النهار
الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 09:45 صـ 5 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

أبو الغيط: نخشى نسيان وتجاهل أزمة المنطقة العربية في ظل الوضع الدولي الراهن

أكد الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط حرص الجامعة العربية على تعزيز آليات العمل مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن لخدمة القضايا الراهنة ومواجهة التحديات العالمية .
وقال أبو الغيط في كلمته امام جلسة مجلس الأمن التي عقدت اليوم حول التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية
ان المجلس ينظر اليوم موضوع التعاون بين الأمم المتحدة والجامعة العربية بينما يمر النظام العالمي بمنعطف تاريخي ربما يكون الأخطر منذ انتهاء الحرب الباردة.. حيث يتصاعد الصراع بين القوى العالمية على نحوٍ ينذر بمخاطر عديدة أمنية وسياسية واقتصادية وغيرها.
واضاف أبو الغيط إننا نأسف كثيراً لهذا الوضع ونتمنى أن تتمكن القوي الدولية من التوصل الي حلول وتسويات تحقق مصالح جميع الأطراف بما يحقن الدماء وبما يحقق متطلبات الأمن للجميع في ظل الالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وحسن الجوار وبما يقي العالم من تداعيات كارثية علي اقتصادات الدول النامية أو المستوردة للغذاء والنفط.
كما نتمنى أيضاً ألا يكون لهذا الوضع التصادمي الكبير آثاراً سلبية علي تناول مجلس الأمن للقضايا والأزمات علي مستوي العالم عموماً وعلي مستوي المنطقة العربية علي وجه الخصوص.
وتابع ابو الغيط : اننا لدينا خشية كبيرة من أن يتم نسيان أو تجاهل أزمات المنطقة العربية في وسط هذا الوضع الدولي المتوتر، فهذه الأزمات لن تجد طريقها للحل من تلقاء نفسها، بل ربما يزيدها هذا الوضع الدولي اشتعالاً وتعقيداً لافتا الى إن المنطقة العربية لا زالت تُعاني من تبعات الهزة الكبرى التي تعرضت لها في عام 2011.. وثمة صراعات ما زالت مشتعلة في داخل الدول، مثل سوريا وليبيا واليمن... مع كل ما يفرضه ذلك من كلفة إنسانية، واستنزاف اقتصادي، وتهديد للأمن الإقليمي في منطقتنا.

ونبه ابو الغيط الى أن التطورات على الساحة الدولية جعلت الكثيرين في المنطقة العربية ينظرون إلى معاناة الشعب الفلسطيني بعينٍ جديدة، إذ امتدت هذه المعاناة لما يزيد على السبعين عاماً ما بين القمع واللجوء وانتهاك الحقوق والحريات.. من دون أفق حقيقي للحل.
و لقد أقر هذا المجلس مبدأ "الأرض مقابل السلام" وصيغة الدولتين كأساس لحل الصراع التاريخي في فلسطين، وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، وإقامة وطن مستقل للفلسطينيين يعيشون فيه بسلام جنب إلى جنب مع دولة إسرائيل على حدود الرابع من يونيو 1967، ولكن ما زال الطرف القائم بالاحتلال يراوغ ويرفض الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب الفلسطيني على أساس المحددات المُقررة دولياً وأممياً.. وذلك برغم النداءات التي أطلقها الرئيس الفلسطيني أمام هذا المجلس في الأعوام 2018 و2020 وأمام الجمعية العامة في 2021 ومطالبته السكرتير العام بعقد قمة تحت رعاية الأمم المتحدة لإطلاق المفاوضات المباشرة.
و إن النظام الدولي، كما نتصوره ونصبو إليه، لا يُمكن أن يقوم على المعايير المزدوجة أو التمييز. ولذلك فإننا نطالب كافة القوي الدولية أن تتحمل مسؤولياتها التي ألزمها بها ميثاق الأمم المتحدة في التعامل مع كافة القضايا والأزمات بمسطرة واحدة من فرض احترام القانون الدولي ومبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

