ما السر الذي يعتمد عليه الركراكي للعبور من فخ الديوك؟.. اعرف التفاصيل
يلتقي منتخب المغرب، بنظيره الفرنسي بطل العالم، في مباراة تاريخية لأسود الأطلس، بتواجد ممثل للعرب وإفريقيا لأول مرة بنصف نهائي كأس العالم، في مباراة تقام عند تمام التاسعة مساء الأربعاء المقبل، على أرضية ملعب "البيت" بقطر.
المنتخب المغربي الذي قدم بطولة رائعة، نجح في الوصول إلى هذا الدور دون تلقي أي خسارة، ولم تهتز شباكه سوى مرة واحدة فقط، وكانت بهدف عكسي، أي أن مهاجموا الفرق المتنافسة، تناوبوا على "الفشل" في ملامسة شباك الحارس الأفضل في البطولة، ياسين بونو.
أما المنتخب الفرنسي، حامل اللقب، وصل بعد تقديم أداء رائع حتى الآن، لكنه هُزم في مباراة واحدة كانت أمام المنتخب التونسي بهدف نظيف، وعلى عكس المغرب، لم تنجح فرنسا مطلقًا في الخروج بشباك نظيفة حتى الآن بمونديال قطر.
المغرب "فخر العرب وإفريقيا"
طريقة المدرب الهولندي ميشيل ميكلز التي طورها بعدما استخدمتها البرازيل في الفوز بمونديال 1962، ولعب بها مونديالي 1974، و1978، وتعتمد هذه الطريقة الانتشار بطول وعرض الملعب، وأساسها هو اللياقة البدنية العالية، وتمكن اللاعبين من اللعب في عدة مراكز بحسب سير اللقاء. (الكرة الشاملة)
"4-3-3 دفاعية".. هي طريقة الركراكي المفضلة، والتي يعتمد فيها على الكرات المرتدة، وليس الاستحواذ على اللعب، وهي فكرة خاصة بالركراكي وحده، ولذلك وقع أمامه المدربين، وشعروا بأنهم في مصيدة، فهي طريقة هجومية في الأساس، لكن ابن المغرب حولها لطريقة دفاعية، معتمدًا على 4 محاور رئيسية، ومنقسمة إلى 4 لاعبين في مراكز مختلفة تمامًا بالملعب.
1- سفيان أمرابط: لاعب الارتكاز الذي يظهر كواحد من أفضل اللاعبين بمونديال قطر، هو أساس طريقة الركراكي، والذي "يُحرم عليه" الظهور في الثلث الأخير من الملعب تمامًا.
الدور الأول: افتكاك الكرات.. الركراكي يعطي أمرابط حرية الحركة في المناطق الدفاعية، ويساند الدفاع على طريقة الليبرو المتقدم، ويغطي الملعب طولًا وعرضًا كما يقوم أيضًا بغلق العمق الدفاعي للأسود.
الدور الثاني: نقل الهجمات.. أمرابط لديه قدرات فنية جيدة جدًا في المرور وتقديم تمريرات مفتاحية لزملاءه، وربما أبرز عيوب سفيان كلاعب (البطء)، هي أبرز مميزاته مع المنتخب في نفس الوقت، حيث يقوم الركراكي باستغلال بطء أمرابط في عملية التحول، بأنه يقوم بإرجاع الأجنحة الهجومية إلى الثلث الأول من الملعب من أجل المساندة الدفاعية.
وهنا يُمكن الأجنحة من تحويل تمركزهم الدفاعي، إلى المناطق الهجومية، بعد افتكاك الكرة من جانب أمرابط قاطع الكرات الأول، وهنا يجد أمرابط العديد من الحلول بقرب زملاءه منه، كما يستفيد أيضًا من قلة سرعته، عندما يتحولون إلى المناطق الهجومية من الثلث الأول للأخير، وهنا يتمكن من عمل مسح كامل للملعب ثم تمرير الكرة لأفضل الحلول بعدها.
تحركات أوناحي
2- عزالدين أوناحي: ملك المركز رقم 8 بمونديال قطر، يقدم أقوى الحلول على الإطلاق بتمكنه من تقديم دور الـ Box to box، الذي يعتمد على التحول من الدفاع إلى الهجوم عن طريق انطلاقات فردية، يقدمها أوناحي ببراعة بين خطوط دفاعات المنتخبات التي يُحدث بصفوفها خلل كلي أحيانًا بهذه التحولات الرائعة التي يقدمها.الانطلاقات جزء من دور أوناحي، لكن الجزء الأكبر، هو قدراته الفنية في خلق مساحات لزملاءه على أطراف الملعب، فعلى عكس أمرابط البطيء نسبيًا، يمتلك أوناحي سرعة كبيرة وتحولاته تربك الدفاعات بشكل كبير، كما أن لديه مهارة في المرور من مواقف لاعب للاعب، وتقديم بينيات سحرية لزملاءه.
