فايننشال تايمز: كيف أثرت حرب أوكرانيا على القطاع الدفاعي الأوروبي؟
• منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، أعلنت الدول الأوروبية عن زيادات في الإنفاق الدفاعي تبلغ قيمتها حوالي (200) مليار يورو.
• يجب أن تكون أوروبا حريصة على ألا تتسبب عبر مساعيها نحو تعزيز قدراتها الدفاعية في التشكيك في أهمية الشراكة الأمريكية لها.
• انضمام السويد وفنلندا للناتو سيُعزز المساعي نحو تكثيف التكامل العسكري الأوروبي.
تناولت صحيفة (فايننشال تايمز) دفع الحرب في أوكرانيا للحكومات الأوروبية إلى تعزيز الإنفاق الدفاعي بعد سنوات من تقليصه؛ إذ حفزت الحرب الجهود المبذولة لتعزيز مكانة أوروبا كقوة عسكرية عالمية متماسكة.
وأشارت الصحيفة إلى تزايد المقترحات الرامية نحو تكثيف التعاون في البرامج العسكرية وتبسيط تصنيع الأسلحة، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ذلك الاندفاع الأوروبي سيتحقق على أرض الواقع أم لا. بالإشارة إلى تصريحات وزير الدفاع الهولندي بشأن وجود تعهدات مماثلة من قبل لكنها لم تتحقق، إلا أنه يعتقد أن الوضع الراهن قد يدفع نحو المضي قدمًا في تنفيذ تلك التعهدات.
وسيتعين إنفاق جزء من هذه الزيادات في الإنفاق العسكري على زيادة رواتب القوات المسلحة، وتجديد مخزونات الأسلحة المستنفدة في محاولة مساعدة أوكرانيا، قبل النظر في إمكانية تمويل الأجهزة والمعدات العسكرية الجديدة.
كل هذا يأتي بالإضافة إلى تزايد الإنفاق على المعدات العسكرية الأمريكية، وهو ما يُشعر القائمين على الصناعات العسكرية الأوروبية بالقلق؛ حيث تتزايد المخاوف بشأن تقويض الامتياز التكنولوجي الأوروبي لصالح نظيره الأمريكي على المدى البعيد، بما قد يؤدي إلى إضعاف الصناعات الدفاعية الأوروبية أمام مثيلتها الأمريكية، وهو ما قد يضر بالتكامل الأوروبي.
جدير بالذكر أنه منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، أعلنت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن زيادات في الإنفاق الدفاعي تبلغ قيمتها حوالي (200) مليار يورو.
وبالنظر للاتجاه العام للإنفاق العسكري الأوروبي على مدار السنوات الماضية، فقد تقلص ذلك الإنفاق، ثم ارتفع بين عامي 1999 و2021 بنسبة (20%) فقط للكتلة الأوروبية إجمالًا، مقارنة بالولايات المتحدة التي ارتفع فيها الإنفاق العسكري خلال الفترة نفسها بنحو (66%) وروسيا بنحو (292%) والصين بنحو (592%).
وكشفت الحرب أيضًا عن افتقار أوروبا للاستعدادات العسكرية على الصعيد القاري؛ حيث سارعت دول القارة للعثور على مئات الدبابات وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة والمدفعية من المخزونات الوطنية للمساعدة في ردع التقدم الروسي، وهذه المخزونات تنفد الآن.
وهناك تحدٍ سياسي آخر يتعلق بنظرة دول الكتلة الأوروبية للسياسات الدفاعية والعسكرية باعتبارها أمرًا يتعلق بالسيادة الفردية للدول ولا ينبغي الانصياع فيه لتوجهات "بروكسل"، وهو تحدٍ كان من الصعب تجاوزه على مدار السنوات الماضية.
في غضون ذلك، يجب أن تكون أوروبا حريصة على ألا تتسبب عبر مساعيها نحو تعزيز قدراتها الدفاعية في التشكيك في أهمية الشراكة الأمريكية لها؛ فالروابط عبر الأطلسي ما تزال ضرورية من أجل تعزيز تنافسية الصناعات العسكرية الأوروبية.
كما من شأن انضمام السويد وفنلندا للناتو أن يُعزز المساعي نحو تكثيف التكامل العسكري الأوروبي عبر ذلك الحلف؛ إذ لن يكون هناك سوى أربع دول فقط من الكتلة الأوروبية خارج حلف الناتو، وبالتالي يمكن للدول الأوروبية أن تمضي قدمًا نحو العمل العسكري المشترك ومنع المزيد من التشرذم ومعالجة أوجه القصور الحالية.