”رسائل النار ”.. التدريبات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تثير مخاوف الخصوم والحلفاء
عبر منطق التحالف والقوة وتوجيه الرسائل بالقدرة على الحسم العسكري ودعم الحلفاء والتلويح بالمواجهة جاءت التدريبات العسكرية التي تجريها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لأول مرة منذ عدة سنوات، والتي من المقرر أن تستمر حتى بداية شهر سبتمبر المقبل، وأثر ذلك على حلفاء الولايات المتحدة وخصومها في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، خاصة كوريا الشمالية والصين.
وتأتي التدريبات بين "واشنطن" و"سول" في وقت بلغت فيه التوترات بين الولايات المتحدة والصين ذورتها بشأن تايوان، كما أن الأوضاع تزداد سوءًا في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، وانشغال الدول الأوروبية بأزمة الطاقة والصراع الروسي الأوكراني، ومكافحة دول العالم للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأجرت الولايات المتحدة تلك التدريبات بهدف استعراض القدرات العسكرية لكوريا الجنوبية في البر والبحر والجو وحتى في الفضاء، في مواجهة كوريا الشمالية، وكذلك لتقويض تحركات الصين في المنطقة التي تهدد اليابان، وتايوان، وأستراليا.
وفي هذا السياق، أدان زعيم كوريا الشمالية "كيم جونج أون" التدريبات العسكرية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، واستغلها للدفاع عن امتلاك بلاده للأسلحة النووية والبرامج الباليستية، وخلال العامين الماضيين، توقفت كوريا الشمالية عن إجراء تجارب نووية؛ بسبب تفشي جائحة "كورونا"، وقبل الجائحة، فشلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" في نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية.
ورغم ما توجهه كوريا الشمالية من ضغوط كبيرة؛ بسبب انتشار جائحة "كورونا" والتضخم العالمي، لا تزال تهدد كوريا الجنوبية وعادت لإجراء تجارب نووية؛ لذا تحاول الولايات المتحدة من خلال تلك التدريبات طمأنة حلفائها في المنطقة، خاصة "سول".
ويجدر الانتباه إلى أن كوريا الشمالية تحاول في الوقت الحالي التقرب من الكرملين من أجل الحصول على المساعدة للخروج من الأزمة الاقتصادية، وفي المقابل تعهدت "بيونجيانج ينج" بتقديم الدعم العسكري للقوات الروسية في ظل الصراع مع أوكرانيا، ووعدت بتدريب المدنيين الروس، وردًا على ذلك أكدت كوريا الجنوبية أنها خلال البرنامج التدريبي مع الولايات المتحدة ستجري تدريبا للتثقيف المدني بهدف تعرفيهم بكيفية الرد على أي هجوم وتقديم الدعم اللوجستي للجيش عند الحاجة.
و بالنظر إلى الوضع في أوكرانيا، وأهمية الطائرات بدون طيار في ساحة المعركة، شددت الولايات المتحدة على تدريب الجيش في كوريا الجنوبية على استخدام الطائرات بدون طيار المتقدمة، والتعاون المدني العسكري، والدفاع الجوي ضد الهجمات التي يتم إطلاقها على البنية التحتية، ونقاط ضعف الدبابات والمركبات والمدرعات لدى الخصوم.
و خلال التدريبات الماضية، كانت كوريا الجنوبية تشارك بقوة عددها يتجاوز 200 ألف جندي، فيما تشارك الولايات المتحدة بحوالي 30 ألف جندي، لكن ما يختلف هذا العام أن الولايات المتحدة قررت زيادة عدد القوات، وقررت تدريب الأسطول الأمريكي السابع الذي يقع في اليابان، والسفن البرمائية الواقعة في منطقة "ساسيبو" اليابانية.
وشجع وجود حكومة "يون سوك يول" التي تولت قيادة كوريا الجنوبية خلال الفترة الماضية، الولايات المتحدة على إجراء تلك التدريبات، وسبب ذلك أن حكومة "يول" تخطط لزيادة قوتها الدفاعية وتعمل على امتلاك التقنيات العسكرية الجديدة، سواء من الولايات المتحدة أو الدول الغربية الأخرى.
الجدير بالذكر أن حكومة "يول" كانت قد عرضت على حكومة كوريا الشمالية أن تقدم لها الدعم الاقتصادي مقابل نزع السلاح النووي، كما تعهد "يول" بتقديم مساعدات لكوريا الشمالية، مثل: الغذاء، والزراعة، والبنية التحتية، والشؤون الصحية، لكن "كيم أون" رفض مقترح الدعم الذي تقدمت به حكومة "سول"، وأكد على ضرورة رفع العقوبات التي تعيق النمو الاقتصادي.
وختاما، لا تزال كوريا الشمالية تجري تجارب صاروخية، وقد أجرت تجربة لصاروخ بالستي عابر للقارات لأول مرة منذ خمس سنوات خلال هذا العالم؛ لذا ينبغي على الولايات المتحدة أن تستمر في دعم كوريا الجنوبية من أجل حماية حلفائها في المنطقة.