الإعلامي السعودي محمد المحيا لـ«النهار»: إذا صدقت إيران في اتفاقها مع الرياض فسيتغير وجه المنطقة والمشهد الإعلامي العربي ليس على مايرام
_ البيروقراطية وتقليدية التفكير أخطر ما يواجه الإعلام العربي
_ نحن بحاجة إلى مشروع ضخم لإنقاذ الإعلام العربي
أكد الإعلامي السعودي محمد المحيا، أن المملكة العربية السعودية أوضحت موقفها من الاتفاق على استئناف العلاقات وإعادتها مع إيران، وفق ما تراه المملكة ونادت به منذ زمن بعيد، مشيراً إلى أنه إذا صدقت إيران في اتفاقها فسوف يغير ذلك المنطقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
جاء ذلك خلال حوار الإعلامي السعودي البارز محمد المحيا، مع *جريدة «النهار»*، والذي أجاب على العديد من الأسئلة المختلفة في حوار لا تنقصه الجرأة والصراحة.. وإلى نص الحوار:
في البداية.. ما تقييمك للمشهد الإعلامي في الوطن العربي؟
ليس على مايرام .. حالة الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية التي سيطرت على بعض الدول العربية كانت لها انعكاساتها الاجتماعية والنفسية والإعلامية،
لقد قضت تلك الأحداث على ماتبقى من الإعلام العربي ، ومهما كانت هناك وسائل تملك الحِرَفية إلا أنها لا تلك المهنية.
هناك دول تبذل جهداً لا بأس به لتفعيل الإعلام وإعادته إلى الواجهة ولكن تلك الجهود تحتاج إلى شراكة عربية واستراتيجيات وأهداف واضحة وليس لمجرد ندوات ومؤتمرات لا تصدر عنها قرارات.
جامعة الدول العربية عليها
مسؤلية كبيرة تجاه الإعلام العربي ، عليها أن تجتهد وتقدم شيئاً نذكرها فيها بالخير وتعقد مايلزم من اجتماعات وورش عمل إعلامية يشارك فيها المختصون في الإعلام وليسوا الدخلاء على مهنة الإعلام الذين يعتبرون وصمة عار في جبين الإعلام العربي وسبباً رئيسياً في مرضه.
** كيف ترى استئناف العلاقات السعودية الإيرانية؟
لقد أوضحت المملكة العربية السعودية موقفها من الاتفاق على استئناف العلاقات واعادتها مع ايران ، وفق ما تراه المملكة ونادت به منذ زمن ، وبدون شك أن ذلك الاتفاق إذا صدقت فيه إيران وكانت دولة تحترم الاتفاق فهو سيغير وجه المنطقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً ، وهو ما تسعى إليه الرياض من بناء وتعمير ونهضة تشمل الجميع ، والابتعاد عن شبح الحروب والقتل والتدمير.
** هل واكب الإعلام العربي تطورات الثورة التكنولوجية الراهنة؟
ليس كل الإعلام العربي.. القدرات المالية والتقنية والبشرية تختلف من دولة الى أخرى ، ومكافحة الفساد في المؤسسات الاعلامية ايضا يلعب دوراً في مواكبة الاعلام العربي للتطورات التكنولوجية من عدمه.
لابد أن نعترف أننا أكثر الدول في العالم التي بحاجة الى مواكبة كل جديد في الثورة التقنية الاعلامية ، فلدينا شعوب شابة لكي تقنعها بالمحتوى الذي تقدمه يجب أن تختار الوسائل التي تناسبها ، والإعلام الرقمي هو سيد الموقف حالياً ، ولكن للأسف هناك دول عربية لازالت تبذل الجهد في الإعلام التقليدي متخلفة عن الفكر والتفكير والركْب التقني الإعلامي.
** ما أخطر ما يواجه الإعلام العربي في هذه المرحلة من وجهة نظرك؟
البيروقراطية وتقليدية التفكير الذي تنتهجه بعض بل اغلب القيادات الاعلامية العربية.. الدخلاء على مهنة الاعلام والذين لا يفقهون من المهنة وأهميتها شيء .. والفساد الذي يطال بعض المؤسسات والمنظومات الإعلامية العربية .. وعدم قيام الجامعة العربية بدورها في الارتقاء بالإعلام العربي.. وغياب روح الوحدة والمصير المشترك عن التفكير والمنهجية الاعلامية وهذا الأخير اراه طبيعيا في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها أغلب الدول العربية.. وضعف التمويل المالي لكثير من المنظومات الاعلامية العربية ، وسياسات الإقصاء التي تنتهج تجاه المتخصصين من الإعلاميين العرب في بعض الدول.
** ما تداعيات الأزمة العالمية على صناعة الإعلام في الوطن العربي؟
أزمات العالم متعددة والعالم العربي جزء من تلك الأزمات ويتأثر بأغلب ازمات العالم.
وهذا أمر طبيعي فالعالم أصبح غرفة واحدة بسبب الثورة التقنية والتكتلات السياسية والاقتصادية ، وكل الانعكاسات السلبية والايجابية سيكون للإعلام العربي نصيب منها.
نتذكر الأزمة المالية العالمية في العام 2008 وكيف أجبرت بعض المؤسسات الإعلامية على الإغلاق أو تقليص نفقاتها وبالتالي تسريح الاعلاميين والاعلاميات العاملين فيها ، ولا ننسى أدلجة الكثير من المؤسسات الاعلامية العربية في ظل التحالفات السياسية بين كثير من الدول العربية وغيرها من الدول وهذا جعل تلك المؤسسات تفقد الكثير من مصداقيتها وتفقد أيضاً الكثير من مساحة الحرية أو جودة المحتوى الذي كانت تقدمه.
** كيف السبيل لتحقيق نهضة إعلامية كبرى في الوطن العربي؟
السبيل هو إقامة نظام إعلامي عربي مرن وملزم للجميع ، تتم دراسته والتخطيط له والعمل عليه من قبل مختصين ومختصات في الإعلام وتشرف عليه جامعة الدول العربية ويكون ملزماً للجميع ، والسبيل الآخر أن تنبذ كل الوسائل والمنصات الإعلامية والإعلاميين والإعلاميات الذين ينتهجون العنصرية والعرقية والطائفية ، وكل أولئك الذين يشقون الصف العربي.
نحن بحاجة إلى مشروع ضخم لإنقاذ الإعلام العربي ولن يأتي إلا إذا وجدت النوايا الصادقة.
** في الختام .. هل الوطن العربي بحاجة إلى مشروع إعلامي مشترك لتقديم إعلام هادف؟
لا أعتقد أن قيام الشراكة الإعلامية العربية مستحيل ، تؤسس هذه الشراكة لمشاريع ثنائية وجماعية بين الدول العربية ، كل ما نحتاجه هو التخطيط الجيد لتلك المشاريع وإيجاد أرضية مشتركة تخدم الجميع والنظر بعين المصلحة العامة العربية.
كل ذلك يحتاج إلى استقرار سياسي واقتصادي ، ولدينا في مجلس التعاون تجربة ناجحة جداً من خلال جهاز تلفزيون الخليج ، ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول المجلس التي انتجت برامج تلفزيونية خلدها التاريخ إلى اليوم ولازالت هذه المؤسسات الخليجية قائمة من أكثر من ثلاثة عقود إلى اليوم وتقوم بدورها بشكل جيد ، فاستنساخ التجربة الخليجية عربياً أعتقد أنه أمر جيد نظراً لنجاحها.