النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 07:36 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

بسبب غاز بوتين.. الضغط الأوروبي على روسيا في خطر

تواجه أوروبا تراجعا اقتصاديا خطيرا، مع انخفاض الإنتاج الصناعي والأجور الحقيقية بسرعة وإغلاق المصانع في الصناعات الرئيسية مثل المواد الكيميائية والصلب والآلات، وذلك يرجع إلى الزيادة السريعة في أسعار الطاقة والتي ترجع جزئياً إلى القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي على واردات الطاقة الروسية واستجابة الرئيس بوتين التي أدت إلى تباطؤ الصادرات بشكل أكبر، من هنا تسعى أوروبا لإيجاد البديل، فمن يكون إفريقيا وثروتها النفطية أم أمريكا؟.

وفي هذا الشان يرى توماس دوستربيرج خبير الاقتصاد والسياسة الدولية، أن الأزمة الاقتصادية تهدد الدعم السياسي الأوروبي لأوكرانيا في حربها مع روسيا، ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد في تخفيف الأزمة المرتبطة بالطاقة في أوروبا، ولكن فقط إذا تحولت إدارة بايدن بسرعة إلى دعم أكثر اتساقا للإنتاج المحلي.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه من الصعب التقليل من التأثيرات السلبية المترتبة على عدم تلبية احتياجات الطاقة الأوروبية، فالتحذيرات بأن روسيا قد تقطع إمدادات الغاز الأوروبية بالكامل بحلول شتاء 2023 تؤدي إلى تفاقم مخاطر انقطاع التيار الكهربائي وترشيد الطاقة في جميع أنحاء أوروبا، كما دفعت ألمانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي إلى البدء بشكل استباقي في تنفيذ تدابير تخفيف الأزمة، مثل تقنين إمدادات الغاز للمصنعين.

وأضاف دوستربيرج أن أوروبا إذا واجهت شتاءً قاسياً من دون توفير التدفئة الكافية لمواطنيها، فإن الاستياء السياسي الناتج عن ذلك يهدد بتقويض العزيمة الأوروبية في دعم أوكرانيا، التي أصبحت موضع شك بالفعل في أوروبا الغربية وتتضاءل في الشرق، علاوة على ذلك، يؤثر ارتفاع تكاليف الطاقة والندرة بشكل عام سلبًا على الإنتاج الصناعي الأوروبي، حيث انكمش بنسبة 1% في مارس ونمو بنسبة 0.3% فقط في أبريل، شهد الإنتاج في منطقة اليورو انخفاضًا بنسبة 2٪ في أبريل، وبشكل عام، من المرجح أيضًا أن يؤدي الانكماش الاقتصادي الأوروبي إلى زيادة احتمالات الركود العالمي.

على الرغم من سنوات من التحذير من الأميركيين، ظلت أوروبا تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية، حيث كان مصدر 45٪ من غاز الاتحاد الأوروبي و 27٪ من النفط و40٪ من واردات الفحم من روسيا في عام 2021، ومنذ الحرب في أوكرانيا، شهد شمال غرب أوروبا انخفاض بنسبة 80% في صادرات الطاقة الروسية بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي وتخفيضات الإمدادات التي فرضتها روسيا، علاوة على ذلك، فإن الهدف الأوروبي الجديد المعلن في خطة الاتحاد الأوروبي REPower للوصول إلى الاستقلال عن الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2030 يزيد من مخاطر أزمة الطاقة المحتملة الناجمة عن عجز أسواق الطاقة الصديقة سياسيا عن زيادة الإنتاج بالقدر الكافي لتلبية الطلب.

وعن إمكانية دخول إفريقيا في إنقاذ أوروبا من خطر نقص مصادر الطاقة، قال الدكتور أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية، إن إفريقيا تتمتع بمزايا تجعلها في وضع فريد لتلبية حاجات أوروبا من الطاقة، وخدمة استثماراتها واقتصاد دولها، إذ يتوقع أن يبلغ إنتاج الغاز في القارة ذروته عند 470 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، إلا أنه اتضح أن هذا الارتفاع في أسعار الغاز سوف يدفع بالحكومات الأفريقية إلى اعتبار الغاز الطبيعي الكامن في الأرض بمثابة فرصة ذهبية، من دون مراعاة للعواقب البيئية جراء استخراجه وتهديد ثرواتها الطبيعية باستهلاكه ثم نفاده بسرعة.

وحاولت إدارة بايدن زيادة صادرات الطاقة لمساعدة الحلفاء الأوروبيين. وارتفعت نسبة صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية الموجهة إلى أوروبا من 34% إلى 74% في عام 2022، وقفزت شحنات النفط الشهرية إلى أوروبا إلى أعلى مستوى لها منذ نصف عقد، ومع ذلك تظل سياسة الطاقة الحالية التي ينتهجها بايدن تعارض بشكل واضح زيادة إنتاج الوقود الأحفوري ومعالجته، وبالتالي تقيد بشدة القدرة على المساعدة في تخفيف أزمة الطاقة المتصاعدة في أوروبا.


سوف تتحمل الولايات المتحدة وأوروبا ثمنا اقتصاديا باهظا، وهو إن النمو الأضعف في الغرب من شأنه أن يقوض الدعم لمقاومة أوكرانيا لروسيا، . ومن دون زيادة إنتاج الولايات المتحدة وصادراتها إلى أوروبا، فسوف تستمر في مواجهة مشاكل مدمرة بشأن مصادر الإمدادات وستصبح معتمدة بشكل متزايد على قدرة الصين المتنامية على تصدير المنتجات النفطية المكررة باستخدام النفط الروسي بسعر مخفض للحصول على ميزة تنافسية.