الإيكونوميست: ماذا يعني إعادة فتح الاقتصاد الصيني لبكين وللعالم؟
نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريرًا يُلقي الضوء على قرار الصين بفتح حدود البلاد، والتخلي عن فترة الحجر الصحي لفيروس "كوفيد- 19" اعتبارًا من 8 يناير 2023، وذلك بعد ما تكون أمضت الصين 1016 يومًا على تطبيق سياسة "صفر كوفيد" لمنع انتشار الفيروس في البلاد، والتي تُعد تجربة اجتماعية واقتصادية لم يسبق لها مثيل.
في البداية مع انتشار الوباء، وُضع الملايين في الحجر الصحي، وتوقفت الحياة اليومية في المدن الكبرى لشهور متتالية، وأُجبرت طبقة كبيرة على التعايش مع الحياة دون السفر الدولي، ولكن كان لهذه الإجراءات تكلفة اقتصادية غير عادية، فمن المحتمل أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للصين قد نما بنسبة تقل عن 3% في عام 2022؛ أي أقل بكثير من الهدف الرسمي البالغ نحو 5.5%، وهو عجز بنحو نصف تريليون دولار.
أيضًا، عرقلت القيود المفروضة على الحركة سلاسل التوريد الأكثر تقدمًا في العالم، ففي نوفمبر 2022، انخفضت الأرباح التي حققتها الشركات الصناعية بنسبة 9% على أساس سنوي، وفي غضون ذلك، تراجعت التبادلات بين الصين والعالم الخارجي إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
ولكن مؤخرًا، وفي غضون أسابيع، انتقلت الصين من مرحلة القيود الأكثر صرامة في العالم إلى مرحلة عدم وجود أي قيود تقريبًا.
ومن المرجح أن ينتعش النشاط الاقتصادي بشكل كبير، وسيشعر العالم أجمع بزيادة الطلب على الطاقة والسلع، وتعد عملية إعادة الاتصال العظيمة بين الصين والعالم الخارجي إشارة إلى نهاية حقبة عصر الوباء العالمي.
ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك أيضًا، حيث تتوقع "جاكلين رونج" من بنك "بي إن بي باريبا"، أن استهلاك الأسرة سينمو بنحو 9% في عام 2023، وهو تحسن كبير عن معدل النمو في العام الماضي.
كما ستفيد إعادة الافتتاح قطاع العقارات الصيني، ففي نوفمبر الماضي، مع تخفيف القيود المفروضة على الفيروس، سهّل صناع السياسة وصول مطوري العقارات إلى التمويل، وسيساعد ذلك الشركات على تجنب التخلف عن السداد، وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الصيني، في ديسمبر، وعد صناع السياسة بدعم "الطلب الأساسي".
وهناك مجموعة واسعة من التوقعات لأداء قطاع العقارات، حيث يمكن أن ينمو النشاط بنسبة 3% هذا العام، وهو ما يكفي لإضافة 0.9 نقطة مئوية إلى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين، والسيناريو الأكثر تفاؤلًا هو التوسع بنسبة 5%، مضيفًا 1.5 نقطة إلى النمو.
في الواقع، تمتد الآثار الاقتصادية لإعادة الافتتاح إلى نطاق أبعد، فقد أثرت سياسة "صفر كوفيد" على طلب الصين للخدمات، والسلع العالمية في أثناء إغلاق "شنغهاي" في النصف الأول من العام الماضي.
وعلى سبيل المثال، انخفض الطلب على النفط في البلاد بمقدار مليوني برميل يوميًّا، وقد تزامن ذلك مع تأزم الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة، وانقطاع إمدادات الطاقة في جميع أنحاء أوروبا.
وسوف يؤدي انتعاش الصين إلى رفع النمو العالمي؛ لسببٍ بسيط، وهو أن الصين جزء كبير من الاقتصاد العالمي، ويعتقد بنك (HBSC) أنه بعد عام واحد من الآن، في الربع الأول من عام 2024، يمكن أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للصين أعلى بنسبة تصل إلى 10% مما سيكون عليه في الأشهر الثلاثة المضطربة من عام 2023، ووفقًا لحسابات الإيكونومست التقريبية، فإن تعافي الصين يمكن أن يمثل ثلثي النمو العالمي في تلك الفترة.
وأكثر قنوات التأثير المباشر للصين هي السلع؛ فهي تستهلك ما يقرب من خُمس نفط العالم، وأكثر من نصف النحاس، والنيكل، والزنك المكرر، وأكثر من ثلاثة أخماس خام الحديد، وفي الرابع من نوفمبر، تسببت مجرد شائعة عن إعادة الافتتاح في زيادة أسعار النحاس بنسبة 7% بنهاية اليوم.
وفيما يخص طلب الصين على المعادن، فقد ظل قويًّا خلال فترة تبني سياسة انعدام الفيروس، حيث شجعت الحكومة الإنفاق على السيارات الكهربائية، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية الخضراء، وكلها تتطلب الكثير من الألومنيوم، والنحاس، والمعادن الأخرى، لكن المشترين افتقروا إلى الثقة في التخزين، مما أدَّى إلى انخفاض مخزونات النحاس إلى أدنى مستوياتها في 15 عامًا، وعليه ستشجع إعادة الفتح على إعادة التخزين.