خبير اقتصادي ل ”النهار”: يجب تأسيس المناخ الجيد للقطاع الخاص لتشجيع الاستثمارات المحلية والصادرات
أكد الدكتور أحمد جمعة، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد المصري يعتمد بشكل رئيسي على قطاع الخدمات وعوائد قطاع النفط والإنتاج الزراعي والصناعات التحويلية، وعوائد السياحة ودخل قناة السويس، الأمر الذى يجعل الاقتصاد المصري متنوعاً، ومن المفترض أن يحمى هذا التنوع من التأثير السلبى للصدمات التي قد تصيب قطاعًا من هذه القطاعات، كما انه يتيح لمصر فرصة أكبر في المشاركة والاندماج في سلاسل الإنتاج والقيمة على المستوى العالمي، والحقيقة أن مناخ الاستثمار والتنمية في مصر يحتاج إلى الجدية والاستدامة، والقدرة على تقديم منتج منافس محليا ودوليا.
وأوضح أنه يجب على المجموعة الاقتصادية تدشين خريطة جديدة تكفل فرصا استثمارية حقيقية لرجال الأعمال والمستثمرين المصريين والعرب والأجانب، تمكنهم من خلق بيئة تنموية حقيقية قادرة على خفض معدلات البطالة، وخلق فرص عمل حقيقية، وللوقوف على ثمرات التنوع الاقتصادي ثمة حقيقة اقتصادية واضحة مفادها أن علم الاقتصاد كعلم اجتماعي أصبح غارقا في الأرقام والإحصاءات فعندما تخبرنا تلك الإحصاءات بأن معدل النمو الاقتصادي المحقق في إحدى الاقتصادات النامية قد وصل لمستوى مرتفع في فترة ما، فنحن نفهم من ذلك أن حجم الاستثمارات المنفذة قد زاد في هذا الاقتصاد في الفترات السابقة عليها، ونفهم كذلك أن القدرات الإنتاجية لهذا الاقتصاد آخذة في التوسع. ولكننا مع هذه النتائج لا نستطيع معرفة أثر هذا النمو على المجتمع من مجرد تحديدنا للمعدل الذي نما به الاقتصاد. فنحن بحاجة للعديد من الإحصاءات المكملة لإحصاء النمو الاقتصادي، كي نحسب آثاره الاقتصادية والاجتماعية.
أو بمفهوم اخر لثمرات النمو الاقتصادي نقصد بتلك الثمرات الوظائف المنتجة التي يخلقها النمو الاقتصادي، والاستقرار الذي يحدث في المستوى العام للأسعار نتيجة لهذا النمو والتحسن الذي يصيب الخدمات العامة والاجتماعية، كما نقصد بها أن يقطع الاقتصاد خطوات جديدة في طريق الاعتماد على الذات. فكل نمو اقتصادي يتمخض عنه زيادة الطلب على العمالة الوطنية الماهرة، ويزيد من متوسط الأجر الحقيقي لهذه العمالة، ويكسبها مهارات إنتاجية جديدة، ويكبح جماح الغلاء في الاقتصاد، ويقضى على المسببات الداخلية والخارجية لهذا الغلاء، ويحافظ على علاقة مستقرة بين الأجور والأسعار، ويحسن من مستوى الخدمات العامة والاجتماعية التي ينتجها الجهاز الحكومي، ويعين الاقتصاد على السير بخطى حثيثة في طريق الاعتماد على الذات، هي عين ما نقصده بثمار شجرة النمو. ولا شك لدينا في أن كل شجرة نمو اقتصادي تظهر على أغصانها تلك الثمرات، تندرج ضمن أشجار النمو المثمرة، ولتحقيق معدلات نمو اقتصادي جيدة تحقق عدالة اجتماعية في المجتمع فقد سبق وان اشارنا لذلك فعلينا السعي نحو تحقيق هدف ذات أهمية كبيرة وهو تشجيع الاستثمارات المحلية وتحفيزها " القطاع الزراعي والصناعي تحديدا " وفى سبيل ذلك، نثمن اقتراح انه يمكن للدولة أن تطور سياسات الاستثمار بما يجعل هذه السياسات شريكة للمؤسسات المالية الوسيطة في تعبئة المدخرات المحلية، وفى توجيه هذه المدخرات مباشرة للاستثمار الإنتاجي. كأن تنشئ الدولة مثلا جهازا مستقلا لتلقى اكتتابات صغار ومتوسطي المدخرين، ثم تستخدم هذه الاكتتابات في تأسيس مشروعات إنتاجية تُختار بعناية تنموية فائقة. وعند اضطلاع أجهزة الدولة بهذا الدور، ستكون كالحاضنة التي تأخذ، مؤقتا، بيد صغار المدخرين والمستثمرين، كي يستطيعوا السير بمفردهم على الطريق الصحيح للاستثمار التنموي.
