تحقيق| تقاليع التاتو.. حل سحري لتجميل حروق وعاهات الفتيات
قد يبدو موضوع الأوشام والإقبال عليها أكثر وضوحًا في المجتمعات الغربية، ولكن لا يمكننا الإنكار أنّ موضوع الوشم أصبح أكثر شعبية في بلادنا العربية هذه الأيام، صحيح أنّ وشم رمز أو صورة على أحد مناطق الجسم يبدو غير مألوفٍ، لكن تتخذ استخدامات الوشم مناحي أُخرى في منطقتنا العربية كما تعرفنا في هذا التقرير، ولكن أنت من سيحدد أيهما ستكون
تتسبب العمليات الجراحية في ترك أثر على جلد الإنسان قد يكون سببًا في الألم النفسي للمصاب رغم شفائه من المرض أو الجرح نفسه؛ وقد رغب بعض الفنانين أن يرسموا البهجة على وجوه المصابين، وأيضًا مصابي الحروق، من خلال مساعدتهم على التخلص من ندباتهم برسم التاتو على مكان الإصابة، وتحويله لقطعة فنية
تسلط "جريدة النهار المصرية" الضوء علي تلك الزوايا التي تعيشها الفتيات الذين يعانون من عاهات وحروق فيلجئون لحل سحري لتجمل تلك العيوب للتخلص من نظرات المجتمع إاليهم
الحل الأخير!
ومن خلال حديثنا مع الفنان (إيكو) وهو أحد الفنانين المشهورين لرسم الوشوم، يقول: إن المصاب الذي يلجأ لتغطية الجرح يكون ذلك آخر حل يمكن الذهاب إليه لعدة أسباب، منها: العادات ونظرة المجتمع للواشم، وأيضًا هناك من يلجأ للطبيب وأجهزة الليزر التي تكون تكلفتها عالية جدا على عكس الوشم والليزر التي ليست لها نتيجة مضمونة.
وأيضا الجروح تكون سببًا لتخفي بعض المصابين بسبب المجتمع والتنمر، ونحن لا نعرف ما الذي مرَّ به المصاب ليصل إلى مثل هذا الجرح، لذا يجب ألا ننظر إلى الظاهر فقط. والجروح تنقسم إلى عدة أنواع، منها الجروح السطحية الخفيفة والجروح العميقة؛ ولكن الأصعب من كل ذلك الجروح الناتجة عن العمليات الطبية، وذلك يرجع إلى مهارة الفنان في إخفاء الجرح؛ وليست كل الجروح يمكن العمل على إخفائها في وقتها، هناك جروح تأخذ وقتًا طويلًا لتتعافى، هناك ما تأخذ شهرًا، وهناك ما تأخذ سنة لبدء العمل عليها، ومن يحدد كل ذلك هو الطبيب؛ وأصعب الجروح التي يمكن العمل عليها هي التي بعد عمليات القلب المفتوح بسبب عمق وطول الجرح الذي قد يصل إلى ٣٠ سم أو ٦٠ غرزة، وإن لم يكن الفنان حريصًا على الجرح فيمكن أن يشوهه ولا يُجمله.
ويتابع الفنان (إيكو) قائلًا: ثاني أنواع المصابين هو الحروق وهي درجات من الأولى إلى الثالثة؛ ولا يمكن لأي فنان العمل على الحروق لأنها لا تختفي بسهولة، ويكون صعبًا العمل عليها بسبب تآكل طبقات الجلد في الحادث، فيجب على الفنان أن يكون حريصًا؛ وبعض الناس يتساءلون: هل يوجد ألم أم لا، ولكن الوجع يختلف لدى كل شخص، هناك من لديه فوبيا الألم، ويمكن التعامل معه عن طريق البنج، وللبنج نسب معينة لا يمكن لأي شخص أن يقدرها ويفضل أيضًا عدم استخدام البينج لأنه غير مؤلم خاصة بعد تطور الأجهزة المستخدمة؛ ومسألة الوقت ليست مشكلة لأنه يمكنك في ساعات أن تخفي جرحك وتحصل على مظهر رائع.
وهنا يتردد المصاب إلى من يذهب، وكيف يعرف خبرة الفنان ويتأكد من صحة الصور التي يقوم بنشرها، وهنا ما يحدد أولوياتك ليس السعر فقط، عليك أن تختار سعرًا مناسبًا مع خامات أيضًا مناسبة، والوشم ليس رسومًا فقط، بل له معنى وذكرى لدى كل شخص.
"التاتو" الطبي
ومن الناحية الطبية يقول د.حسام وليد محمود، استشاري الأمراض الجلدية بجامعة القاهرة، إن "التاتو" الطبي لا يحتوي على نفس أضرار التاتو العادي، لذلك يقوم بعض الناس بتطبيقه على البشرة لإخفاء بعض الآثار الناتجة عن طريق الخضوع لجراحة، أو الإصابة بمرض ما فيُساعد التاتو الطبي في إخفاء الآثار القبيحة التي توجد على البشرة؛ كما أنه يعمل على رجوع الجلد بمظهره الأصلي مرة أخرى
وأشار إلى أنه رغم أضرار التاتو إلا أنه من أكثر الأشياء التي يزداد عدد الأشخاص المقبلين عليها في الوقت الحالي بصورة دورية، وذلك من أجل نقش بعض الأشكال على الجلد، أو تثبيت شكل مُحدد للحواجب، كنوع من أنواع الموضة الحديثة، وقليل منهم من يلتفت إلى أضراره، أو يبحث عنها، وذلك هو السبب الرئيسي لحدوث بعضٍ منها على الجلد، أو المشاكل الصحية لصاحب التاتو
وهناك معايير اعتمد عليها الباحثون لضمان عدم تعرض الجلد للحروق مثل حجم التاتو وعدده، فلم يسمح بوجود تاتو يتجاوز حجمه 20 سم أو يغطي أكثر من 5% من الجسم
جائز شرعًا!
