واشنطن بوست: اليابان تتعامل بعقلانية مع الصين وروسيا رغم التهديدات الأمنية التي تتعرض لها
• اجتمع رئيس الوزراء الياباني والرئيس الأمريكي في البيت الأبيض؛ لمناقشة الاستراتيجية العسكرية اليابانية الجديدة، وتحول اليابان من حالة السلم إلى مواجهة التهديدات الأمنية، وسعيها لعقد المزيد من الشراكات العسكرية.
• المسؤول عن السياسة الإقليمية لمجلس الأمن القومي الأمريكي: التحول الذي حدث في سياسة اليابان العسكرية ينم على حجم التهديدات الأمنية في آسيا؛ إذ تحولت الدولة من الاعتماد على القوة الناعمة إلى زيادة التسليح، بالإضافة إلى أنها تخطط لتكوين تحالف في منطقة المحيطين الهندي والهادئ شبيه بحلف "الناتو".
• في إطار استراتيجية الضربة المضادة التي تبنتها اليابان بالتعاون مع الولايات المتحدة، سيتعين على "واشنطن" تزويد اليابان بعدد من صواريخ "توماهوك" يتراوح بين 400 إلى 500 صاروخ لضرب مواقع الصواريخ في الصين وكوريا الشمالية.
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا سلط الضوء على اجتماع رئيس الوزراء الياباني "فوميو كيشيدا" والرئيس الأمريكي "جو بايدن" في البيت الأبيض أمس الجمعة 13 يناير، لمناقشة الاستراتيجية العسكرية اليابانية الجديدة وتحول اليابان من حالة السلم إلى مواجهة التهديدات الأمنية وسعيها لعقد المزيد من الشراكات العسكرية مع عدة دول؛ لحماية الدول من تهديدات الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
وأورد التقرير تصريحات رئيس الوزراء الياباني "كيشيدا" والذي قال إن اليابان قررت مضاعفة الإنفاق العسكري، بعد موافقة البرلمان على إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي في نوفمبر الماضي، موضحًا أن ما دفع اليابان لاتباع سياسة الضربة المضادة التهديدات الصينية الروسية خلال العام الماضي، وكذلك إطلاق كوريا الشمالية لعديد من التجارب الصاروخية.
واستعرض التقرير تصريحات المسؤول عن السياسة الإقليمية لمجلس الأمن القومي الأمريكي "كورت كامبل" والذي قال إن التحول الذي حدث في سياسة اليابان العسكرية ينم على حجم التهديدات الأمنية في آسيا، إذ لم تهتم اليابان بأي مناورات خلال العقود الماضية، وكانت دائمًا ما تؤكد موقفها السلمي، لكنها في الوقت الحالي تتحول من الاعتماد على القوة الناعمة إلى زيادة التسليح وعقد شراكات عسكرية مع الولايات المتحدة لرسم الخريطة الأمنية في آسيا، بالإضافة إلى أنها تخطط لتكوين تحالف في منطقة المحيطين الهندي والهادئ شبيه بحلف "الناتو".
ويعتقد المسؤولون في الولايات المتحدة الأمريكية أن اليابان بدأت في اتخاذ تلك الإجراءات حينما أطلقت الصين وروسيا 6 قاذفات ثقيلة بالقرب من اليابان في مناورة مشتركة في 24 مايو 2022، في الوقت الذي كانت تستضيف فيه "طوكيو" اجتماعًا للشراكة الرباعية "كواد" مع أستراليا والهند والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا الوقت، أعربت اليابان عن مخاوفها بشأن ضرب الصين للرحلات الجوية، خاصة أن تلك المناورات قد تكررت في أواخر نوفمبر، حينما أرسلت الصين قاذفتين وطائرتين روسيتين فوق بحر اليابان.
وتجدر الإشارة إلى أن الصين قد أطلقت خمسة صواريخ على المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان خلال سلسلة من التدريبات العسكرية وذلك بالتزامن مع زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكية "نانسي بيلوسي" إلى تايوان في أغسطس الماضي، وفي هذا الإطار، صرح وزير الدفاع الياباني السابق "نوبو كيشي" بأن اليابان احتجت على تلك الأفعال من خلال القنوات الدبلوماسية، لكن الصين لم تتوقف.
ونوه التقرير إلى أنه من بين الأسباب الأخرى التي دفعت اليابان إلى تبني استراتيجية عسكرية جديدة اندلاع الصراع الروسي في أوكرانيا واستمراره إلى الآن، وإعلان روسيا والصين عن شراكة بلا حدود.
وفي هذا الصدد، أدرك "كيشيدا" أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يمثل إنذارًا لما يمكن أن تفعله الصين في آسيا، كما أنه تحدٍ للنظام العالمي، لذا فإن اليابان رأت أن الولايات المتحدة لن تتمكن من الصمود أمام تلك الصراعات وحدها، وأنه بات على اليابان أن تلعب دورًا حيويًّا بالتعاون مع الدول الأوروبية لمساعدة الولايات المتحدة ولمواجهة التهديدات الأمنية.
وأوضح التقرير أن اليابان لا تشعر بالتهديد من الصين فقط، وإنما من تحركات كوريا الشمالية، التي تجري بانتظام اختبارات صاروخية فوق الأراضي اليابانية، ورغم الاستثمارات اليابانية في التقنيات المضادة للصواريخ؛ للتخفيف من حدة التهديد، لكنَّ المسؤولين العسكريين في اليابان وجدوا أن ذلك غير كافٍ لمواجهة التجارب الصاروخية المتطورة في "بيونج يانج".
وتطرق التقرير إلى أنه في إطار استراتيجية الضربة المضادة التي تبنتها اليابان بالتعاون مع الولايات المتحدة، سيتعين على "واشنطن" تزويد اليابان بعدد من صواريخ "توماهوك" يتراوح بين 400 إلى 500 صاروخ لضرب مواقع الصواريخ في الصين وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة ستمد "طوكيو" ببرنامج تحديد المواقع الأمريكي لمساعدة اليابان على حماية أصولها الدفاعية الفضائية بما في ذلك القنابل الموجهة عبر الأقمار الصناعية، كما ستعمل المعاهد الأمنية الأمريكية على مساعدة اليابان في صد الهجمات في الفضاء أيضًا.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة "جيجي برس" أن 75% من المواطنين في اليابان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا يؤيدون زيادة الإنفاق العسكري، كما أن أكثر من 60% من هؤلاء الأشخاص يؤيدون أن تعزز اليابان قدرات الجيش وأن تعمل على زيادة عدد الجنود خاصة من الشباب.
ويتوقع العديد من الخبراء أن تؤدي استراتيجية اليابان العسكرية المتشددة تجاه الصين إلى رد فعل عنيف من "بكين"، خاصة أن هناك كراهية عميقة بين الطرفين تعود إلى احتلال اليابان للصين خلال فترة الثلاثينيات، وأوائل الأربعينيات من القرن الماضي، وفي هذا الإطار، يرى بعض المحللين أن الدور العقلاني الذي تلعبه اليابان سيساعد على تجنب الصراعات خاصة في ظل الأزمات التي تعاني منها دول العالم كافة.