شعبان خليفة يكتب : «وحش» جمال أبو القديم
الأديب جمال أبو القديم قاص وروائى سبق أن صدر له عدد من الأعمال الأدبية المتميزة منها رواية "صرخة موسى" ورواية "من يرحم إبراهيم؟" ورواية "مملكة الشر" وكذلك مجموعة قصصية بعنوان "لا تلمس الوهم"، وأخيرًا صدر له مجموعته القصصية "الوحش" عن دار وعد للنشر والتوزيع والمجموعة متفردة فى فكرتها، فهى تشريح معاصر للعالم والوطن والنفس والذات والمعقول واللا معقول.. عملية إبحار مثيرة ومليئة بالمخاطر حول فكرة الحياة ولماذا الحياة؟ والموت ولماذا الموت؟ وهل الحياة حقيقة؟.
والمجموعة تضم أربع عشرة قصة وسيكون لى لاحقًا قراءة نقدية منهجية فى كل المجموعة ولغتها الشعرية وفنيات السرد والوصف والحوار لكن فى هذه السطور أتوقف عند "الوحش" الذى يحكم العالم ويدير كل الملفات. يمارس جمال ابو القديم السيطرة على العالم عبر التكنولوجيا خاصة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، فعبر قصة الوحش التى تحمل المجموعة عنوانها يصرخ "جمال أبو القديم" ربما أعلى صرخة أدبية فيما كُتب بالعربية من أدب ضد المؤسسة العالمية التى تدير العالم وتمسك بكل الملفات بإحكام ومهارة منذ بداية الأربع عشرة قصة التى ضمتها مجموعة الوحش "قصة نهى" أنت أمام اختلاط الخيال والواقع.. الممكن والمستحيل.. المعقول واللامعقول تمهيد ليدخل بك الى عالم الوحش الذى يبدأ باجتماع طويل وشاق بحضرة الجميع باستثناء "بهنس" الذى ذهب لمهمة خطيرة لن تتكشف إلا فى نهاية القصة التى تقع فى عشر صفحات.
يبدأ عرض الملفات التى هدفها التيقين من أن العالم تم سلب عقله ليفكر بعقل الوحش فقط الذى خطط ونفذ لسلب عقول الناس.
البداية كانت بالملف الثقافى حيث تم تغير ثقافة الناس بمنعهم من القراءة التى هى حياة .. باختصار يقول أبو القديم على لسان رجل الوحش "الكتاب مات أو فى طريقة للموت".
ثم ينتقل لعرض ملف التعليم ليلخص ما آل إليه الحال وفق مخطط الوحش "التعليم أصبح عبئا ثقيلا بل ثقيلا جدا على كل عناصره..." يقول ممثل الوحش "جعلنا التعليم وباختصار عبارة عن شفرة بلا رموز ولغز بلا حل الكتب بلا فهم والأسئلة بلا فهم والمحصلة النهائية عدم الفهم".
ثم ينتقل بنا ابو القديم للملف الاجتماعى الذى وصل للكبار والصغار وكافة المستويات لدرجة أن 90% حسب مسئول الملف فى مؤسسة الوحش أصبحوا يعانون " العزلة والوجدة والموت الإكلينيكى". لقد صار مندوب الوحش هو البديل الجذاب والرائع للأم والأب والأخ والصديق والزوج والزوجة. يقول مسئول الملف فى مؤسسة الوحش "أطحت بالكل بعيدًا وصرت أنا الكل.. دفنت الإنسان القديم وخلقت فيهم إنسانًا جديدًا بلا هوية وبلا انسانية فككت الأسرة وسأظل أفكك..". أما مسئول الملف السياسى ففى عرضه حسم الأمر "كل شىء صار تحت ايدينا.. كل الملفات.. تم التحكم فى مصير الدول والحكام والشعوب.. أصبحنا أوصياء على كل حكام الأرض وشعوبها".
ورغم كل هذه الانجازات طالب الوحش قادة المؤسسة ببذل مزيد من الجهد، وأخيرًا وصل "بهنس" من مهمته عاد يحمل الكائن العجيب الذى يتحور ويتبدل فى ثوان، وتكلم ليعلن "سأبث الرعب فى نفوس البشر، كل البشر سأحصد أرواح الملايين من كل دول العالم بلا رحمة، سأغلق الدول كل الدول، وسأجعل مدنهم كمدن الأشباح والشوارع بلا ناس والبحار بلا شطآن..." ويسأل الوحش الكائن الغريب: ما اسمك؟ فيرد كورونا فيصافحه الوحش بحرارة قائلًا: عاشت الأسماء يا سيد كورونا.