السودان على طريق تشكيل حكومة جديدة برئاسة حمدوك
بعد قرابة عام على خروجه من المشهد السياسي في السودان ووسط الانسداد الحالي، باتت الأرضية ممهدة لعودة عبدالله حمدوك لرئاسة وزراء السودان.
ذلك التمهيد لعودة حمدوك رئيسًا لوزراء السودان، أثارته تقارير محلية نشرت خلال الساعات الأربع وعشرين الماضية، كاشفة عن اتجاه البلد الأفريقي لتشكيل حكومة كفاءات وطنية، بعيدة عن المحاصصة الحزبية، وسيكون على رأسها قيادات ليس لديها انتماء سياسي.
وفيما بات من المقرر إعلان الحكومة في غضون الأيام القليلة المقبلة، وسط دفع المجتمع الدولي وقيادات محلية الأمور نحو هذا الخيار، أملا في حلحلة الانسداد السياسي الحالي، كشفت تقارير محلية عن أن التيجاني السيسي أبرز المرشحين لتولي منصب نائب رئيس الوزراء إلى جانب إمكانية عودة عبد الله حمدوك رئيسًا للحكومة.
حكومة كفاءات
هذا السيناريو أشارت إليه صحيفتا "اليوم التالي" و"الجريدة" السودانيتان، واللتان أكدتا أن المكون العسكري يسعى لتشكيل حكومة كفاءات وطنية خلال الأيام المقبلة، بناء على رغبة المجتمع الدولي، فيما رُشح حمدوك رئيساً لها، والتيجاني السيسي رئيس حزب التحرير والعدالة، نائباً له.
وكان اتفاق سياسي بين ائتلاف الحرية والتغيير وقيادة الجيش في السودان عام 2019، قاد حمدوك إلى رئاسة الحكومة في أغسطس من العام نفسه، لكنه غادر منصبه على خلفية قرارات قيادة الجيش السوداني في 25 أكتوبر عام 2021 ثم عاد رئيسا للوزراء بعد أقل من شهر.
إلا أنه مع استمرار فشله في حل الأزمة السياسية التي يعاني منها السودان، لم يجد سوى تقديم استقالته في 2 يناير الماضي، ليعود الحديث مجددا عن إمكانية عودته رئيسا لحكومة السودان.
وحول فرص تحقق ذلك السيناريو، قال القيادي في الجبهة الثورية، الدكتور محمد إسماعيل زيرو، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن مخرج الأزمة السودانية بعد مرور عام على قرارات 25 أكتوبر 2021، يكمن في استمرار المكون العسكري في السلطة، حال فشل توافق القوى الثورية والأحزاب، وتشكيل حكومة بالطريقة التي يراها مناسبة.
وأوضح السياسي السوداني، أن المكون العسكري أظهر "زهده" في السلطة، مشيرًا إلى أن إجراءات العام الماضي كانت تهدف لإنهاء هيمنة قوى سياسية على السلطة، ومنح الفرص للجميع للمشاركة.
وأشار إلى أن "غياب الاتفاق بين المكونات المدنية على رؤية حول كيفية استلام السلطة، وإدارة الانتقال، يمنح المكون العسكري الفرصة للاستمرار في حكم البلاد".
توافق سياسي
إلا أن المحلل السياسي السوداني الفاتح عثمان، توقع في تصريحات لصحيفة "اليوم التالي" السودانية، اتفاق القوى السياسية على صيغة توافقية تسمح بتشكيل حكومة توافق سياسي بقيادة مدنية قريباً، مع بقاء المكون العسكري في مجلس أعلى للأمن والدفاع حتى نهاية الفترة الانتقالية.
وأوضح عثمان، أن استمرار المؤسسة العسكرية على رأس السلطة التنفيذية يعود إلى اختلاف القوى السياسية وعدم قبول الآخر، مما دفع المبعوث الأممي إلى مطالبة القوى السياسية السودانية، وخاصة قوى الحرية والتغيير، بضرورة التحلي بالمرونة للتمكن من تكوين حكومة توافق سياسي.
تلك الرؤية كانت "الحرية والتغيير" على النقيض منها؛ فالقيادية بالقوى وعضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر السوداني، عبلة كرار قالت في تصريحات صحفية، إنه على المكون العسكري التنحية جانبًا عن الشأن السياسي، مشيرة إلى أن تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء أو أعضاء مجلس السيادة مهمة القوى السياسية الموقعة على الاتفاق السياسي.
أستاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري سهير صلاح، طالبت أصحاب المبادرات بدعم تشكيل حكومة المهام المحددة لحفظ سلامة البلاد، مشيرة إلى أنه بينما ترك المكون العسكري الأمر السياسي للقوى المدنية، فشلت الأخيرة في توحيد صفوفها، واتجهت إلى المنافسة "غير المحمودة".
من جانبه، قال المحلل السياسي السوداني عبدالقادر محمود، إن غياب الإجماع بين الفرقاء السياسيين الوطني حول مسودة إعلان دستوري جديد، جعل المكون العسكري أكثر حظاً في الاستمرار في حكم البلاد، رغم موجات الاحتجاج والإضرابات المستمرة.