وأشار أنه لتحقيق التوازن الاقتصادي الخارجي، يقع على الدولة عبء تشجيع الصادرات، مثلما يقع عليها عبء الوقوف أمام تغول أنشطة الاستيراد، وخصوصا الترفي منها.
وكخطوة لتشجيع الاستثمارات المحلية وتشجيع الصادرات فالحكومة عليها أن تقود تأسيس المناخ للقطاع الخاص وإذا فعلت ذلك سنجد أن القطاع الخاص يتبع استثمار أكثر وتشغيل أكثر ولن يقتصر ذلك على القطاع الخاص المصري فقط بل سيمتد إلى القطاع الخاص الخارجي، والذى سيضخ استثمارات، وهذا يدفعنا لتوضيح "الأسس العلمية لتدخل الدولة في الاقتصاد"، فتدخل الدولة في الاقتصاد لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه في ظل غيابها ستحصل الفوضى والأزمات الاقتصادية التي أثبتتها التجارب، وهذا ما لا يقبله منطق، وعليه لابد من وجود تدخل للدولة بشرط أن يكون هذا التدخل مبني على أسس علمية، حيث أن الأصل في العلاقة هو التكامل والمشاركة وليس التنافس، ويُكمن التحدي الحقيقي في إيجاد التوازن المعقول بين دور الدولة في مقابل آليات السوق وبين النشاط الحكومي وغير الحكومي وألا يكون هذا التدخل في صورة تأميم أو مصادرة أو القيام بكل الأدوار فهناك حدود لتدخل الدولة، فمن الممكن أن تتدخل الدولة في الاقتصاد إلى الحد الذي يفضي إلى غياب عامل "المنافسة". وبعبارة أخرى عندما تغيب المنافسة بفعل تدخل الدولة لابد أن تتوقف هذه الاخيرة عن التدخل حتى يتم ضمان استمرار سير النظام الاقتصادي إذ إن استمرار التدخل دون مراعاة المنافسة سيشوه آليه سير النظام الاقتصادي.
كما لابد أن تتدخل الدولة لمحاربة الاحتكار خاصة أن الاحتكار تعاظم خلال السنوات الأخيرة لبعض السلع ما أدي إلى انخفاض جودة هذه السلع وزيادة أسعارها بشكل غير مبرر، ولان هذا الاحتكار سيشوه آلية سير النظام الاقتصادي ايضاً ويفضي إلى ما يعرف بـ "اخفاق السوق" في حال لم تتدخل الدولة لإنهاءه. ويمكن القول إن حدود التدخل ينبغي ان تكون مقصورة على مناطق الاخفاق وليس الاقتصاد برمته لأنه في حال إطلاق حدود التدخل سيؤدي إلى تعميم الاخفاق في الاقتصاد، وعليه لابد أن تلتزم الدولة بحدود التدخل طبقاً للمطلوب وليس لما ترغب.
وتتدخل الدولة أيضا لإقامة المشروعات الضخمة ذات المخاطر العالية التي لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها. وضرورة أن تتدخل الدولة لحماية الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة.