في مثل هذا اليوم..
مصر وسوريا.. وحدة بين قطرين عربيين لم يبق منها إلا العلم!
في 22 فبراير 1958 أقيمت أول وحدة عربية بين قطرين عربين هما مصر وسوريا متمثلة في الجمهورية العربية المتحدة، وكانت أول محاولة جدية إلا أنها لم تستمر طويلا.
انفضت هذه التجربة الوحدوية بانقلاب في سوريا في 28 سبتمبر 1961، لكنها بقيت التجربة الوحدوية الوحيدة في المنطقة العربية التي تجاوزت عتبة الإعلان وعاشت أقل من 4 سنوات، في حين بقيت تجارب وحدوية أخرى جرت في أوقات لاحقة مجرد إعلانات عابرة لم تعمر طويلا ولم تدخل حيز التنفيذ على الأرض.
وبذلك يمكن القول إن دولة الإمارات العربية المتحدة، هي التجربة الوحدوية المتكاملة الناجحة في المنطقة العربية في العصر الحديث.
وقع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والرئيس السوري في ذلك الوقت شكري القوتلي على ميثاق الجمهورية العربية المتحدة، في خطوة أريد بها أن تكون قاعدة لوحدة أشمل.
تبنت الدولة الوليدة علم الثورة المصرية عام 1952 والمكون أفقيا من الألوان الأحمر والأبيض والأسود، وأضيف إليه نجمتان تمثلان القطرين، فيما أقر العراق في عام 1963 نفس العلم بثلاثة نجوم، فيما قاعدة هذا العلم ثلاثي اللون ترتكز عليها في الوقت الحالي أعلام مصر والسودان واليمن، كما كانت ليبيا تعتمده في فترة خلال سبعينيات القرن الماضي.
كان لتلك الوحدة بين قطرين عربيين متباعدين جغرافيا ولا تربطهما حدود مشتركة، تأثير لاحق وإن كان رمزيا، فقد احتفظت مصر باسمها الرسمي الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1971، فيما أبقت سوريا على علم الألوان الثلاثة بنجمتين.
كانت مصر بقيادة عبد الناصر باعتبارها أكبر دولة عربية سكانا وجيشا في تلك الحقبة مركز ثقل للقوى الثورية العربية، فيما كانت سوريا كما وصفها الرئيس المصري الراحل تمثل "قلب العروبة النابض". وظهر ذلك في الاستقبال الجماهير الضخم الذي حظى به ناصر في دمشق في أول زيارة له بعد الوحدة.
يشار إلى أن تلك الوحدة بين مصر وسوريا لو استمرت إلى الآن لكانت "الجمهورية العربية المتحدة" في المرتبة 25 في قائمة أكبر دول العالم مساحة، بحجم يماثل جنوب إفريقيا وضعف مساحة فرنسا!
بدأت قصة الوحدة في عام 1957، وكانت سوريا تمر بوضع داخلي صعب بسبب تنامي نفوذ الحزب الشيوعي السوري.
لجأت مجموعة من القادة السياسيين والعسكريين في سوريا إلى عبد الناصر، وطالبوه بوحدة رأوا أنها يمكن أن تكون مخرجا لبلادهم من أزماتها في ذلك الوقت.
الآراء تجمع على أن عبد الناصر كان ضد مشروع وحدة متكاملة مع سوريا، وعوضا عن ذلك فضّل اتحادا فيدراليا، لكنه لم يمانع طويلا ووضع شروطا نهائية للاتحاد تتمثل في إقامة استفتاء، وحل الأحزاب، وانسحاب الجيش من السياسة.
واصل عبد الناصر نهجه السياسي الثوري وقام بتأمينات واسعة في قطاعات هامة مثل الزراعة والبنوك والصناعات الثقيلة في مصر وسوريا بداية من يوليو 1961، وفي أغسطس من نفس العام ألغى الحكومتين الإقليميتين وأسس حكومة مركزية واحدة، كما تولت قيادات مصرية إدارة الإقليم السوري.
في 28 سبتمبر 1961، قامت مجموعة من ضباط الجيش السوري بانقلاب وأعلنت خروج سوريا من الجمهورية العربية المتحدة، وأرجع ذلك إلى التهميش الذي مورس على البلاد، إلا أن قادة الانقلاب حاولوا التفاوض مع القاهرة على اتحاد بشروط جديدة، لكن عبد الناصر رفض التسوية، وعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه، وبقيت تلك الوحدة أقصى إنجاز لعبد الناصر في طريقه صوب هذا الحلم.