بمناسبة مرور عام علي اشتعال الحرب الروسية الاوكرانية الخبير الاستراتيجي والمفكر السياسي الدكتور مدحت الشريف يفتح قلبه ( للنهار )
لا بوادر لحل سياسي للأزمة الروسية الاوكرانية في الوقت الراهن
مصر مؤهلة بقوة لتعويض حالة العجز الشديد في الغازوالكهرباءالي اوربا
- معركة ( باخموت ) معركة مفصلية ومعنوية للروس لتطويق الاوكرانيين في دونيتيسك
- مدفيدف صرح مرارا وتكرارا ان استهداف القرم واراضي روسيا سيقابل بالنووي
- سقوط (خيرسون ) كشف الظهير الخلفي لشبه جزيرة القرم ووضعها في مرمي النيران الاوكرانية
- الدعم الروسي لصربيا في ازمتها مع كوسوفو معنوي اكثر منه عسكري
- تركيا مرشحة لدور كبير في تصدير الغاز الروسي الي الخارج
تعتبر القبائل او الشعوب السلافية هي صاحبة القول الفصل والكلمة العليا في النطاق الجغرافي الممتد بين قارتي اوربا واسيا فيما يعرف بشعوب الاورال وهي شعوب متحدة في العرق واللون وكذلك الديانة وهو ما وحد هذه المنطقة الجغرافية تحت لواء اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية ومنذ ذلك التاريخ المبكر في الثلث الاول من القرن العشرين نجد ان الاراضي الروسية والاوكرانية واراضي بيلاروسيا وملدوفيا ولاتفيا وليتوانيا واستونيا وجورجيا كلها عبارة عن شعب اوراسي واحد ويتحدثون نفس اللغة او لغات متقاربة جدا وهو ما فسر ان عاصمة اوكرانيا الحالية مدينة كييف كانت عاصمة لهذا الكيان في فترات سابقة ولكن عندما تتصارع المصالح وتتداخل الرغبات الغربية في التوسع والتمدد شرقا وهو ما تحدثت عنه روسيا مرارا وتكرارا هو ما تطلبه فقط الحفاظ علي امنها القومي فقط وعندما اعلن الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن عن انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي ودوله وجمهورياته ال 15 انفصلت اوكرانيا واعلنت استقلاها واخذت فيما اخذت داخل حدودها شبه جزيرة القرم واقليم الدونباس الذي يضم اغلبية ناطقة بالروسية وهم مواطنون روس
واستطاعت الولايات المتحدة وحلف النيتو في ضم دول شرق اوربا بالكامل حتي دول البلطيق الفناء الخلفي لروسيا وجاء الدور علي جورجيا واوكرانيا في عام 2014 وهو مااشعل الحرب هناك .
والحقيقة ان الجميع علي مستوي العالم اكتوي بنار الحرب الروسية الاوكرانية والعالم قبل بداية العملية الروسية في اوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير شباط ليس كما بعده ولتوضيح ومحاولة فهم ما يدور علي الارض وهل هناك افق سياسي للحل والاثار المباشرة للحرب علي مصرنا الحبيبة وغيرها من الاسئلة التقينا بالخبير الاستراتيجي والمفكر السياسي الدكتور مدحت الشريف استشاري الاقتصاد السياسي وسياسات الامن القومي والنائب البرلماني السابق وعضو اللجنة السياسية بالجمعية البرلمانية للأتحاد من اجل المتوسط والحاصل علي عشرات الانواط والتكريمات المحلية والدولية .
