وول ستريت جورنال: ارتفاع حاد بأسعار الوقود في إفريقيا يثقل كاهل المواطنين
• تعيش العديد من الدول الإفريقية وضعًا اقتصاديًّا صعبًا، حيثُ يُكافح ملايين الأفراد للحصول على المتطلبات الأساسية للعيش في ظل الارتفاع الهائل في أسعار النفط
• الارتفاع الحاد في أسعار النفط أدى إلى إجهاد مختلف القطاعات والشركات إلى جانب زيادة أعباء المعيشة
• قامت العديد من الحكومات الأفريقية بصياغة حزم تحفيزية للمساعدة في كبح الأسعار المرتفعة
قالت "وول ستريت جورنال" إن أسعار النفط العالمية التي تشهدها غالبية الدول الإفريقية تشهد ارتفاعًا حادًا، على الرغم من الاحتياطات الهائلة من النفط الخام التي تتمتع بها هذه الدول، وناقشت الصحيفة في تقريرها تداعيات هذا الارتفاع على الاقتصادات في جميع أنحاء القارة الإفريقية التي تعتمد في تلبية احتياجاتها النفطية بالكامل تقريبًا على الواردات.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن العديد من الدول الإفريقية يعاني وضعًا اقتصاديًّا صعبًا؛ حيثُ يُكافح ملايين الأفراد للحصول على المتطلبات الأساسية للعيش في ظل الارتفاع الهائل في أسعار النفط. على سبيل المثال في أوغندا والكاميرون،، يقضي الآلاف من سائقي الشاحنات أسابيع عالقين على الطرق السريعة والمعابر الحدودية نتيجة نقص الديزل وأنواع الوقود الأحفوري الأُخرى.
كذلك، يصطف السائقون في كينيا لساعات طويلة للحصول على الوقود، كما أن الأوضاع في نيجيريا لا تختلف كثيرًا؛ حيثُ هددت شركات الطيران بإيقاف جميع الرحلات الداخلية نتيجة ارتفاع أسعار وقود الطائرات بشكل حاد.
وبشكل عام، تشهد القارة الإفريقية ارتفاعًا حادًا في أسعار النفط، الأمر الذي أدى إلى إجهاد مختلف القطاعات والشركات الاقتصادية بدول القارة، إلى جانب زيادة الضغط على ميزانيات المستهلكين المثقلة بالفعل جرّاء ارتفاع أسعار المواد الغذائية المتصاعدة والاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن استمرار تداعيات جائحة "كوفيد-19".
وعلى الرغم من امتلاك إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما يُقدر بنحو 125 مليار برميل من احتياطات النفط الخام، فإنه يتم تصدير جميع النفط المنتج تقريبًا ثم استيراده مرة أخرى كوقود مكرر بأسعار أعلى بكثير، الأمر الذي جعل كثير من البلدان الإفريقية معرضة بشكل خاص للزيادات الحادة في أسعار الوقود العالمية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية، وغالبًا لا تأتي هذه الدول في مقدمة خطوط استيراد الوقود، حيثُ تقوم المصافي النفطية الكبرى بإعطاء الأولوية للأسواق الكبرى في البلدان المتقدمة خاصةً في ظل حالات ارتفاع الطلب.
وفي مواجهة ارتفاع أسعار النفط في عموم القارة الإفريقية، قامت العديد من الحكومات بصياغة حزم تحفيزية للمساعدة في كبح الأسعار المرتفعة، لا سيما الحكومة الكينية التي قامت بزيادة الإعانات وخفض معدلات الضرائب على الوقود لخفض الأسعار المرتفعة، إلا أن ذلك أدى في الوقت نفسه إلى مزيد من التآكل في الميزانيات المنهكة بالفعل.
تجدر الإشارة إلى أن دول إفريقيا جنوب الصحراء تعتمد على الوقود المستورد لتلبية أكثر من 90٪ من الطلب المحلي، حيثُ تنتج المصافي في القارة نحو 400 ألف برميل يوميًا، وفقًا لبيانات من شركة استشارات الطاقة "سيتاك" (CITAC) التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، فإن عدم الكفاءة والافتقار إلى الاستثمارات المناسبة لتطوير البنية التحتية يعني أن المصافي الحالية تعمل بأقل من 30٪ من طاقتها المُثلى.
على الجانب الآخر، يتسبب نقص الإمدادات بشكل حاد في نيجيريا -بوصفها أكبر مُصدِّر للنفط الخام في إفريقيا جنوب الصحراء والأكثر اكتظاظًا بالسكان- في عرقلة تشغيل أي من المصافي الأربع المملوكة للدولة في البلاد نتيجة مشكلات الصيانة والافتقار إلى الاستثمارات الكافية لتأهيل هذه المصافي وفقًا لشركة النفط الوطنية النيجيرية، كما أن المصافي الصغيرة المملوكة للقطاع الخاص لا تلبِ سوى 1٪ من احتياجات الطاقة في البلاد.
وفي السياق، وعلى الرغم من تمتع الكاميرون بالعديد من المواني البحرية التي تعد نقطة العبور الرئيسة للإمدادات إلى الدول المجاورة غير الساحلية (مثل: جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد)، فإن هذه المواني تقطعت بها السبل بمئات الشاحنات على طول الطرق السريعة في الأسابيع الأخيرة.
أيضًا، تُكافح زامبيا -أحد أكبر منتجي النحاس والكوبالت في إفريقيا- للإبقاء على مصفاة "إنديني بتروليوم" الوحيدة التي تبلغ طاقتها 24 ألف برميل/ يوميًّا مستمرة في الإنتاج خاصة بعد أن تخلت شركة النفط الفرنسية "توتال إنرجي" عن حصتها للحكومة قبل عقد من الزمان، إلا أن الحكومة الزامبية أعلنت أبريل الماضي نيتها التوقف عن تكرير الوقود في نهاية العام الجاري لصالح استيراده نتيجة نقص الاستثمارات وعدم كفاءة مصافي التكرير.
جدير بالذكر أن تأثر دول القارة الإفريقية بأسعار الوقود المرتفعة يأتي نتيجة انخفاض مستويات الدخل بشكل عام، بالإضافة إلى انخفاض قيمة العملات الوطنية في العديد من الدول الإفريقية الأُخرى مما دفع الملايين للكفاح ضد ارتفاع أسعار الوقود، والذي يتحدد سعره وفقًا لسعر صرف الدولار الأمريكي.