تحركات زياش
3- حكيم زياش: لاعب الجبهة اليسرى، هو ليس بجناح هجومي، أو حتى جناح خلفي أو يلعب كظهير، وإنما يكمن الدور الأساسي لزياش، هو إجادته العالية في الاحتفاظ بالكرة، وتقديمه لتمريرات مفتاحية يحول بها الملعب من الخلف للأمام، أو من الطرف للعمق، ويقتصر تواجده الهجومي على الطرف الأيمن فقط، ولا ينتقل إلى الطرف الآخر سوى عند لعب كرات ثابتة أو لعمل تغطية عكسية "نادرة" في المواقف الدفاعية.
قائد الجبهة اليمنى، يلعب دور "المنظم" لانطلاقات أشرف حكيمي، الذي يمتاز بسرعة الانطلاقات وقوته الهجومية المعروفة.. زياش يقدم مساندة دفاعية كبيرة لحكيمي، كما يقوم بتجميع اللعب وتحويل الكرات إليه أو إلى المهاجم يوسف النصيري الذي يلعب كمهاجم Target Man، وهو المهاجم الذي ينطلق خلف الدفاعات ويستلم التمريرات ويسدد في المرمى، ولا يساهم بنفسه في بناء اللعب
تحركات بوفال
4- سفيان بوفال: نفس الدور الذي يقدمه زياش، يقوم به بوفال، ولكن على الجبهة اليسرى، ولكن بحرية أكبر في التوغل للعمق، بسبب قدراته الكبيرة في المراوغة والتسديد.
بوفال لديه اختلاف وحيد في مركزه عن مركز زياش، فهو يقدم مساندة دفاعية أقل، وبالنظر إلى معدلات قطع الكرات والاعتراضات للمباراة الواحدة، ستجد أن اعتراضات بوفال تمثل نسبة 0.4%، على عكس زياش الذي تصل نسبته إلى 1.2%.
كما أن بوفال لا يقوم بفتح المساحة أمام الظهير الأيمن نصير مزراوي، بل يقوم بنفسه بعمل الانطلاقات، ليستفيد الركراكي من ذلك بشقين، الأول هو قدرات بوفال الهجومية الكبيرة التي تساعده في الوصول إلى شباك الخصوم، والثاني هو استغلال مزراوي الذي يتميز بشدة في قطع الكرات كمدافع ثالث أحيانًا، خاصة مع كثرة تردد حكيمي على المناطق الهجومية.
فرنسا "بطلة العالم"
طريقة ديشان المعتادة هي 4-2-3-1، والتي تعتبر الخطة الأكثر توازنًا، حيث يمكنك اللعب على الأطراف والعمق، وهنا سيتوجب على الخصم أن يضع أكثر من خطة لإيقافك هجوميًا، كما أنها تحتوي على قوة دفاعية بوجود لاعبي ارتكاز أمام خط الدفاع.
بالطبع ديشان يعلم أن الاعتماد على صانع ألعاب واحد ليس خيارًا جيدًا لتقديم عدة حلول، ولذلك، قرر أن يستغني عن أحد لاعبيّ الارتكاز، وفضّل الاعتماد بشكل أكبر، على 2 من صانعي اللعب.. وهنا نجح المدرب المتوج بآخر نسخة كأس عالم، في التغلب على غياب كانتي وبوجبا، لكنه غفل شيئًا هامًا للغاية، جعل منتخب فرنسا يتلقى هدفًا على الأقل في جميع المباريات التي لعبها، لكنه قرر التضحية بهذا الشق، لثقته الكبيرة في قدرات لاعبيه الهجومية، التي مكنته من الوصول إلى هذا الدور، بتلقي خسارة وحيدة فقط لم تكن لتغير شيء في الصعود إلى الدور التالي، أمام نسور قرطاج، الذين نجحوا في اصطياد ديوك فرنسا بالجولة الأخيرة من دور المجموعات.
ديشان، "على الورق" يعتمد على رابيو وتشاوميني، وأمامهم جريزمان، لكن داخل الملعب، فيعتمد على جريزمان ورابيو، أمام تشاوميني وحيدًا، وهنا يأتي الخلل الدفاعي لفرنسا، وأيضًا هو نفس سبب القوة الهجومية المفرطة لرفاق مبابي.
محور أداء فرنسا، هو جريزمان، لاعب الوسط الحر، على الرغم من تشابه دوره بدور رابيو، إلا أن لجريزمان حرية أكبر في الحركة خلف خط الهجوم وعلى أطراف الملعب، لكن المحور هنا ليس الشيء الوحيد الهام لدى الديوك، فيوجد أيضًا المهاجم جيرو، الذي يعتبر رأس المثلث، وأحيانًا يكون قاعدته أيضًا، فهو يقدم الحلول دائمًا لما نسميهم "القادمون من الخلف"، إضافة إلى كونه كالأفعى في المنطقة الهجومية، لإجادته الكبيرة في التعامل مع الكرات العرضية، والتمرير البيني أيضًا لمبابي وديمبلي، أصحاب السرعات الجبارة على الأطراف.
