جلوبال تايمز: القمة الصينية العربية المرتقبة سترتقي بالتعاون لمستوى جديد
علقت صحيفة جلوبال تايمز الصينية، على القمة الأولى من نوعها المرتقب عقدها بين الصين والدول العربية في السعودية بعد غد الجمعة، واصفة إياها بانها علامة بارزة في تاريخ العلاقات الصينية-العربية وسترتقي بالتعاون بين الجانبين إلى مستوى جديد تماما.
وذكرت الصحيفة، في مقال افتتاحي عبر موقعها الاليكتروني اليوم الأربعاء، أنه بالنسبة للمنطقة العربية - وهي منطقة ذات مستويات متفاوتة للغاية من التنمية الاقتصادية والصراعات الداخلية المعقدة بين الدول- فمن النادر أن يتم بلورة موقف ودي بالإجماع تجاه الصين وتوقعات قوية للتعاون واستدامته لفترة طويلة. إذ تتوافق النقطة المحورية في ذلك مع أبرز المشاكل التي يواجهها السلام والتنمية في العالم اليوم وتستحق دراسة متعمقة من جانب المجتمع الدولي.
وقالت الصحيفة إنه من الواضح أن العلاقات بين الصين والدول العربية قد أوجدت بالفعل نماذج في العديد من الجوانب. فلطالما كان السلام والتعاون والانفتاح والشمولية والتعلم من بعضنا البعض والفوائد المتبادلة إضافة إلى تحقيق النتائج المربحة للجميع، هي الموضوع الرئيسي للتبادلات بين الصين والدول العربية. وفي ظل ما يمر به العالم اليوم من تغيرات كبيرة لم يشهدها منذ قرن من الزمان، تواجه الصين والدول العربية فرصا وتحديات تاريخية مماثلة، وهو ما انبثقت عنه القمة الصينية العربية.
وأضافت الصحيفة أن 18 عاما مرت منذ انعقاد منتدى التعاون الصيني العربي لأول مرة في عام 2004. وتشكلت القمة الصينية العربية على أساس منتدى التعاون الصيني العربي. لكن هذا ليس مجرد ترقية للأوضاع، إنه نتيجة للتعاون الصيني-العربي في مختلف المجالات بعدما وصل إلى اتساع وعمق محددين. إن عقد القمة الصينية العربية هو أيضا عملية تشكيل جهد منسق بموجب اتفاق متبادل بين الجانبين.
وأشارت جلوبال تايمز إلى أن الدول العربية -التي تقع على مفترق طرق آسيا وأفريقيا- امتلأت بمجموعة من قضايا البؤر الساخنة الإقليمية منذ الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من أنها غنية بالطاقة، إلا أن هذه الدول لم تتخلص أبدا من ورطة الصراعات الجيوسياسية. وأصبح تجنب الاضطرابات السياسية وتحقيق نمو اقتصادي مستقر رغبة مشتركة للعديد من الدول العربية. ومن ثم فهي مهتمة بشدة بتجربة الصين، التي ترغب بكين في مشاركتها مع شركائها العرب دون تحفظ. فعلى عكس بعض القوى -التي دخلت الشرق الأوسط بوضعية المتفوق وركزت على القضايا الجيوسياسية والأمنية- تشاطر الصين، الدول العربية المصاعب التي تواجهها في النضال من أجل التحرر الوطني. لقد دعم الجانبان بعضهما البعض منذ فترة طويلة في الساحة السياسية الدولية وواصلا التعاون متبادل المنفعوة للجانبين في موجة العولمة الاقتصادية .
ووصفت الصحيفة آفاق التعاون بين الصين والدول العربية، بالهائلة. إذ يبذل الجانبان جهودا مشتركة للاستفادة من هذه الإمكانات بأقصى حد، وفي الوقت ذاته لتحويلها إلى طاقة إيجابية من شانها أن تعزز السلام والتنمية في الدول العربية وتحل بشكل أساسي قضايا اليؤر الساخنة الإقليمية.
ونوهت الصحيفة بأن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للدول العربية. ففي عام 2021، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الدول العربية والصين أكثر من 300 مليار دولار ، بزيادة قدرها أكثر من الثلث عن العام السابق. مما يحافظ على زخم النمو السريع. بالإضافة إلى ذلك ، وقعت 20 دولة عربية على وثائق تعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين. كذلك اتسع نطاق التعاون الصيني العربي من مجال الطاقة إلى الزراعة والاقتصاد الرقمي والاستخدام السلمي للطاقة النووية ونعتقد أن عقد القمة الصينية العربية سترفع التعاون إلى مستوى جديد.
وأكدت الصحيفة أن القوة الدافعة الداخلية القوية للتعاون الصيني-العربي تتجاوز آفاق أبعد من التعاون الاقتصادي والتجاري. فباعتبارهما حضارتين قديمتين، خلقت كل من الصين والدول العربية قصصا من الانسجام في التنوع والاحترام المتبادل والتعلم. وعلى خلفية عودة ظهور نظريات مثل "تفوق الحضارة" و "صراع الحضارات"، بات تشابه التفكير بين الصين والدول العربية أكثر بروزا.
واختتمت الصحيفة الصحيفة افتتاحيتها قائلة إن الصين والدول العربية تدعوان إلى احترام السيادة والاستقلال ووحدة الأراضي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض. وكلاهما يعارض التدخل الخارجي وجميع أشكال الهيمنة وسياسة القوة. فيما تعد الثقة المتبادلة وتكامل المصالح التي تم صقلها خلال سنوات من التهدئة، أثمن مورد في علاقات الجانبين. ومن ثم فإذا قلنا إن التعاون الصيني-العربي في المجال الاقتصادي والتجاري مثمر، فإن الصدى القوي بين الجانبين من حيث القيم كان هو التربة السميكة والخصبة لهذه الثمار.