النهار
الأحد 23 فبراير 2025 05:01 صـ 25 شعبان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

«الأمن السيبراني».. تحولات كبرى يقودها عصر الذكاء الاصطناعي في 2023 ومصر تسارع الخطى

الأمن السيبراني
الأمن السيبراني

ساهمت التوترات العالمية الأخيرة، والاضطرابات الاقتصادية التي ضربت أروقة العالم، في تغيير مخططات الدول لملف الأمن السيبراني، باعتباره عنصرا حاسما في مصير الدول، وليس محورا مهما ضمن أجندتها وفقط، مما دفع إلى مرحلة جديدة من التعزيزات والاستعانة بالتكنولوجيات المتطورة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، لصد أي هجمات محتملة والتحوط ضد المخاطر السيبرانية بكافة أنواعها، وأيضا إحداث تغيير في طبيعة بيئة الأعمال لكافة القطاعات الاقتصادية حيث تضاعف الطلب على تكنولوجيات التأمين الإلكتروني، وسط تنامي أعداد الشركات التي تقدم مثل هذه الخدمات لاعتبارات “الفرص التي يجب اقتناصها”.

الدولة المصرية تأتي في مقدمة هذه الدول، بزخم كبير من القطاع العام والخاص وسياسات نافذة من الحكومة لاتقبل بأنصاف الحلول ، خاصة مع التوسع المتنامي في عملية التحول الرقمي في العديد من المجالات المتعلقة بالقطاعات الحكومية والاقتصادية، إلى جانب مخططات تطوير وبناء أنظمة البنية التحتية الحيوية في كافة أنحاء الجمهورية والمتصلة بشبكات الاتصالات والإنترنت، وأيضا التوسع في تشييد مراكز البيانات المتصلة بالمجالات المالية والخدمية والتي تعد أكبر مصادر الدخل لسوق الأمن السيبراني وذلك في ظل مستهدفات الدولة للتحول لمركز إقليمي لمراكز البيانات.

وحظت الفترة الماضية بالكثير من التحركات في هذا الاتجاه سواء من جانب الدولة وعلى رأسها القيادة السياسية التي أرست الكثير من القواعد الرئيسية التي تشمل الرؤية الحيوية والتوجيهات النافذة والتكامل بين جهات الدولة في هذا الملف ، إلى جانب تعزيز العلاقات مع الدول الخارجية والتي كان أخرها توقيع عدد من مذكرات التعاون في مجالات الأمن السيبراني خلال زيارة الرئيس السيسي الأخيرة للهند، فضلا عن مشاركة مصر في مؤتمر ليبيا الدولى للأمن السيبرانى فى بنغازى.

كما تشهد الدولة تحركات أيضا من جانب القطاع الخاص ممثلا في الشركات المصرية المتخصصة في هذا المجال بالإضافة إلى دخول العديد من الشركات العالمية للسوق وتقديمها العديد من الخدمات المتطورة، إلى جانب تعزيز الحوارات المجتمعية عبر العديد من المؤتمرات والفعاليات وأخرها مؤتمر أمن المعلومات والأمن السيبراني «caisec’23» والذى من المقرر انطلاقه الأسبوع المقبل والذي يركز على توفير البيئة المناسبة أمام المؤسسات المشاركة للتوصل إلى النصائح والاستراتيجيات التأمينية الأنسب بالنسبة للقطاعات التي يعملون بها بداية من تجارة التجزئة حتى البنوك والتكنولوجيا والحوسبة السحابية ومراكز البيانات والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية وأمن الشبكات والعمليات والصناعة والمدن الذكية والتطبيقات الإلكترونية والبنية التحتية الحرجة والعاملين في مجالات تكامل البيانات والخصوصية وغيرها.

وتحتل مصر المركز الـ4 بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والـ23 عالميًّا في الأمن السيبراني، من بين 182 دولة، بدرجة 95.45 من 100، بينما تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية المؤشر بـ100 درجة، تليها بريطانيا في المركز الثاني، ثم المملكة العربية السعودية في المركز الثاني مكرر، وفقا مؤشر «الأمن السيبرانى GCI» الصادر عن الاتحاد الدولى للاتصالات «ITU» .

بينما بلغت التكلفة العالمية للجرائم السيبرانية على مستوى العالم بلغت نحو 8.4 تريليون دولار عام 2022، ومن المتوقع أن تتجاوز 11 تريليون دولار خلال العام الحالى.

التحولات التي يشهدها ملف الأمن السيبراني العالمي والمحلي، تحتاج لطرح مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالمستقبل، ومدى مانمتكله من مقومات لتشكيل استدامة وتعزيز الوعى المجتمعي والمؤسسي بالأمن السيبراني، والارتقاء بالبحث العلمي وتعزيز الابتكار الذي يقوده الذكاء الاصطناعي؟

المهندس شريف شلتوت المدير الاقليمى للشرق الاوسط وشمال افريقيا liquid C2 ، أكد على أن ملف الأمن السيبراني شهد اهتمامًا غير مسبوق خلال الفترة القليلة الماضية ، مع التوسع المتنامي في عملية التحول الرقمي بجميع القطاعات الحكومية والاقتصادية، وتحديث أنظمة البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء الجمهورية والمتعلقة بالاتصالات، إلى جانب زيادة الشبكات والإنترنت، وكذلك بناء مراكز المعلومات والبيانات، لافتا إلى إن هذا النجاح المستمر يصاحبة بالضرورة تعرضًا متزايدًا لمخاطر الهجمات الإلكترونية.

وأضاف أن مقومات العنصر البشري في هذا الملف أصبحت قوية بسبب عمليات التدريب والتأهيل التي تمت للعديد من هذه العناصر خلال الفترة الماضية على أحدث الأنظمة والتقنيات التي تمكن الدولة وأيضا كبرى المؤسسات من الحفاظ على البنية المعلوماتية ونطاق الخدمات ومراكز البيانات في نطاق مؤمّن ومرن ووفقا لمعايير التأمين التي نعتمد في الأساس فيها على تصميم هيكلي يدعم قدرات التأمين السيبراني وحوكمة المنظومة المتكاملة.

وأشار إلى أن العديد من القطاعات تركز بشكل رئيسي على ملف الأمن السيبراني كعنصرا بارزا في أجندة اعمالها اليومية والمستقبلية كالقطاع المصرفي والطاقة ، إلا أن هناك قطاعات أخرى تحتاج لمذيد من العمل خاصة قطاع التجزئة الذي شهد تنامي كبير في الاعتماد على التكنولوجيا خاصة في توقيت جائحة كورونا وماأعقبه من وعي مجتمعي بحلول الدفع الإلكتروني وماتقدمه من مميزات وتسهيلات.

وأكد على ضرورة التعاون المستمر بين الحكومة والقطاع الخاص والجهات المختلفة والشركات العالمية لدعم منظومة الأمن السيبراني في مصر وزيادة الاستثمارات المتعلقة بها خلال الفترة المقبلة خاصة في المجالات المتصلة بالذكاء الاصطناعي، منوها إلى أن حجم الاستثمارات في الأمن السيبراني على مستوى العالم يتخطى 180 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 280 مليار دولار بنهاية 2027، وهو مايتطلب معه حراك على مستوى الدولة المصرية لإجراء التحديث اللازم على استراتيجيتها للأمن السيبراني.