اتجاه الفيدرالي الامريكي لتثبيت الفائدة
بعد زلزال افلاس وادي السليكون هل هناك تبعات اقتصادية علي الاقتصاد العالمي ؟
يتعرض الاقتصاد العالمي لاختبار جديد عقب انهيار بنك وادي السليكون في أمريكا SVB الأمر الذي تسبب في حدوث تراجع كبير في أسهم الشركات التكنولوجية ، كما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن تدخل الحكومة لإنقاذ الموقف وضمان أموال المودعين، الأزمة لم تقف عند هذا الحد فقد أعلنت وكالة موديز وضع 6 بنوك أميركية أخرى قيد المراجعة لخفض تصنيفها، وهى "فيرست ريبابليك بنك، وزيونس بانكورب، وكوميركا إنك، وويسترن أليانز بانكورب، ويو إم بي فاينانشيال كورب، وإنترست فاينانشيال كورب".
وأثرت أزمة انهيار بنك "سيلكون فالي" علي الأسهم المالية العالمية، والتي واجهة ضربة قاتلة وخسرت 465 مليار دولار من قيمتها السوقية في يومين فقط، حيث قلل المستثمرون انكشافهم على قطاع البنوك من نيويورك إلى اليابان، واستمرات الخسائر ببداية تعاملات الثلاثاء، حيث انخفض مؤشر MSCI للأسهم المالية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 2.7% إلى أدنى مستوى منذ 29 نوفمبر، بحسب بلومبرج.
وكانت البنوك الإقليمية الأميركية من بين الأكثر تضررا حيث انخفض مؤشر KBW للبنوك الإقليمية بنسبة 7.7%، وهو أكبر انخفاض له منذ يونيو 2020، وتخشى الأسواق من أن الشركات المالية ربما تتأثر استثماراتها في السندات والأدوات المالية الأخرى نتيجة القلق الناجم عن انهيار بنك سيلكون فالي.
وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية أمس الاثنين وسط توقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي ربما يؤجل رفع أسعار الفائدة لتخفيف الاضطرابات التي يواجهها النظام المصرفي عقب انهيار 3 بنوك في غضون أيام، وهي سيلفرغيت وسيلكون فالي وسيغنتشروقالت موديز إنها صنفت الديون الثانوية لبنك "سيجنتشر" عند مستوى "C" وهي تعتبر أدنى درجة في التصنيفات غير الاستثمارية، وكان سهم "فيرست ريبابليك" ومقره سان فرانسيسكو، انخفض بنسبة قياسية بلغت 62%، أمس الإثنين، وتراجع سهم "ويسترن أليانس" ومقره فينيكس بنسبة غير مسبوقة بلغت 47%، كما هبطت أسهم "كوميركا" ومقره دالاس بنسبة 28%.
وأغلقت السلطات الأميركية بنك "سيغنتشر" ومقره نيويورك، وهو ما يعتبر ثالث أكبر فشل في تاريخ البنوك الأميركية، بعد يومين من إغلاق "سيلكون فالي بنك"، وتعهدت الإدارة الأميركية والاحتياطي الفيدرالي برد ودائع عملاء سيلكون فالي كاملة، وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن في كلمة أمس أن "الأزمة تحت السيطرة".
الذهب كان الأكثر استفادة من هذه الأحداث إذ تداول المعدن النفيس اليوم عند أعلى مستوياتها منذ 6 أسابيع تقريبا، وذلك بعد اختراقها المستوى 1900 دولار للأونصة خلال تداولات الأمس لتستقر فوق هذا المستوى اليوم بدعم من تراجع مستويات الدولار، إلى جانب أزمة انهيار بنك سيليكون فالى، التى كان لها مفعول السحر فى دعم أسعار الذهب، بحسب gold Bullion.
تتداول أسعار الذهب الفورية اليوم عند المستوى 1903.00 دولار للأونصة وقت كتابة التقرير منخفضة بنسبة 0.6% عن سعر افتتاح الجلسة، بينما قد ارتفعت أسعار الذهب يوم أمس لأعلى مستوى منذ الثالث من شهر فبراير عند 1914.51 دولار للأونصة.
استطاع الذهب أن يسجل مكاسب بمقدار 100 دولار منذ جلسة الجمعة الماضية، ليواجه الآن منطقة مقاومة سعرية هامة من 1912 إلى 1918 دولار للأونصة، والتي قد تحدد مصير تحركات الذهب على المدى القصير.
أما عن الدولار الأمريكي فقد شهد ارتفاع طفيف اليوم وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالية أمام سلة من 6 عملات رئيسية، وذلك بعد أن انخفض المؤشر يوم أمس بنسبة 0.7% وسجل أدنى مستوى منذ شهر عند 103.05 والذهب عاد إلى التألق مجدداً ليلعب دور الملاذ الآمن في الأسواق، وذلك بعد عاصفة انهيار بنك سيليكون فالي التي أثرت على الأسواق المالية العالمية بشكل عام ودفعت المستثمرين إلى التخلي عن المخاطرة والبحث عن استثمارات آمنة، إلى جانب تأثيرها على توقعات أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكى.
الرئيس الأمريكي طمأن المودعين
خرج صانعي القرار في الولايات المتحدة بعدد من الإجراءات لتهدئة الأسواق بعد أزمة إفلاس ثلاث بنوك أمريكية، وكان من ضمنها انشاء برنامج التمويل البنكي الآجل (BTFP) ليقدم قروض بأجل عام واحد للبنوك وجمعيات الادخار والاتحادات الائتمانية.
