أويل برايس يكشف مساعي الاتحاد الأوربي لإصلاح سوق الطاقة وخفض فواتير الكهرباء
يسعى الاتحاد الأوروبي جاهدًا لفصل أسعار الغاز عن أسعار الطاقة في خطوة من جانبه لإصلاح سوق الطاقة في ظل أزمة الطاقة غير المسبوقة، وهذا ما تناوله تقرير مجلة (أويل برايس).
وفي هذا التقرير، لفتت المجلة إلى دعوة بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للقيام بإصلاحات في سوق الطاقة والتي من شأنها أن تعكس التكلفة المنخفضة لتوليد الطاقة المتجددة. وعلى سبيل المثال، دعت كلا من إسبانيا -أحد كبار منتجي الطاقة المتجددة- وفرنسا -أكبر منتج للطاقة النووية في أوروبا- إلى الفصل بين أسعار الغاز والطاقة المتجددة. فيما حذر قطاع الطاقة المتجددة، من أن التدخلات الطارئة في السوق قد تتعارض مع السياسات الهيكلية طويلة الأجل والتي تسهم في تحقيق الاتحاد الأوروبي لهدف الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050. كما حذر القطاع من فرض ضرائب جديدة أو اتخاذ إجراءات قد تؤثر على خطط الاستثمار طويلة الأجل في مصادر الطاقة منخفضة الكربون.
وأوضح التقرير أنه في الوقت الحالي، تعمل أسواق الكهرباء في الاتحاد الأوروبي وفقًا لنموذج التسعير الهامشي (Marginal Pricing)، حيث يتم تحديد السعر الإجمالي المدفوع للكهرباء في أسواق البيع بالجملة في مزادات اليوم التالي وفقًا لأعلى سعر لمصادر الطاقة.
بالنسبة لعام 2022، كان الغاز الطبيعي هو أعلى مصدر للطاقة في الاتحاد الأوروبي سعرًا، حيث ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية، واندفاع الاتحاد الأوروبي للبحث عن بدائل للغاز القادم من خطوط الأنابيب الروسية، وانقطاع معظم تدفقات الغاز من روسيا إلى العديد من دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا للوضع الحالي لسوق الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، يتميز التسعير الهامشي بأنه شفاف نسبيًا وقابل للتطبيق عبر أسواق الطاقة المحلية، علاوة على ذلك، يشجع هذا النوع من التسعير على إنتاج طاقة منخفضة التكلفة من مصادر متجددة ومنخفضة الكربون، والتي تحصل على مقابل إنتاجها من الكهرباء بمستويات أسعار تحددها أنواع الوقود الأحفوري الأكثر تكلفة.
وفي هذا الصدد، صرح البرلمان الأوروبي العام الماضي بأنه في ظل أزمة الطاقة الحالية، يعني التسعير الهامشي أن أسعار الكهرباء بالجملة يتم تحديدها إلى حد كبير من خلال سعر الغاز، على الرغم من أن الفحم هو المصدر الهامشي للوقود في بعض البلدان، وهو ما يعني أن المستهلكين يدفعون مقابلًا للكهرباء أكثر بكثير من تكلفة إنتاجها، خاصة في الدول الأعضاء التي تولد معظم الكهرباء بواسطة الطاقة النووية أو مصادر الطاقة المتجددة.
كما صرحت "كادري سيمسون" مفوضة الطاقة لصحيفة فاينانشيال تايمز بأن المفوضية الأوروبية تتعرض لضغط سياسي قوي للغاية لإصلاح السوق لخفض الفواتير المرتفعة للمستهلكين.
لذا تقوم المفوضية الأوروبية بالعديد من المقترحات والتي سيتم الكشف عنها بنهاية هذا الشتاء، أو خلال الربع الأول من العام الجاري. وأوضحت سيمسون أن هذه المقترحات ستستهدف زيادة الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة بما يعود بالفائدة على المستهلكين.
ونوه التقرير عن إمكانية قيام المفوضية الأوروبية بفرض ضرائب جديدة على شركات الطاقة المتجددة، ونقل عائدات الضريبة إلى المستهلكين في الاتحاد الأوروبي، وفقًا لما ورد في مسودة اقتراح اطلعت عليها صحيفة فاينانشيال تايمز.
فيما يرى المسؤولون في شركات الطاقة المتجددة أن مثل هذه المقترحات لإصلاح السوق خلال أزمة الطاقة الراهنة يمكن أن تقوض خطط الاستثمار طويلة الأجل لشركات الطاقة المتجددة لإنتاج المزيد من الطاقة النظيفة، في الوقت الذي يعد فيه تسريع وتيرة نشر مصادر الطاقة المتجددة أمرًا ضروريًا لوقف الاعتماد على الطاقة الروسية وتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمناخ.
حيث صرح "أولريك ستريدبيك"- رئيس الشؤون التنظيمية في شركة يورستيد (Ursted) العملاقة للطاقة المتجددة في الدنمارك، لصحيفة "فينانشيل تايمز" بأن الحديث عن إعادة هيكلة سوق الكهرباء للتخلص من أي تكلفة هامشية هو تفكير خاطئ في وقت حرج للغاية.
كما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة (IEA) في تقرير لها خلال الشهر الماضي أنه حتى مع النمو القوي الحالي في قطاع الطاقة المتجددة، فمن غير المرجح أن يحقق الاتحاد الأوروبي الأهداف الواردة في خطة REPowerEU الخاصة به في قطاعات الكهرباء والنقل والتدفئة.
وأشارت الوكالة إلى أنه على الرغم من التوقعات بزيادة استخدام الطاقة المتجددة في هذه القطاعات الثلاثة بحلول عام 2027، فإنه ستكون أقل من المستويات المستهدفة في إطار خطة REPowerEU.
وأوضحت الوكالة، أنه لكي تتمكن الحكومات من زيادة استخدام الطاقة المتجددة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي ستحتاج إلى تبسيط إجراءات الترخيص، وتسريع عمليات تطوير شبكة النقل والتوزيع.
كما تعتقد جمعية ويند يوروب (Wind Europe) أن مقترحات إصلاح سوق الكهرباء الأوروبية يجب أن تدعم الاستثمار في طاقة الرياح على نطاق واسع، وضمان أمن الطاقة، وضمان إدارة فعالة من حيث التكلفة لنظام طاقة منزوع الكربون بالكامل.