قال الشيخ كمال الدين حسين، وكيل أول معهد العبور الأزهري؛ أن الوشم الذي نصحك به الطبيب "جائز" لا بأس به بشرط عدم المبالغة بتزيينه وتجميله، بل تكتفي بما يحقق إزالة العيب فقط، والله أعلم. وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تعالى، مَا لِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النبيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"، رواه البخاري
ويوضح أن الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله تعالى قال: "يجب أن نعلم الفرق بين ما اتخذ للزينة والتجميل وما اتخذ لإزالة العيب، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن للصحابي الذي قطع أنفه أن يركب عليه أنفًا من ذهب لإزالة العيب الحاصل بقطع الأنف (ولعن الواشرة والمستوشرة) وهي التي تبرد أسنانها بالمبرد لتكون متفلجة أو نحو ذلك، لكن لو فرض أن في صف الأسنان اختلافًا بعضها بارز وبعضها داخل على وجه يشوه منظر الأسنان فلا بأس باتخاذ شيء يجعلها متراصة متساوية.. وبناء على هذا، فإذا كان الوشم للمداواة أو كان سترًا لعيب يؤذي الإنسان- كما في حالتك- فهو جائز وليس بمحرم.
ويتابع الشيخ كمال الدين إنه قد سُئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء هذا السؤال: أنا فتاة مبتلاة بمرض البهاق الذي شوه مناطق كثيرة من بدني، وقد كنت أستخدم بعض المكياج والكريمات لإخفاء المناطق الظاهرة، وذلك لعدم احتمالي لنظرات الناس إليّ لشدة حساسيتي من هذا الموضوع ولما يسببه ذلك لي من ضغوط نفسية هائلة انعكست على حياتي الاجتماعية فأصبحت كثيرة الانطواء حتى عن أهلي خاصة عندما كبرت وأصبحت في سن الزواج 22 سنة، والآن سمعت خبرًا أعاد لي شيئًا من الأمل وهو وجود مكياج يُخفي آثار البهاق من مناطق المواجهة الظاهرة ويبقى لفترات طويلة تصل إلى سنوات ثم يزول بعد ذلك وتعيد وضعه مرة أخرى؛ وسؤالي: هل هذا المكياج محرم ويعتبر مثل الوشم، خاصة أنه يقال لا بد من استعمال أجهزة خاصة لإدخاله في الجلد؟ وجزاكم الله خيرًا. فأجابوا: "هذه العملية داخلة في عمليات التجميل، والظاهر أن هذه العملية داخلة في التجميل المباح، لأنها ليست طلبًا لزيادة الجمال، وإنما هي لإعادة الأمر إلى أصل خلقته، وليست من الوشم، لأن الوشم ليس إزالة عيب، بل زيادة في التجميل، وكون العملية تجري بأجهزة غير مؤثر في الحُكم ما لم يكن في ذلك ضرر أو أمر محرم آخر. والله أعلم".
محرم بالمسيحية
وفي الدين المسيحي يقول القس موسى إبراهيم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة المرقسية: يذكر الكتاب المقدس في سفر اللاويين، وهو الكتاب الذي يختص بشرائع ووصايا أعطاها الله لشعب إسرائيل قبيل دخول أرض الموعد، فيقول: "وَلاَ تَجْرَحُوا أَجْسَادَكُمْ لِمَيْتٍ. وَكِتَابَةَ وَسْمٍ لاَ تَجْعَلُوا فِيكُمْ. أَنَا الرَّبُّ" (سفر اللاويين 19: 28)، فقد كانت ممارسات الشعوب المجاورة في إظهار الحزن على شخص عزيز قد مات، هي في تجريح الجسم؛ وكذلك كانت هناك عادة في عمل وشم أو وسم عليه اسم أو شكل الوثن الذي يؤمن به الشخص أو الشعب للتخصيص أو التبرك به؛ لذلك منع الله الشعب من عمل الوشم أو "التاتو" لكي يحفظ الشعب نفسه طاهرًا أمام الله ولا يختلط بالأمم المجاورة. أما الإنجيل فلا يذكر أي شيء بالتحديد عن الوشم على الجسم، ولكن هناك بعض المبادئ العامة في هذا الخصوص يجب أن نأخذها في الاعتبار.
ويتابع القس موسى: رغم أن الوشم هذه الأيام قد لا يختص بوثن أو صنم إلا أنه يعبر عن انتماء معين لمجموعة أو فكر خاص؛ أما الإنجيل فيعلمنا أن انتماءنا هو للمسيح؛ ويجب أن نعرف أن أجسادنا ليست ملك لنا نتصرف فيها كما نشاء، بل هي عطية استأمننا عليها الله بهدف إعلان مجده.