أيضاً وزارة الخزانة الأمريكية وافقت على توفير ما يصل إلى 25 مليار دولار من صندوق استقرار الصرف كدعم لبرنامج التمويل البنكي الآجل (BTFP)، بالإضافة إلى موافقة كل من رئيس الولايات المتحدة ووزيرة الخزانة على تمكين المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع (FDIC) إكمال قراراتها الخاصة بكل من بنك سيليكون فالي وبنك سيجناتشر (Signature Bank) الذي انهار هو الآخر بطريقة توفر الحماية الكاملة لجميع المودعين المؤمن عليهم وغير المؤمن عليهم.
الرئيس الأمريكي جو بايدن قال في خطابه يوم أمس إن الحكومة ستضمن الودائع المصرفية ولن يتحمل دافعوا الضرائب أية خسائر، كما سيعمل على مراجعة وتحسين القوانين المصرفية للتأكد من عدم تكرار أزمة 2008، مشيراً إلي أن الحماية ستقدم للمودعين فقط ولن تشمل المستثمرين والإدارة في البنوك المنهارة وذلك بسبب المخاطرة المفرطة والغير محسوبة التي لجأ إليها المستثمرين والإدارة في هذه البنوك.
تصريحات الرئيس الأمريكي لم توفر الاطمئنان الكافي للمستثمرين في الأسواق المالية وهو ما انعكس على أداء الأسهم الأمريكية يوم أمس، فقد سجل مؤشر S&P500 الأوسع نطاقاً أدنى مستوى منذ ما يقرب من 10 أسابيع، وسجل مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا أدنى مستوى منذ 7 أسابيع تقريباً.
أما عن السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات فقد سجلت انخفاض يوم أمس بنسبة 5.5% لتسجل أدنى مستوى للعائد منذ 5 أسابيع عند 3.418%، بينما انخفضت السندات لأجل عامين والتي تعد أكثر حساسية لأسعار الفائدة بنسبة 11% لتسجل أدنى مستوى منذ منتصف شهر سبتمبر 2022 عند 3.939%.
توضح هذه البيانات حجم التوتر في الأسواق المالية وهروب المستثمرين من أسواق الأسهم والسندات الحكومية وهو ما يصب في صالح أسواق الذهب التي عادت إلى الانتعاش بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى أداء سلبي متوقع للذهب خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق جولد بيليون.
توقعات بتغير سيناريو الفائدة من قبل الفيدرالي
الآن تغير السيناريو المتوقع لتحركات البنك الاحتياطي الفيدرالي بخصوص أسعار الفائدة، فالأسواق الآن تسعر ما يقرب من 35% أن يبقي البنك الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة دون تغير خلال اجتماعه الأسبوع القادم، والأغلبية تتوقع أن يقدم الفيدرالي على رفع الفائدة 25 نقطة أساس، بينما اختفت التوقعات بقيام الفيدرالي برفع 50 نقطة أساس.
احتمالات حدوث أزمة مصرفية موسعة حفز الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى تخفيف حدة موقفه المتشدد من أجل منع المزيد من الدمار الاقتصادي. وقد أثر ذلك بشدة على الدولار وعائدات الخزانة قصيرة الأجل والتي بدورها أفادت الذهب بشكل كبير.
يأتي هذا بعد أن أشارت أصابع الاتهام في هذه الأزمة إلى عمليات رفع الفائدة بشكل حاد من قبل الفيدرالي منذ العام الماضي فخلال عام واحد ارتفعت الفائدة من نطاق 0.25% - 0.50% إلى 4.50% - 4.75%.واليوم تنتظر الأسواق بيانات التضخم عن الولايات المتحدة الأمريكية عن شهر فبراير مع توقعات بتراجع طفيف في معدلات التضخم مع استمرار التضخم الأساسي في الثبات، وهو ما يزيد من صعوبة موقف الفيدرالي الأمريكي.
و يواجه السوق الأمريكي تضخم مرتفع يتطلب مزيد من رفع لأسعار الفائدة، وفي نفس الوقت يواجه أزمة مصرفية محتملة قد تجبره على تأخير قرارات رفع الفائدة، خاصة أن توقعات البنوك الاستثمارية الآن تشير أن الفيدرالي قد يلجأ إلى البدء في خفض الفائدة نهاية هذا العام.
طفرة في أداء أسهم شركات الذهب والتعدين
شهدت أسهم شركات الذهب والتعدين طفرة إيجابية في أدائها خلال جلسة الأمس في البورصة الأمريكية، وذلك بعد تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن بالإضافة إلى حالة تخلي المستثمرين عن المخاطرة لصالح الاستثمارات الآمنة، وفي هذه الحالة ستكون شركات الذهب استثمار مناسب.
سهم شركة نيومونت للذهب المصنفة الأولى عالمياً والتي وصل احتياطيها من الذهب في 31 ديسمبر 2022 إلى 96.1 مليون أونصة، شهد ارتفاع حاد يوم أمس بنسبة 7.02% ليسجل أعلى مستوى منذ 3 أسابيع، ويأتي هذا الأداء الإيجابي بعد سلسلة من الهبوط في سهم الشركة تزامناً مع تراجع أسعار الذهب وصل بالسهم إلى أدنى مستوياته منذ الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الماضي خلال تداولات الأسبوع الماضي.
أما عن سهم شركة باريك جولد المصنفة الثاني عالمياً فقد ارتفع خلال تداولات الأمس في البورصة الأمريكية بنسبة 6.98% مسجلاً أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع، لينتعش السهم من أدنى مستوياته منذ نوفمبر الماضي والتي سجلها الأسبوع الماضي.