كيف يمكن للمغرب أن يعبر للنهائي؟
بكل تأكيد، قام الجهاز الفني لفرنسا، بتحليل طريقة لعب المغرب، واكتشاف سر المصيدة التي ينفذها الأسود في كل مباراة، لتحطيم المنافسين قبل الوصول بحرية للجدار ياسين بونو، ومن هنا سيتعين على الركراكي تقديم فكرة واحدة جديدة، قد لا تغير الكثير بالنسبة لتكتيك المدرب المغربي، لكنها بشكل شبه مؤكد، ستجعل ديشان يقف حائرًا أمام المصيدة الجديدة للمغاربة.
تغيير الطريقة لن يكون مناسبًا، لكن تغيير جزء بسيط، كدور سليم أملاح، لاعب المغرب القوي بمنطقة نصف الملعب، لعب 4 من أصل 5 مباريات كأساسي حتى الآن في المونديال، وكانت المباراة الوحيدة التي جلس خلالها على مقاعد البدلاء، هي مباراة كندا بالجولة الأخيرة من دور المجموعات، وشارك حينها على حسابه عبدالحميد صابيري.
صابيري الذي قدم تمريرة حاسمة من كرة ثابتة أمام منتخب بلجيكا، وكان سببًا في الفوز بهدفين دون رد، يجيد بشدة اللعب خلف خطوط الدفاع، أي أن لديه قدرات هجومية كبيرة، ربما تكون أفضل من التي يمتلكها أملاح، الذي يفقد قدراته بشكل كبير، عندما يقدم المساندة دفاعية بشكل أكبر، ومن هذه النقطة، قد يضيف صابيري قوة هجومية أفضل، قد يحتاجها المغرب للوصول بعدد أكبر من الكرات إلى المناطق الدفاعية لفرنسا، والتي تعاني بشدة خلال هذه البطولة.
الركراكي قام بتجربة هذه الطريقة قبل البطولة، كانت أمام تشيلي في سبتمتر الماضي، ستعدادًا لمونديال قطر، وحينها، نجح صابيري بعد نزوله بديلًا لأملاح، في الدقيقة 78، أن يسجل الهدف الثاني للمغرب في المباراة التي انتهت بهدفين دون رد لصالح أسود أطلس.
وربما يستخدم الركراكي أيضًا، يحيى جبران لاعب الوداد المغربي، الذي يجيد التسديد بعيد المدى، ولديه قدرات هجومية أيضًا كبيرة، كما يمكنه تقديم بعض الحلول التي يفتقدها أملاح، فالأخير بالطبع يجيد تسجيل الأهداف، لكنه بطريقة الركراكي الدفاعية، يفقد مخزونه البدني، ولا يقدم المردود الهجومي المعروف عنه عندما يتقدم للأمام.
حجب المساحات أمام مثلث بناء اللعب بمنتخب فرنسا
أما عن النواحي الدفاعية، فيجب على الركراكي عدم التركيز فقط على كيفية إيقاف مبابي، صاحب الانطلاقات القوية خلف الدفاعات، لأن هذا لن يكون موجودًا من الأساس بسبب طريقته الدفاعية المحكمة، والتي ستجبر مبابي على الاعتماد بشكل أكبر على مهارته في التوغل للعمق والتسديد، وهنا أيضًا سيجد عدد كبير من السيقان التي تغلق مساحات التسديد أمامه.
ولهذا يجب التركيز بشكل أكبر على جريزمان ورابيو، اللذان يقدما الحلول من الخلف، ويمدان الهجوم بتمريرات مفتاحية طولية وعرضية، ولهذا يجب أن تغلق أمامهم مساحات التمرير والاختراق، عن طريق تكليف لاعبو الوسط بمراقبتهم مراقبة لصيقة، وعدم اعطاء هذا الثنائي أي حرية حركة بمنطقة وسط الملعب، أو حتى على الأطراف.
شق آخر يجب على الركراكي وضعه في الاعتبار، وهو عدم انتظار لعب العرضية لجيرو، بل وعدم ترك المساحة أمام جيرو للعودة للخلف، وعليه عزله تمامًا عن أقرب اللاعبين بجانبه، حتى لا يقوم بأداء دوره المفتاحي في بناء اللعب هو الآخر.
وفي النهاية، يجب أن نذكر أننا لا يمكننا تقديم نصائح للمدرب العربي والإفريقي الوحيد الذي وصل إلى هذا الدور بمونديال كرة القدم، ولكنها مجرد اقتراحات، لدى الركراكي منها الآلاف حاليًا.. لننتظر ونرى ما سيقدمه لنا قائد الطفرة المغربية.