س : في البداية اسمحوا لنا ان نرحب بسيادتكم ضيفا عزيزا علي جريدتنا الغراء النهار المصرية ونسأل عن اخر تطورات الوضع في الحرب الروسية الاوكرانية ؟
ج : اشكركم علي الاستضافة الكريمة واود ان اشير الي ان الجبهة الروسية الاوكرانية في مناطق التماس في مناطق الدونباس عموما في خاركيف ودونيتسك ولو جانسك وصولا الي خيرسون ومنطقة زابورجيا كلها مناطق مشتعلة تبادل اطلاق النار بين الجانبين المتحاربين علي اشده من خلال دفع الروس لتعزيزات عسكرية حديثة لدعم قواتها والقوات الانفصالية المتحالفة معها وقوات فاجنر في المقابل الاوكرانيين يدفعون باحدث المعدات والتجهيزات الغربية التي تصلهم من حلف النيتو وخارج النيتو لدرجة ان وسائل الاعلام الامريكية باتت تتحدث عن تأثير المد العسكري من قبل الناتو لأوكرانيا اثر بشكل سلبي علي مخزوناتالاسلحة والذخائر علي الدول الغربيةخاصة وان تدريب الجنود الاوكران علي دبابات تشالنجر2 البريطانية قد بداء بالفعل مطلع فبراير الجاري وبدء وصول بوادر الدبابات ليوبارد الالمانية من بولندا وكندا والدنمارك واخيرا بداء الاوكران في طلب الطائرات المقاتلة والصواريخ بعيدة المدي
اضف الي ذلك الاستهدافات الروسية المتكررة لمنشأت البنية التحتية الاوكرانية بواسطة المسيرات الايرانية الصنع والصواريخ عالية الدقة والتي تطلقها من البحر الاسود او بحر ازوف والتي اعلن عن نتيجة القصف علي لسان الرئيس الاوكراني زيلنسكي ان اكثر من 40% من سكان اوكرانيا يعانون من انعدام الكهرباء والمياههذا فضلا عن سقوط عشرات القتلي من الجانبين علي كافة خطوط التماس بين الجانبين.
س : تتناقل وسائل الاعلام شرقا وغربا منذ عدة اشهر تقارير يومية عن مدينة ( باخموت ) العصية عن السقوط في يد روسيا منذ عدة اشهرما حقيقة الامر ؟
ج : خلال الاسابيع العشرة الاولي للعملية العسكرية الروسية في اوكرانيا حققت القوات الروسية تقدما كبيرا علي الارض وهو ما يفسر قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما بعد بمرسوم ضم الاقاليم الاربعة وهي ( دونيتسك – لوجانسيك – زابورجيا – خيرسون ) الي روسيا واعتبارها اقاليم روسية خالصة بعد تنظيم الاستفتاء بها وبعد ان اشتدت الهجمات الاوكرانية المدعومة من حلف الاطلسي والولايات المتحدة بشكل كبير اضطرت روسيا الي الانسحاب من خيرسون جنوبا الي الضفة اليمني من نهر الدنيبرو وهو ما جعل شبه جزيرة القرم في مرمي الصواريخ الاوكرانية وكشف الظهير والطريق اليها وباقي مدن الجنوب وقبلها شهد سقوط مدينة ليمان الاستراتيجية في يد اوكرانيا وعليه تقاتل القوات الروسية بأستماتة في الاجهاز علي الاوكرانيين في باخموت لحاجتها الماسة الي اي نصر معنوي لرفع معنويات الجنود علي خطوط التماس خاصة بعد نجاح القوات الروسية وقوات فاجنر في الاستيلاء علي سوليدار وفي باخموت التي تشهد مواجهات يومية وسقوط عشرات القتلي يوميا من الجانبين حيث تقاتل القوات الروسية بجانب الوحدات الشيشانية وقوات فاجنر امام القوات الاوكرانية التي تقاتل بأحدث الاسلحة والمعدات الحديثة من اكثر من 50 دولة من حلف الاطلسي واصدقاء اوكرانيا حول العالم وهو ما يفسر رمزية زيارة الرئيس زيلنسكي لمدينة باخموت شبه المدمرة لرفع معنويات مقاتليه هناك خشية سقوطها في يد الروس ومنها يحقق الروس غايتهم في الالتفاف خلف الوحدات الاوكرانية التي تقف حائط الصد عن ابتلاع روسيا لأقليم الدونباس وهي عاصمة الصناعة وقلب اوكرانيا الاقتصادي وهو ما يفسر شراسة المواجهات فالحرب هناك دوافعها الاقتصادية تأتي في المرتبة الاولي قبل باقي الدوافع الاخري وهو ما يفسر لماذا باخموت عصية حتي الان عن السقوط في يد روسيا وتدافع اوكرانيا بكل ثقلها عنها .
