عقوبات الصين وعقوبات أميركا.. أيهما أكثر ردعا؟
مع استغلال الصين نفوذها الاقتصادي العالمي في فرض عقوبات رسمية وغير رسمية على خصومها؛ ردا على أسلوب العقوبات الأميركي، يعقد خبراء مقارنة بين حجم تأثير عقوبات بكين وعقوبات واشنطن وتعتمد هذه المقارنة التي أوضحها متخصصان في هذا الملف على عدد الحلفاء لدى كل دولة، ومن يتحكم في النظام المصرفي العالمي.
عقوبات هنا رسمية وخفية غير معلنة ونلاحظ انه يتحدث تقرير نشرته شبكة "دويتشه فيله" الألمانية عن أن الصين تفرض خفية عقوبات أُحادية على دول حليفة لواشنطن، ظهر تأثيرها على اقتصاد تلك الدول.
تستهدف عقوبات الصين الدول التي تدعم واشنطن في التدخل في ملفات تعتبرها "شؤونا داخلية"، مثل ملفات تايوان وهونغ كونغ والتبت وشينجيانغ، والمناطق المتنازع عليها مع عدة دول مطلة على بحر الصين الجنوبي.
من أنواع العقوبات الصينية:
عقوبات رسمية، مثل رد بكين على الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عليها، ثم قيام مسؤولين أميركيين بزيارة تايوان رغم رفض الصين، بفرض عقوبات فورية على تايوان، كمنع واردات 2000 منتج غذائي من الجزيرة، ومنع صادرات الرمال الطبيعية لتايوان وفي حالات أخرى، تلجأ الصين لآليات غير رسمية، بفرض العقوبات مع إعلان أسباب أخرى، مثل عدم تجديد ترخيص التصدير أو رفض شحنة تصدير بحجة وضع العلامات أو قضايا الصحة.
تعتمد بكين كذلك وسيلة المقاطعة، مثلما أزالت منتجات عالمية عام 2020 من على أشهر متاجرها الإلكترونية.
أثر لتلك العقوبات أثر كبير أحيانا يجبر الدول على تغيير موقفها لصالح الصين.
فحين وافقت كوريا الجنوبية عام 2017 على نشر أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية "ثاد"، ردّت الصين بشكل غير رسمي برفضها استقبال منتجات شركات عالمية عاملة في كوريا؛ مثل "هيونداي" و"سامسونغ" و"لوتيه غروب"، بحجة أن منتجاتها رديئة؛ وهو ما نزل بالناتج المحلي الإجمالي لسيول 0.4% بحسب أرقام رسمية.
حينها أجبرت العقوبات سول على الالتزام بعدم نشر منظومة ثاد.
كذلك حين مارست أستراليا ضغوطا على الصين لإجراء تحقيقات بشأن منشأ فيروس كورونا، أوقفت بكين صادرات ومشاريع مهمة داخل أستراليا؛ فخففت سيدني لهجتها.
روسيا والصين.. تحالف الأخوة الأعداء ضد الهيمنة الأميركية
ويحدثنا الخبير في العلاقات الدولية جاسر مطر عن نقاط القوة التي تمتلكها الصين في ملف العقوبات:
خلال السنوات الخمس الأخيرة، أصبحت الصين قوة اقتصادية كبيرة، تملك علاقات مع دول كثيرة ما يجعلها ذات أهمية كبيرة لديهم.
المنتجات الصينية أصبحت جزءا أساسيا في السوق العالمية؛ خاصة أنها بديل رخيص مقارنة بالمنتجات التي تأتي من أوروبا والولايات المتحدة؛ وهو ما يمنحها سيطرة عالمية.
من الطبيعي بعد هذا أن تستغل بكين نفوذها لتحقيق مكاسب، وهي سياسة في الأصل تعتمدها واشنطن لإخضاع منافسيها.
غير أن مطر يستبعد أن تصل عقوبات الصين لقوة العقوبات الأميركية، وإن كان "سيكون لها تأثيرها، والجميع شاهد ما حدث في تايوان وكوريا عندما فرضت الصين بعض القيود".
مقارنا بين تأثير العقوبات الصينية والأميركية، يقلل الكاتب المختصص في الشؤون الصينية مازن حسن من تداعيات عقوبات بكين بقوله: "إن فرضها على دولة حليفة لأميركا بالتأكيد سيكون ضعيف التأثير"، ويرجع ذلك إلى:
واشنطن يكون معها أكثر من 100 دولة تنفذ العقوبات، أما الصين فتكون وحدها.
من أسباب ذلك أن أميركا تملك شبكة تسيطر بها على القطاع المصرفي العالمي، وهي دائما التي تخرج من خلالها العقوبات؛ وبالتالي يكون تأثيرها كاسحا.
أما الصين فعقوباتها عبارة عن منع منتجات أو وقف تبادل تجاري، وبالتأكيد أميركا تكون لديها الحلول للدول المفروض عليها عقوبات صينية.