”واشنطن” تواجه تفاقم التحديات بالشرق الأوسط في ظل تنامي نفوذ الصين وروسيا
• الجماعات المدعومة من إيران شنت هجمات على القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا بطائرة مسيرة يوم الخميس 23 مارس، مما أدى إلى مقتل جندي أمريكي وإصابة 6 آخرين.
• رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية: الولايات المتحدة هي من اختارت تقليص نفوذها في الشرق الأوسط، لذا استغلت الصين وروسيا هذا الانسحاب لتعزيز نفوذهما.
• مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز "كارنيجي" توضح أن إيران لم تتخلَّ يومًا عن طموحاتها المتعلقة بإزاحة الولايات المتحدة عن موطئ قدمها في الشرق الأوسط.
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء فى تقرير لها على التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، فيما ينمو نفوذ الصين وروسيا وإيران في المنطقة، ويظهر ذلك جليًّا في عدة مواقف من بينها تعرض القوات الأمريكية في سوريا لضغوط متجددة من الميليشيات المدعومة من إيران.
وأوضح التقرير أن المسلحين قد شنوا هجمات على القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا بطائرة مسيرة يوم الخميس 23 مارس، مما أدى إلى مقتل جندي أمريكي وإصابة 6 آخرين، وفي هذا الصدد، اتهم الجيش الأمريكي إيران بتنفيذ هذه الهجمات، وأرسلت وزارة الدفاع الأمريكية طائرتين "إف-15" لقصف مواقع القوات المدعومة من إيران، وردًّا على ذلك أطلق المسلحون عشرة صواريخ على قاعدة أمريكية ثانية في شرق سوريا.
وأفاد التقرير أن التصعيد في سوريا يأتي بعد مرور أسبوعين على الاتفاق الذي توسطت فيه الصين بين المملكة العربية السعودية وإيران لاستئناف العلاقات، بالإضافة إلى محادثات منفصلة بوساطة روسية لإعادة العلاقات بين سوريا والسعودية، وقد ترتب على ذلك هيمنة خصوم الولايات المتحدة على الدور الذي تلعبه في الشرق الأوسط.
ويرى المحللون أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بالقوة السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، لكن تحول التحالفات الجيوسياسية في المنطقة سيعرقل جهود "واشنطن" في تحقيق مصالحها في المنطقة وسيحول تركيزها نحو مواجهة القوى العظمى الأخرى، مثل: الصين وروسيا، خاصة أن نمو نفوذ "بكين"، و"موسكو" واستمرار الصراع مع وكلاء إيران سيختبر مدى التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة.
وقال "عمر العبيدلي"، رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية، من جانبه، إن الولايات المتحدة هي من اختارت تقليص نفوذها في الشرق الأوسط، لذا استغلت الصين وروسيا هذا الانسحاب لتعزيز نفوذهما، ويرى الخبراء أن ما دفع الولايات المتحدة نحو تقليص نفوذها في الشرق الأوسط، هو غزوها للعراق منذ 20 عامًا واستنزاف القوات والمعدات.
وفي هذا السياق، قالت "ياسمين فاروق" الباحثة في معهد "بيكر" للسياسة العامة بجامعة "رايس" الأمريكية إن أمريكا تفقد قدرتها على تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة، رغم أنها لا تزال الشريك الأمني الأقوى في الشرق الأوسط.
ويُذكر أن قادة الولايات المتحدة قد أكدوا عدة مرات على التزامهم بحماية دول الشرق الأوسط من التهديدات الإيرانية، وينتشر في الوقت الراهن نحو 900 جندي في سوريا، و2500 جندي في العراق في إطار مهمة القضاء على تنظيم "داعش".
ومن الجدير بالذكر أن الضربة الأمريكية الأخيرة للقوات المدعومة من إيران تعد المرة الرابعة التي ترد فيها إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" عسكريًّا على الهجمات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، وقد انتقد الجمهوريون إدارة "بايدن" لأنها لم تستخدم القوة الكافية لمواجهة الميليشيات المدعومة من إيران.
وبعد الهجمات الإيرانية الأخيرة التي وقعت يوم الخميس 23 مارس، قال "مايكل ماكول" النائب عن ولاية "تكساس" إن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على ردع إيران وحدها، فيما اعترض بعض المسؤولين في البيت الأبيض على هذه الانتقادات، موضحين أن الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بحماية قواتها ومنشآتها وحلفائها، لكنها لا تخطط للدخول في صراع مع إيران أو أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
وأكد المتحدث باسم "البنتاجون" من جهته، أن تركيز الولايات المتحدة ينصب في سوريا على مهمة هزيمة داعش وسيظل ذلك محور التركيز، مضيفًا أن "واشنطن" لا تخطط إلى تصعيد التوترات مع إيران، لافتًا إلى أن الضربات التي نفذتها الدولة ترسل رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة قادرة على الرد وستواجه التهديدات كافة.
وبحسب القيادة المركزية الأمريكية، فإن القوات المدعومة من إيران قد هاجمت القوات الأمريكية في الشرق الأوسط نحو 78 مرة منذ عام 2021، فيما ردت القوات الأمريكية 3 مرات فقط باستخدام القوى العسكرية.
وأوضحت "لينا الخطيب" مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز "كارنيجي" من جانبها، أن إيران لم تتخلَّ يومًا عن طموحاتها المتعلقة بإزاحة الولايات المتحدة عن موطئ قدمها في الشرق الأوسط، مضيفة أن الهجوم الأخير على القواعد الأمريكية يكشف توزيع إيران لقواتها في مناطق مختلفة لكي تتمكن من محاصرة القوات الأمريكية.
ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بنفوذ أكبر لدى بعض الدول ، كما لا تزال تلعب دورًا محوريًّا لتوحيد جهود دول الشرق الأوسط في مواجهة إيران، كما أن إدارة "بايدن" كانت قد روجت لفكرة أن الولايات المتحدة يمكنها مساعدة شركائها في الشرق الأوسط من خلال تأسيس تحالف أمني إقليمي لدول الشرق الأوسط على غرار حلف "الناتو"، وقد رحب المسؤولون الأمريكيون بالتحركات الصينية لتهدئة التوترات في الشرق الأوسط، ودعا وزير الخارجية الأمريكي "بلنكين" الصين للتعاون معها لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة.