«السيارات الكهربائية».. هل تحتاج مصر لحوافز جديدة لتوطين صناعتها بأقصى سرعة ممكنة؟
تمثل السيارات الكهربائية، أحد أهم التحولات التقنية في العصر الحالي، في ظل اتصالها بصناعة رئيسية تمثل أحد مقومات الدول الصناعية الكبر ، وأيضا لارتباطها بأهداف تتعلق بالاستدامة والتحول نحو الأخضر، ناهيك عن الدائرة التكنولوجية الكبرى التي ترتبط بهذه الصناعة ومقوماتها وماستحدثه من تحولات على مستوى التشغيل والتقنيات الحديثة والإيرادات المالية والتشغيلية، وتوطين العديد من الصناعات المرتبطة بها.
فالاتجاه العالمي يسير نحو إنتاج وطرح السيارات صديقة البيئة والتى تقدر بحوالى 10 ملايين وحدة بنهاية عام 2021، مع توقعات تشير بوصول عدد السيارات الكهربائية إلى 145 مليون مركبة بحلول 2023 .
وهي صناعة كما تشكل أولية عالمية للعديد من الدول، أصبحت في الوقت الحالي على رأس قائمة أوليات الدولة المصرية ، سواء على مستوى السياسات الداعمة أو تكثيف الجهود لتوطين الصناعة في مصر عبر استثمارات حكومية وخاصة، وتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع المصنعيين العالميين لجذب المعرفة الخاصة بها وأيضا لاستقطاب الاستثمارات العالمية في هذا المجال الواعد والتأسيس لبينتها التحتية المطلوبة.
ويبدو أن العام الجاري سيكون شاهدا على وقائع استثنائية خاصة بهذه الصناعة في ظل الرغبة الكبيرة لدي القيادة السياسية، حيث أنه اعتبارًا من نهاية 2023، ستنتج جنرال موتورز والمنصور للسيارات في مصر سيارة كاديلاك ليريك، وهي سيارة رياضية متعددة الاستخدامات تعمل بالكهرباء بالكامل، كما كشف التحالف عن تبني الشركة خطة لطرح 5 طرازات كهربائية من «كاديلاك» في مصر بحلول 2025 وأيضا تجري شركة النصر للسيارات، مناقشة بشأن شراكة مع العديد من مصنعي المعدات الأصلية الصينيين، كما قامت وزارة الإنتاج الحربي بالتعاون مع شركة صناعة وسائل النقل MCV لتصنيع الأتوبيس الكهربائي «سيتي باص»، كما تبحث العربية للتصنيع مع ممثلي «العليا للشراكة الصناعية» توطين تكنولوجيا تصنيع سيارة كهربائية عربية.
كل هذه التحركات أكدها موقع “جلوبال فييت” البلجيكي، بإن عام 2023 سيشهد تحول الشرق الأوسط نحو السيارات الكهربائية، وأن “التنقل الأخضر” سيكون على رأس قائمة أولويات حكومات الشرق الأوسط وعلى رأسها مصر والسعودية مشيرا إلى أن مصر تكثف جهودها لإطلاق صناعة السيارات الكهربائية المحلية على أرض الواقع.
وتابع التقرير، بين قمة المناخ في مصر في نوفمبر الماضي 2022 والنسخة القادمة من مؤتمر المناخ في الإمارات في نهاية العام الجاري، يعد هذا عامًا حاسمًا للتنقل الأخضر في الشرق الأوسط، وتركز القوى العظمى الإقليمية الثلاث جميعها على تصنيع المركبات الكهربائية، بغض النظر عمن سيتولى زمام المبادرة في نهاية المطاف، ويبدو أن عام 2023 هو العام الذي يتحول فيه الشرق الأوسط أخيرًا إلى السيارات الكهربائية.
وترتفع أعداد محطات الشحن بشكل متواصل داخل محطات الوقود والتجمعات السكنية والتجارية وتشمل استراتيجية الدولة إنشاء 3 آلاف محطة محطة شحن وكان قد أعلن مصدر مسؤول بوكيل علامة دونج فينج الصينية منذ أيام عن تعاقد الشركة على أعداد كبيرة من الشواحن السريعة DC ومتوقع وصولها وبدء تشغيلها خلال ثلاثة أشهر.
وتعمل الدولة حاليا على خطط لإنشاء شبكة شحن وطنية بالتعاون مع شركة الطاقة المتجددة “إنفينيتي” التي تعمل على التوسع بمعدل 100 محطة شحن سنوياً للوصول إلى إجمالي 1000 نقطة قبل نهاية 2024 وصولاً إلى 500 محطة بحلول 2025 ، لتغطية مختلف المحافظات، كما تم إنشاء مجلس أعلى لوضع السياسات الخاصة بتوطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر وتقديم حوافز مالية للمصنعين.
فكيف يبدو مستقبل صناعة السيارات الكهربائية في مصر حاليا؟ وهل تواجه هذه الصناعة تحديات تقنية ومالية ؟ وماهي أبرز الرهانات لضمان مقومات القوة لهذه الصناعة الواعدة، بل الواعدة جدا؟ .
نقطة انطلاق
يشكل الاجتماع الاول الذي عقده الدكتور مصطفى في فبراير الماضي للمجلس الأعلى لصناعة السيارات، نقطة إنطلاق قوية للصناعة حيث تم وضع وإقرار العديد من الضوابط بمشاركة العديد من الوزراء المعنيين والمسئولين وأيضا اللاعبين الرئيسين في هذه الصناعة والصناعات التكميلية الخاصة بها .
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن مصر تتمتع بعدة مقومات يمكن أن تنطلق منها هذه الصناعة كركيزة أساسية لها، من أهمها السوق المحلية الكبيرة، وكذا الاتفاقيات العديدة المبرمة في هذا المجال، والتي من شأنها أن تعطي فرصة واعدة للنفاذ إلى الأسواق العالمية والإقليمية، وعلى رأسها الأسواق الأفريقية.
وأشار إلى أن كل هدف الدولة من هذه الجهود الكبيرة هو تحقيق مستهدفات الدولة في توطين وتعميق صناعة السيارات، وخاصة توطين صناعة المركبات التي تعمل بالكهرباء، في ظل الاهتمام المتنامي بمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية التي يشهدها العالم حاليا.
وتطرق الاجتماع إلى الحوافز الرئيسية للإنتاج، والتي ترتبط بشكل أساسي بالقيمة المضافة المحلية وهي نقطة ارتكاز عمل البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات، كما ترتبط هذه القيمة من جهة ثانية بتوطين تكنولوجيا صناعة المكونات، كما تناول فرص الاستثمار في الخدمات الهندسية، والتي تعتمد على كل من مراكز البحوث والتطوير، ومراكز تطوير البرمجيات الصناعية، وكذا مُعامل الاختبار والاعتماد، الذي يشير إلى تغطية طلبات الصناعات الهندسية ومنها صناعة المركبات ومكوناتها.
محمود الصعيدي أمين لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أكد على أن الدولة مرنة جدا في التعامل مع ملف توطين صناعة السيارات الكهربائية، ومنفتحة للتعاون مع العديد من الشركاء المحليين والإقليمين ، وهو مانرصده بالتحركات الكبيرة لعدد من الوزراء والهيئات في هذا الملف وأيضا الدعم القوي من مجلس النواب عبر إقرار العديد من السياسات والتشريعات المباشرة وغير المباشرة التي تفيد هذه الصناعة وتدعم مساراها نحو المستقبل.
وأضاف أن الدولة تنظر لهذا الملف باعتباره مجال رئيسي وحيوي، لإنتاج سيارات كهربائية بجودة عالمية تصلح للمنافسة على المستوى الإقليمي والدولي وسط حمى التصنيع لهذه الأنواع من السيارات وسط الإقبال المتنامي عليها، مما يعزز ويساهم بشكل مباشر فى زيادة التصدير للخارج وتوفير عملة صعبة وأيضا توفير فرص عمل جديدة للعديد من الفئات المهنية المتخصصة في هذه المجالات.
وأكد الصعيدي، على أهمية اكتمال منظومة تصنيع السيارات الكهربائية في مصر لتستوعب المقومات المتواجدة وأيضا التحديات التي لايمكن إغفالها، وذلك عبر دعم المصنعين والمصدرين وتيسير كافة الإجراءات المتعلقة بأعمال هذه المنظومة مما يعمل على تحفيز معدلات الإنتاج والأنشطة التجارية المتعلقة وأيضا فتح المجال لاستقطاب كافة الصناعات التكميلية لهذه الصناعة وعلى رأسها البطاريات الكهربائية.
من جانبه قال مازن هارون، عضو مجلس إدارة شركة جلوبال تريد جروب، أن ثقافة العميل المصري تعد مقوم رئيسي لنجاح هذه الصناعة وتسارع معدلات نموها في مصر، فالطلب القوي سيمثل مفتاح رئيسي لتعزيزها وجذب الاستثمارات في هذا المجال ، وهو مايجب أن تعمل عليه الدولة حاليا من القيام بالتوعية المطلوبة والاتصال بأهداف العميل المتعلقة بالتكلفة الشراء والتشغيل .
وأشار إلى هذه السيارات هو ثقافة جديدة بالنسبة للناس لكنها بدأت تنتشر بشكل تدريجي. حتى بالنسبة لتعرفة المرور والترخيص كان أمراً صعباً في البداية، لكن السيارات الكهربائية اليوم باتت مثل باقي السيارات العادية من حيث تأمين الترخيص”.
ونوه مازن هارون، إلى ضرورة التوسع في محطات الشحن السريع لتعزيز الطلب حيث أنها عنصر بارز في المنظومة، كما تقتضي الحاجة إلى ضرورة التوزيع الجغرافي السليم لهذه المحطات،