س : تحدث الرئيس الاوكراني عن هجوم روسي كاسح خلال الربيع القادم ومع ذكري مرور عام علي بدء الحرب ؟
ج : حديث الرئيس الاوكراني لا يعدو اكثر من تحفيز للعواصم الغربية في زيادة مد المعونات والمساعدات العسكرية والاقتصادية واللوجيستية لبلاده وتسريع وتيرتها خوفا من تولي الجمهوريين مقاليد الامور في الكونجرس وهو ما حدث ومعارضة مكارثي رئيس مجلس النواب للتوسع في دعم الحرب في اوكرانيا وخشيته من تعطل وبطء وصول الامدادات الي بلاده ومحاولة منه لزيادة وصول المزيد من المساعدات العسكرية لحسم الامور علي الجبهة وتحفيز الشعوب الغربية الصديقة لبلاده للضغط علي حكوماتها لمنح المزيد من العطايا لكييف وهو مارفع معها زيلنسكي لطلباته بعد الحصول علي الدبابات الغربية الحديثة وارتفع سقف الطموحات الاوكرانية الي الصواريخ بعيدة المدي والطائرات الهجومية المقاتلة وهناك معضلة كبيرة تتمثل في ان
الشتاء في هذه المناطق يعطل كثيرا العمليات هناك بسبب انخفاض درجات الحرارة وصعوبة تحرك الاليات والمعدات والجميع ينتظر الربيع لتكملة الحرب وانطلقت الحرب في نهاية فبراير في نهايات الشتاء وتعتبر الخطوة الروسية بالتعبئة الجزئية والتي ضمت حوالي 300 الف جندي الي الجيش الروسي وتحدث الرئيس بوتين عن وصول حوالي 50 الف منهم الي الجبهة ولأن الموضوع له تعقيدات كبيرة من خلال التدريبات والاستعدادات والتجهيزات اللوجيستية وغيرها التي تتطلبها ضم اعداد كبيرة الي الجبهة ودخولنا في عمق شهور الشتاء فالجانبان ينتظر انقشاع الشتاء وتحسن نسبي للأحوال الجوية وعليها فأن العمليات العسكرية ستشتد وتيرتها بعد شهراو اثنين من الان .
س : هل هناك نتائج علي الارض او نحو التسوية السلمية بعد زيارة زيلنسكي لواشنطن او بعد انعقاد قمة الاتحاد الاوربي مع اوكرانيا مطلع فبراير الجاري ؟
ج : قبيل زيارة الرئيس الاوكراني الي امريكا كانت المساعدات الامريكية تخطت ال20 مليار دولار وهناك وعود بعشرات المليارات الاخريووعد الرئيس الامريكي بتزويدها ببطاريات باترويت والتي حذر منها بوتين كثيرا واعتبرها هدفا مشروعا للقوات الروسية وللأسف لا حل سياسي يلوح في الافق حتي الان لأن الادارة الامريكية وحلف الاطلسي دائما ما يردد انهم لم يمارسوا اية ضغوط علي القيادة الاوكرانية لترضخ للسلام والمفاوضات وفي اعقاب القمة الاوكرانية مع الاتحاد الاوربي في كييف مطلع فبراير الجاري نلحظ ان الدعم الاوربي اشتد لدرجة ان الاتحاد الاوربي الان يحدد شروط التسوية وهي انسحاب القوات الروسية من كافة الاراضي الاوكرانية بما فيها القرم وهي شروط مستحيلة التحقيق خاصة ومع انهمار وصول الاسلحة الغربية الحديثة هدد نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي ميدفيدف انه في حال استهداف القرم والعمق الروسي فأن الرد النووي جاهزا للأطلاق .
س : هل من الممكن ان نحقق في مصر نجاحات جراء اضطرابات سوق الطاقة والغاز في اوربا ؟
ج : بالفعل مصر حققت مكاسب كبيرة في زيادة صادراتها من الغاز الي اوربا خاصة بعد انقطاع امدادات الغاز الروسية الي اوربا عن طريق نورد ستريم 1 و2 وخطوط السيل الشمالي وعن طريق اوكرانيا الذي انخفض الي اقل ن 9% حاليا وتستفيد مصر من محطات الغاز المسالة وبالفعل ستتضاعف الصادرات من الغاز بل ان الصادرات الاسرائيلية من الغاز الي اوربا اصبحت تمر عبر محطات الاسالة المصرية وهو ما يعزز المكاسب المصرية لتتحول مصر الي مركز حقيقي للغاز وكذلك لدينا فائض من الكهرباء جاهزا للربط مع اوربا والدول العربية الاخري ومصر تمتلك بنية اساسية في مجال الغاز والكهرباء وتستطيع ان تغطي 15 % من احتياجات اوربا من الغاز وهو ما يترجم الي ربح مليارات الدولارات من الزيادة في تصدير الغاز المصري عوضا عن انقطاع الغاز الروسي ومصر مؤهلة بقوة لتعويض العجز في الكهرباء والغاز لأوربا.
س : اعلنت روسيا منذ فترة قصيرة عن تحويل تركيا الي مركزا لصادرات الغاز هل تستطيع روسيا تنفيذه قريبا ؟
ج : بالفعل اعلن الرئيس الروسي اثناء لقائه بالرئيس التركي اردوغان في كازخستان عن نيته لتحويل تركيا الي مركز اقليميا لصادرات الغاز وهي خطوة في غاية الاهمية لتركيا لأن تركيا تستورد بما قيمته 12 مليار دولار غاز من ازربيجان وروسيا وهناك الوعد الروسي الذي يمثل اغراءا لتركيا بخصم 25 % من قيمة التعاملات والدفع الاجل وتأخير السداد وهو ما يعزز الموازنة العامة التركية ويخرج انقرة من ازمتها الاقتصادية الخانقةويأتي هذا كله مع التحركات الروسية المحمومة لتعويض المقاطعة الاوربية للغاز والنفط الروسي خاصة مع دخول سقف النفط والديزل لسقف ال 100 دولار للبرميل في سعر الديزل في الخامس من فبراير الجاري وتتجه الصادرات الي الصين والهند والمغرب والبرازيل وغيرها عوضا عن السوق الاوربية .
س : احتدمت بشدة ازمة كوسوفو مؤخرا وتحرك الجيش الصربي الي الحدود ماذا عن الدور الروسي في الازمة هل تقف الي جانب الحليف صربيا ولولا تدخل حلف النيتو لتفجر الوضع حدثنا عن الامر ؟
في ظل الانغماس الروسي في الحرب في اوكرانيا اعتقد انه من المستبعد ان تنزلق منطقة البلقان الي حدوث مواجهات مباشرة بسبب تأثر الدول الاوربية في المقام الاول من موضوع الحرب فهي في غني تماما عن فتح بؤرة جديدة للصراع خاصة ان الصراع في حال اشتعاله سيكون مدمرا لأن صربيا ومن ورائها روسيا ستقف في مواجهة مباشرة مع كوسوفو ومن ورائها الولايات المتحدة وحلف الاطلسي الذي يرابط علي الاراضي الكوسوفية حتي الانوروسيا ستدعم صربيا معنويا عن طريق الدبلوماسية في المقام الاول ولا تتحرك لفتح جبهة جديدة الان وهناك ضغوطا كبيرة من جانب المانيا التي ترتبط بعلاقات قوية جدا مع صربيا لتمارس ضغطا علي صربيا وعلي حليفتها القريبة جدا منها كوسوفو لمنع اشتعال حربا جديدة في قلب اوربا ستقضي علي الاخضر واليابس لو اشتعلت هناك وبالفعل يضغط الاتحاد الاوربي الذي يشجع صربيا علي استكمال مفاوضات الانضمام اليه علي صربيا للأعتراف بأستقلال كوسوفو المرشحة كذلك لعضويته طمعا منه في اقرار السلام في غربي البلقان .