خبير اقتصادي لـ”النهار”: قرض صندوق النقد الدولي أحد الحلول لمواجهة أزمة نقص الدولار
قال الدكتور رمزي الجرم، الخبير الإقتصادي، إن لا شك ان ادراج مناقشة القرض المتوقع حصول مصر عليه من صندوق النقد الدولي يوم 16 ديسمبر الجاري، ياتي في ظل ظرف استثنائي شديد يواجه الاقتصاد المصري، متعلق بشكل اساسي بنقص حاد وشديد في موارد النقد الأجنبي، على خلفية الأزمة الأوكرانية الروسية، وما خلفته من نزوح ارصدة ضخمة من النقد الأجنبي خارج البلاد، نتيجة إرتفاع الفائدة على اسعار الفائدة الأمريكية، تزامناً مع تبني الفيدرالي الأمريكي سلسلة من الرفع التدريجي لأسعار الفائدة.
وعلى الرغم من أهمية حصول مصر على الدفعة الأولى المقررة في هذا الشهر والبالغة نحو 750 مليون دولار من اجمالي قيمة القرض البالغ قيمته 3 مليار دولار، حيث يعتبر شهادة ثقة للاقتصاد المصري، والذي سوف يترتب على ذلك تدفق المزيد من الاستثمارات الاجنبيه المباشرة؛ إلا أن هناك سيناريوهات أخرى، تتواكب مع كافة الاحتمالات، سواء في حالة الحصول على القرض من عدمه.
وأوضح الجرم أن هناك وجود سعي من الدولة، مُتمثل في البنك المركزي، نحو طرح العديد من السياسات والإجراءات التي تَكفل زيادة موارد النقد الأجنبي، على خلفية النقص الحاد في أرصدة العملات الأجنبية، وبشكل خاص الدولار الأمريكي؛ إلا الأمر يتطلب بجانب الوسائل التقليدية؛ طائفة أخرى من الوسائل غير التقليدية التي تُناسب الحدث ، إنصياعاً للقاعدة الشرعية (الضرورة تُقدر بقدرها) وهذا لا يَعني تَرك الوسائل التقليدية؛ ولكن يجب التركيز عليها بشكل اساسي، ومن أهمها(وكما جاء في آخر اجتماع للمحافظ المركزي مع 37 من رؤساء البنوك العاملة في مصر) توجيه مُدراء البنوك على مراعاة المرونة الكافية في استقبال ايداعات وتحويلات العملاء والمتعاملين مع البنوك، وتذليل العقبات التي تحول دون ذلك، والتشديد على على منح أولية قصوى لتدبير موارد النقد الأجنبي لإستيراد مستلزمات الانتاج، والتوجيه بالزام المستثمرين السياحيين، بايداع ايراداتهم بالنقد الأجنبي في حساب شركاتهم بالبنوك المحلية بذات العملة، وطرح منتجات مصرفية ذات عائد مميز، يتواكب مع تطورات اسعار الفائدة العالمية بعد رفع اسعار الفائدة الأمريكية لتصل لأكثر من 4٪، من أجل الحيلولة دون هروب الأرصدة الدولارية الى خارج البلاد، فضلا عن جاذبية اسعار الفائدة المحلية امام المستثمرين الدوليين، بالاضافة الى التوجيه بدراسة ربط العملة المحلية بسلة عملات اجنبية.
وشدد الجرم على ضرورة تبني ابتكار وسائل أخرى، لتوفير حصيلة وافرة من العملات الأجنبية المختلفة، على غرار ماحدث بشان أحقية العاملين بالخارج من استيراد سيارة بدون ضرائب جمركية، مع وضع ما يعادل قيمة تلك الضريبة، وديعة باحد حسابات وزارة المالية في البنوك المصرية، ومن امثلة ذلك، تقديم خدمات مالية مجانية للعملاء والمتعاملين مع البنوك، عند قيامهم بالتنازل عن ارصدتهم بالعملات الإجنبية مقابل الجنية المصري من خلال البنوك، كفتح حسابات لهم بدون مصاريف، او إعفاء اي قروض ممنوحة لهم من العمولات والمصروفات المقررة وفقا لأسعار الخدمات المصرفية، او أعطائهم شهادة تفيد بقيامهم بذلك، من أجل سهولة حصولهم على عملات اجنبية من خلال البنوك مستقبلا. ولعل من أهم تلك الوسائل أيضاً، هو توجيه مُدراء البنوك المختلفة، بسلطة منح بعض العملاء او المتعاملين مع البنوك، اسعار تفضيلية اعلى من السعر المُعلن، وفق شروط معينة، مثل، حد معين من الأرصدة بالعملات الأجنبية المُتنازل عنها لصرفها بالجنيه المصري، او لتعدد عمليات التنازل مرات عديدة، كما يمكن فرض اسعار تزيد عن الأسعار المُعلنة، فيما يتعلق بقيام أصحاب الحوالات الواردة بالعملات الأجنبية، تشجيعاً لهم بعدم سحبهم لصرفهم في السوق السوداء. كما يمكن أيضاً تخصيص معاملة تفضيلية سعرية، فيما يتعلق بشراء الوحدات السكنية والشاليهات والأراضي المطروحة للبيع من جانب الدولة بالمدن الجديدة مثل : العلمين الجديدة، والجلالة والعاصمة الإدارية وغيرها، في حالة الشراء بالعملة الاجنبية، او تقرير حزمة من الاعفاءات الأخرى، كإعفاء او تخفيض الضريبة العقارية لمن ُيسدد بالعملة الأجنبية، او رسوم التسجيل ومصاريف التنازل.
وأضاف أنه يجب التفكير في حل المشكلة في الوقت الراهن بحلول خارج الصندوق، من خلال تقديم خدمات حكومية، على خلفية ما للدولة من سيادة وسلطان، في مقابل إستقطاب اي عملات اجنبية في تلك الفترة بشكل خاص، لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من ان السوق السوداء ظاهرة خطيرة تهدد استقرار سوق الصرف الأجنبي؛ الا انها قد تكون احد المصادر امام بعض المستوردين لتدبير العملة، لاستخدامها في دفع قيمة البضائع المكدسة في الموانئ المصرية، والتي من شأنها ان تساهم في حل جزء كبير من الأزمة، في ظل الضغط الشديد على الدولة بشأن النقد الأجنبي.