ولفت أبو الغيط الى أنه في سوريا، يمر الوضع بحالة من التجميد... مع تعطل المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.. وتدهور حاد للوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين في كافة أنحاء البلد... سواء في المناطق التي يُسيطر عليها النظام، أو تلك التي تتحكم فيها قوى أخرى وان هذا الوضع ليس قابلاً للاستمرار، لأنه ينطوي على معاناة غير محدودة للملايين من السوريين... ولدينا تخوف حقيقي من احتمالات تأثير الصدام الدولي الحالي وارتداداته السلبية على الساحة السورية.
وفي ليبيا، يعود شبح الانقسام ليُطل من جديد، في ظل استمرار تواجد الميلشيات والقوات الأجنبية والمرتزقة التي توافقنا جميعاً على ضرورة رحيلها عن البلاد في مؤتمري برلين 1 و2.. وبدعم مجلس الأمن ، ونؤكد هنا أن التدخل الأجنبي في الأزمة الليبية يُسهم في تعقيدها وتصلب مواقف أطرافها، وإطالة أمدها وإننا نرغب في رؤية الشعب الليبي قادراً علي أن يختار بحرية ممثليه عبر صناديق الاقتراع في انتخابات نزيهة مستعرون للمشاركة في مراقبتها في أقرب وقت ممكن.
وفي اليمن... ما زالت الميلشيات الحوثية ترفض مبدأ التفاوض والتسوية السياسية للأزمة، وتلجأ عوضاً عن ذلك لتهديد الجيران في المملكة العربية السعودية والامارات الامارات العربية المتحدة بالمسيرات والصواريخ الباليستية ، مشيدا في هذا الصدد بقرار مجلس الأمن 2624، الذي جرى اعتماده بجهد واضح من الإمارات العربية المتحدة، والذي فرض المزيد من العقوبات على الحوثيين، مع تصنيفهم كمنظمة إرهابية.. وأكد أن الحل السياسي يظل السبيل الوحيد لمعالجة الحرب في اليمن، وضمان تكامل التراب الوطني لهذا البلد، وعدم استخدامه كمنصة من قبل قوى إقليمية بعينها لتهديد جيرانه.
كما اكد ابو الغيط أن التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للدول العربية مستمرة من دون انقطاع منذ أكثر من عقد من الزمان... ولدى الدول العربية العديد من الشواغل حيال السياسة الإيرانية في الإقليم، خاصة في حال توصلها إلى اتفاق مع مجموعة (5+1) حول برنامجها النووي.. الذي يُمثل تهديداً للأمن والسلم، في الإقليم والعالم لافتا الى أنه يتعين دعم كافة الجهود في المؤتمر الاستعراضي القادم هذا العام لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.. وفي المؤتمر الذي يُعقد في الأمم المتحدة بهدف التوصل لاتفاقية لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.. من خلال المزيد من الالتزام بهذا الهدف من جانب الدول النووية، وخاصة تلك الدول التي تبنت قرار عام 1995 حول الشرق الأوسط في مؤتمر تمديد ومراجعة المعاهدة.
ومن ناحية أخرى، فإن السياسة الإيرانية لا زالت تُمارس تدخلات غير مرحب بها في عدة دول عربية.. كما يمثل برنامجها الصاروخي مصدر قلق مشروع للعديد من دول الجامعة.. و اوضح ان الدول العربية تسعى إلى علاقات حسن جوار مع ايران على أساسٍ من الاحترام المتبادل لسيادة الدول والامتناع عن التدخل في شئونها، وفي إطار يُحقق الأمن للجميع في هذا الإقليم... لكن ما زال هذا الهدف، للأسف، بعيد المنال.

