ولا يفرط، يثق ولا يشكك، ويؤمن بأن مستقبله سيكون أفضل، وأن الأمانة حين تتسلمها الأجيال القادمة، ستكون فى الحفظ والصون، حيث تتعرض مصر لهجمة شرسة من جبهات معادية كثيرة، تعتمد على سلاح التشويه والتشكيك فى إنجازات لم تحدث فى تاريخ الدولة المصرية، ولو استمرت بنفس المعدلات لعشر سنوات قادمة، ستصبح مصر واحدة من أكبر عشرين دولة فى العالم، وليس مطلوبًا من الإعلام سوى أن يكون شاهدًا أمينًا على ما يحدث فى مصر.
ليس مقصودًا أبدًا أن يكون إعلام الصوت الواحد والرأى الواحد، ولكن إعلام العقول المفتوحة والقنوات المتفاعلة مع المجتمع والناس، وليس مطلوبًا التهويل ولا التهوين، ولكن نقل ما يجرى على أرض الواقع.