النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 08:03 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

روسيا تفرض سيطرتها على البحر الأسود وتضع الاقتصاد الأوكراني في أزمة

يحتاج حلف شمال الأطلسي إلى تسليح أوكرانيا حتى تتمكن من صد البحرية الروسية وإنهاء قبضة فلاديمير بوتين الخانقة على الاقتصاد الأوكراني والإمدادات الغذائية العالمية، وبعد أكثر من شهرين على القتال، تقترب القوات الروسية من هدفها المباشر المتمثل في السيطرة على شرق أوكرانيا، ويأمل بعض الزعماء الأوروبين في إقناع بوتين بضرورة السماح بصادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، لتجنب أزمة عالمية. وتشير التجارب السابقة إلى أنه في حين أن روسيا قد توقف هجومها، فإن القتال والحصار يمكن أن يستأنف في أي وقت، ولتجنب الوقوع رهينة لدى موسكو، تحتاج أوكرانيا إلى القدرة على السيطرة على موانئها البحرية.

في هذا الشأن أوضح بريان كلارك خبير العمليات البحرية والحرب الإلكترونية في معهد هدسون الأمريكي، أن الصواريخ الأمريكية الأطول مدى قد تساعد في وقف التقدم الروسي في دونباس، لكن على البحر الأسود، لن تُحدِث صواريخ هاربون الدنماركية التي وصلت حديثاً أي فرق ضد السفن الحربية الروسية وسفن الدعم المدنية التي يبلغ عددها عشرين سفينة دون توجيهها في الوقت الحقيقي، وعلى الرغم من أن بعض خدمات الأقمار الصناعية التجارية تدعم أوكرانيا، إلا أنها لا تستطيع توفير التوقيعات الرادارية أو المرئية أو الأشعة تحت الحمراء وبيانات الموقع المحدثة التي تحتاجها الصواريخ لضرب أهدافها بدلاً من السفن المدنية، وحتى مع الاستهداف القابل للاستخدام، فإن سفينة "هاربون" التي يبلغ طولها 70 ميلاً لن تصل إلا إلى موانئ أوديسا، مما يترك السفن الأوكرانية عرضة للخطر أثناء عبورها مسافة 230 ميلاً المتبقية بين أوكرانيا ومضيق البوسفور التركي.

ولفت إلى أن توفير كمية صغيرة من صواريخ "هاربون" لن يعالج التحدي الأكثر أهمية الذي يواجه الشحن الأوكراني، وهو الغواصات الروسية الأربع المحسنة التي لا تزال في البحر الأسود، وبعيدًا عن الجلوس على الهامش، فقد ورد أن غواصة أطلقت صواريخ كروز الشهر الماضي أصابت مركز تدريب أوكراني، وباستخدام طوربيداتها أو صواريخها المضادة للسفن، يمكن لهذه الغواصات الروسية أن تمنع الوصول إلى الموانئ البحرية الأوكرانية.

وأضاف بريان أن مع غياب أجهزة الاستشعار والأسلحة التي يمكن أن تصل عبر البحر الأسود، تسعى الولايات المتحدة وحلفاء آخرون في حلف شمال الأطلسي إلى اتباع مسارات أخرى لربط صوامع الحبوب والمصانع الأوكرانية بالدول الجائعة في الخارج، لكن هذه الطرق، بما في ذلك خطوط السكك الحديدية والطرق عبر رومانيا وبولندا، لا يمكنها أن تحمل سوى جزء صغير مما يمكن أن ينتقل عن طريق البحر، ويعوقها اختلاف معايير السكك الحديدية والقيود الجمركية والهجمات الروسية .

وأردف خبير العمليات البحرية، بدلاً من الاعتماد على الحلول البديلة، يتعين على أوكرانيا أن تكسر الحصار الذي تفرضه روسيا، وعلى الرغم من أن بوتين عرض استعادة الوصول البحري لأوكرانيا، إلا أن الثمن على الأرض أو تخفيف العقوبات قد يكون باهظاً، وقد يتمكن من استئناف الحرب دون سابق إنذار، وقد يكون العرض أيضاً خدعة لإقناع قوات كييف بإزالة الألغام المحيطة بأوديسا، مما يسمح لروسيا باستئناف عملياتها البرمائية في جنوب أوكرانيا.

فيما يرى وليام شنايدر محلل لاقتصاديات الحروب، أن هناك اقتراح من السياسيين الأوروبيين والقادة الأمريكيين السابقين هو مرافقة السفن التجارية الأوكرانية عبر البحر الأسود في تكرار لعملية الإرادة الجادة خلال الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، ومن غير المرجح أن يحظى هذا النهج بقبول زعماء الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، ستحتاج تركيا إلى الموافقة على دخول السفن الحربية الخارجية إلى البحر الأسود، وهو مغلق الآن أمام السفن العسكرية التابعة لدول غير البحر الأسود، وبالنظر إلى أن السفن التجارية قد غرقت بالفعل قبالة سواحل أوكرانيا، فمن المؤكد تقريبًا أن قوات الناتو وروسيا ستدخل في صراع مباشر، وهو تصعيد قال الرئيس بايدن إنه يريد تجنبه.

وأضاف شنايدر أنه يجب على الولايات المتحدة وحلفائها استغلال تفوقهم التكنولوجي والإبداع العملياتي لأوكرانيا في نهج جديد لمرافقة السفن التجارية وإزالة الحصار، وبدلاً من تعريض السفن الحربية وأطقمها للخطر والمخاطرة بمواجهة مباشرة مع روسيا، ينبغي لحلف شمال الأطلسي أن يعمل على تمكين أوكرانيا من تسليح الطائرات بدون طيار يمكنها أن تكمل الأسطول الأوكراني الحالي للعثور على السفن الروسية التي تقترب من ممرات الشحن وتوفير استهداف لبطاريات صواريخ هاربون على الشاطئ.


ويتعين على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أن يتحركا من مجرد إبقاء أوكرانيا في القتال ومساعدتها في تقديم احتمال الخسارة لبوتين في البحر، وما دامت موسكو قادرة على احتجاز الاقتصاد الأوكراني والإمدادات الغذائية العالمية كرهينة، فسوف يعتقد بوتين أنه يستطيع دائماً الحصول على صفقة أفضل، إن إظهار إمكانية كسر حصارها لروسيا قد يجعل قادة البلاد يدركون أن نهاية حقيقية للحرب هي خيارهم الأفضل.