واضاف اننا في الوقت الذي تحرص فيه الجامعة العربية على تعزيز آليات الشراكة مع الأمم المتحدة من خلال اجتماعات التعاون العامة، فإننا نتطلع للمزيد من التعاون المتبادل مع مجلس الأمن في المجالات العديدة المنصوص عليها في البيانات الرئاسية رقم 5 لعام 2019 المعتمد تحت رئاسة دولة الكويت، ورقم 2 لعام 2021 المعتمد تحت رئاسة الجمهورية التونسية.
ووجه الشكر بشكل خاص للرئاسة الأيرلندية لمجلس الأمن لشهر سبتمبر 2021 على حرصها على تنفيذ ما تضمنه البيان الرئاسي الأخير.. وعقدها جلسة وزارية خاصة ناجحة للمجلس علي هامش الشق رفيع المستوي للجمعية العامة مع ترويكا القمة العربية علي المستوي الوزاري.
وقال ابو الغيط ان الجامعة العربية لاستمرار هذا التقليد مع الرئاسة الفرنسية للمجلس في سبتمبر 2022... وللاستمرار في تنفيذ كل ما ورد في هذه البيانات الرئاسية، بما في ذلك اتمام الزيارات الميدانية لمجلس الأمن إلى جامعة الدول العربية، وإيلاء المزيد من الاهتمام لمشاركة الشباب والمرأة في جهودنا المشتركة لتحقيق السلم والأمن الدوليين، في اطار من الدعم المُقدر من الأمم المتحدة لقدرات الجامعة العربية في هذا المجال الحيوي.
كما اعرب عن تطلع الجامعة لاعتماد بيان رئاسي جديد نتيجة لهذا النقاش، وبما يكفل المزيد من تعزيز التعاون الدولي والإقليمي للتصدي للتحديات الإقليمية والدولية.
وأشار في هذا الصدد إلى ما توليه الجامعة من أهمية بالغة لتدريب الشباب في جامعة الدول العربية والعالم العربي بوجه عام، ولتأهيله لتولي المسئوليات الجسام التي ستقع عليه في المستقبل، مؤيدا اقتراح السكرتير العام في "أجندتنا المشتركة" للارتقاء بوضعية المبعوث الخاص للسكرتير العام للشباب وتعزيز سلطته واختصاصاته، وربما البدء في النظر، حسبما اقترحت بعض الدول، في إقامة وكالة أو منظمة متخصصة للشباب على غرار منظمة الأمم المتحدة للمرأة UN-Women تعزيزاً لدور الشباب الرئيسي في النهوض بمجتمعاتنا العربية، وحيا في هذا الصدد رزان العقيل سفيرة الأمم المتحدة للشباب وأول سفيرة لبلادها في مؤتمر الأمم المتحدة للشباب،
واضاف ان رؤساء الدول والحكومات في احتفالهم بالذكرى الخامسة والسبعين على تأسيس الأمم المتحدة تعهدوا بأن يفوا بوعودهم للأجيال القادمة، وأن يجعلوا من عام 2021 عاماً للتغيير، وحدد الإعلان اثني عشر مجالاً من مجالات العمل الدولي متعدد الأطراف كمركزٍ لهذا التغيير، جميعها من المجالات التي تقع في قلب محاور التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية.
وإننا، في جامعة الدول العربية، نرى أن الزخم الإيجابي الذي خلقه تقرير السكرتير العام جوتيريش "أجندتنا المشتركة" هو السبيل الأوفق للانتقال بالمجتمع الدولي إلى آفاق أرحب من العمل المشترك.. إذا ما صدقت النية وتوافرت الإرادة السياسية، وإذا تخلينا عن التمسك بالماضي ونظرنا إلى مصالحنا المشتركة في المستقبل.
ورحب هنا بتشكيل السكرتير العام للمجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالتعددية الفعالة، متطلعا إلى توصياته لتعزيز وتطوير العمل الجماعي متعدد الأطراف.
واضاف إننا في جامعة الدول العربية نتطلع لانعقاد "قمة المستقبل" التي اقترحها السكرتير العام العام القادم، ونؤكد على استعدادنا للقيام بدور فاعل في الإعداد لها ضماناً لمستقبل الأجيال القادمة …مستقبل مشرق، يقوده الشباب مدعوماً بخبرة الاجيال السابقة، وبرؤى ذاتية تحقق الأهداف وتحافظ على الخصوصيات الحضارية للمجتمعات العربية، وتضمن المساواة في الحقوق والواجبات … وسنظل على عهدنا والتزامنا بالدفع قدماً بهذه الشراكة الاستراتيجية بين مجلس الأمن والجامعة العربية وصولاً لأهدافنا المشتركة.